الثلاثاء,24 تشرين الثاني 2015 الموافق 12 صفر 1437هـ
بقلم إبراهيم عواضة - (اللواء)
تلقى الاقتصاد اللبناني عامة والقطاع المالي والمصرفي خاصة دعماً معنوياً مركزياً في غضون الأيام القليلة الماضية، كان بحاجة ملحة إليه، وذلك بعد الضربات السلبية المتتالية التي تلقاها منذ نحو الأربع سنوات بسبب الأزمة السياسية المحلية، كما بسبب تداعيات الأزمة السورية.
الدعم المعنوي الذي تلقاه الاقتصاد جاء من بوابتين رئيسيتين: الأولى من بوابة المجلس النيابي عبر اقراره سلّة القوانين المالية قبل نحو الأسبوع، وهي القوانين التي طالبت بها مجموعة العمل المالي «غافي». اقرار هذه القوانين وقبل نهاية العام 2015 ساهم في إبقاء لبنان في قلب المعادلة المالية المصرفية العالمية، ذلك ان التأخير في اقرارها كان يُهدّد سلامة الاستقرار المالي في البلد وسلامة القطاع المصرفي، وهذا التهديد قد لا يفهم مخاطره وأبعاده إلا مَن هم في موقع القرار المالي في لبنان، وتحديداً مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة الخبير والعليم بخبايا ما يتم «طبخه» في المطاعم المالية الدولية.
البوابة الثانية التي تمّ من خلالها رفد الاقتصاد بجرعة دعم إيجابية جاءت من اتحاد المصارف العربية الذي نجح في استضافة أكبر واهم تظاهرة مصرفية ومالية عربية ودولية يومي الخميس والجمعة الماضيين من خلال تنظيمه فعاليات المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2015.
وقد شكّل الحضور الكثيف، ونوعية هذا الحضور، الذي تجلى في المؤتمر، جرعة دعم للبنان ولقطاعه المصرفي والمالي، وأكد على جملة من الثوابت منها:
1- استمرار ثقة المجتمع المالي والمصرفي والدولي ببيروت كعاصمة للقرار المالي في المنطقة رغم الأزمة السياسية التي يمر بها لبنان منذ نحو أكثر من سنتين.
2- دعم وتعاطف المجتمع المالي والمصرفي العربي والدولي مع لبنان في مواجهته الإرهاب التكفيري، سيما وأن مؤتمر اتحاد المصارف العربية انعقد بعد أقل من أسبوعين على جريمة التفجيرين الارهابيين اللذين طالا ضاحية بيروت الجنوبية.
3- شكلت المشاركة الخليجية في المؤتمر، إن لجهة رفعة التمثيل، أم لناحية العدد علامة فارقة ومميزة، في وقت لا تزال دول مجلس التعاون الخليجي تفرض الحظر على سفر رعاياها إلى لبنان. هذه المشاركة هي تأكيد على قرار الدول الخليجية الإبقاء على ترك جسور التواصل مفتوحة مع لبنان، وتالياً عدم تخليها عن دعمه في الوقت المناسب وعند الضرورة.
4- وجّه المؤتمر رسالة دعم قوية للبنان وأرسى مظلة حماية ستترجم مفاعيلها الإيجابية في قابل الفترة القصيرة المقبلة.
5- أعاد انعقاد هذا المؤتمر، وبالحشد الذي جمعه، الثقة إلى أهل الحكم في لبنان، كما منحهم القوة، وهذا ما ترجم بما جاء على لسان راعي المؤتمر رئيس الحكومة تمام سلام الذي رأى في هذا الحشد المالي والمصرفي العربي في بيروت بمثابة الرد المباشر والمؤثر على أدوات الاجرام الإرهابية، وتجديد ثقة العرب والعالم بلبنان وبعاصمته بيروت «لنقول للقتلة العاملين للفتنة: فشلتم».
وجدير بالذكر ان مؤتمر اتحاد المصارف العربية حظي بمشاركة أكثر من 800 شخصية قيادية عربية ودولية من وزراء ومحافظي بنوك مركزية ورؤساء مؤسسات مالية من 26 دولة وبحضور غربي ملفت من البنك المركزي الفدرالي الأميركي، والبنك الأوروبي للانشاء والتعمير، ومؤسسة التمويل الدولية، إضافة إلى وفد كبير من الصين.
وساهم رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه في لعب دور كبير في عملية التحضير لعقد المؤتمر، وتالياً لضمان نجاحه وذلك من خلال تجنيده كل علاقاته العابرة للحدود مع مصادر القرار المالي والمصرفي العربي والدولي لضمان أوسع وأرفع مشاركة في المؤتمر، وذلك بهدف رفد بيروت بعناصر القوة التي تحتاج إليها في هذه المرحلة الصعبة التي يواجهها لبنان.
وإلى جانب طربيه كان للأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح، وكالعادة، دوره المميز والمركزي في توفير كل عناصر النجاح للمؤتمر، حيث أمضى فتوح أكثر من شهر في التجوال على مراكز القرار المالي والمصرفي العربي والدولي بهدف حثّهم على الحضور إلى بيروت، وتقديم الدعم لعاصمة لبنان «التي كانت ولا تزال، كما يقول فتوح، عاصمة العرب وعاصمة القرار المالي والمصرفي في المنطقة».