محمد علوش - خاص النشرة
"الاجر" هو ما يميز "العامل"، وصفة "العامل" تُطلق على الذين يقومون بعمل ما مقابل أجر، فالامران متلازمان. العمل والاجر، لذلك لا يمكن لأحد ان ينال أجرا دون عمل. لحظة، ففي لبنان كل شيء ممكن، والنائب اللبناني ينال اجره دون عمل، وكي لا نظلم الجميع سنقول بأن الكثير من نوابنا يقبضون من أموالنا، دون ان يعملوا ليستحقوا الاموال.
من سمع على سبيل المثال لا الحصر بقانون مقدم من النائب عن كتلة "المستقبل" عقاب صقر، او من النائب عن كتلة "التغيير والاصلاح" جيلربت زوين التي نعرفها من كمية "المزاح والانتقادات" التي تطالها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرهما الكثير من النواب الذين اقصى ما يقومون به هو حضور "الافراح" و"الاتراح" لتمثيل سائق "البوسطة" الذي اتى بهم نوابا. واللائحة تطول.
يتساءل اللبناني وهذا حقه المشروع عن سبب "بلائه" هذا، فالنائب يتقاضى 11 مليون ليرة، من ضمنها 2.5 مليون مساعدة اجتماعيّة من مجلس النواب لأنّ مخصّصاته وتعويضاته الاساسيّة المحدّدة في القانون هي 8.5 ملايين ليرة، وكل ذلك لعدد منهم "دون عمل"، فلم لا يتم حرمان النائب الذي لا يعمل من أجره؟
ما علينا سوى العودة للقانون الداخلي لمجلس النواب الّذي يحدد القواعد التي يجب السير عليها ليحتفظ النائب بعضويته وبالتالي تعويضه، وتحديدا في الفصل العاشر منه(1)، ويتبين بعد الاطلاع على المواد ان القانون يعاقب النائب فقط ان تغيب عن الجلسات العامة دون عذر ولا يوجد اي مواد تراقب عمله خارج دورات الهيئة العامة. وتقول مصادر مطلعة لـ"النشرة" ان محاسبة النائب تكون عبر صناديق الاقتراع، فالناس هي الحكم وهي من لها الحق بتقييم عمله، وهذا ما حُرمت منه عبر التمديد مرتين للمجلس النيابي وبالتالي لا يوجد اي وسيلة اليوم لمحاسبة النواب.
ولكن حتى القانون الداخلي لمحاسبة المتغيبين من النواب لا يطبق، والمثال الصارخ هنا هو "النائب" عقاب صقر، اذ ان أبو سعد تغيّب عن جلسات المجلس النيابي بما يفوق المرّتين المحددتين في المادة 61 من القانون الداخلي لمجلس النواب، بكثير، وبالطبع فإن عذره "بمساعدة الثورة السورية" أو تقديم "البطانيات والحليب للسوريين" لم يُقدّم ولم يسجل في قلم المجلس كما هو محدد بالقانون، وهنا تتساءل المصادر: "لماذا لم يطبق القانون بشأن صقر، ولماذا تستمر الدولة اللبنانية بتحويل راتبه له؟"
المجتمع المدني تحرك!
تحركت مجموعات المجتمع المدني للمطالبة بوقف رواتب النواب والوزراء، اذ ان كلفة التمديد للنواب منذ التمديد الاول حتى اليوم بلغت 82 مليار ليرة حسب ما تقول الناشطة في حملة "بدنا نحاسب" نعمت بدر الدين. وفي هذا السياق تستغرب المصادر "وقاحة" المسؤولين في الدولة اللبنانية والذين لا يقيمون اي اعتبار للقوانين، وتسأل: "لو توقفت رواتب القطاع العام في هذا الشهر كما هوّل علينا المسؤولون، هل كانت توقفت رواتب النواب ايضا؟ هل كان حاكم مصرف لبنان سيقبض أجره المحدد بـ40 مليون ليرة لبنانية شهريا والذي هو اعلى من المعدل العام العالمي لرواتب رؤساء المصارف؟ وهل كانت رواتب اعضاء هيئة ادارة النفط في لبنان ستتوقف ايضا، مع الاشارة الى ان هؤلاء الذين يديرون "قطاع النفط المتوقف" والذين يكاد يكون عملهم مقتصرا على "تمرير الوقت"، ينالون تعويضا شهريا هو 22 مليون ليرة يضاف اليه 3 ملايين تعويض سكن و3.6 ملايين تعويض الامتناع عن العمل، للعضو منهم؟" كذلك الامر بالنسبة للوزراء وخاصة اولئك الذين تخلوا عن مهامهم ورفضوا الاستقالة، فما الذي يبرر لوزير البيئة محمد المشنوق مثلا ان يدخل لحسابه مبلغ 12 مليونًا و973 ألف ليرة هذا الشهر وهو أصلا تخلى عن مسؤولياته في أحلك الظروف؟، تسأل المصادر.
كل هذه الاجور المرتفعة هي لموظفي دولة "مديونة" والانكى ان بعض هؤلاء الموظفين لا يعملون مقابل أجورهم، والقوانين التي وُضعت لمراقبة هؤلاء لا تُطبق، وحق الناس بالمحاسبة تم الغاؤه، وما "يزيد الطين بلة" هو رواتب واجور النواب والرؤساء والوزراء السابقين فهم يكلفون الخزينة العامة ما يزيد عن 55 مليار ليرة سنويا.
إضافة للوضع المالي السيء يعاني لبنان من وضع سياسي اسوأ فغياب رئيس الجمهورية عطّل الحياة السياسية واقفل المؤسسات، وايجابيته الوحيدة هي توفيره على خزينة الدولة ما يزيد عن 225 مليون ليرة "التعويض السنوي للرئيس"، دون احتساب تكاليف السفر وغيرها وأكبر شاهد على ذلك ولم يمضِ وقت على انتهاء مدّة خدمته الرئاسيّة ميشال سليمان الّذي كلّف خزينة الدولة اللبنانية اكثر من غيره من الرؤساء دون نتيجة.
(1)الفصل العاشر: حضور الجلسات والتغيّب
- المادة 61
لا يجوز للنائب التغيّب عن أكثر من جلستين في أي دورة من دورات المجلس العادية والاستثنائية إلا بعذر مشروع مسبق يسجل في قلم المجلس.
- المادة 62
في حال اضطرار النائب للتغيب بغير مهمة رسمية وبصورة مستمرة عن اكثر من جلسة واحدة عليه أن يقدم طلباً إلى قلم المجلس يبين فيه أسباب التغيب ويعرض هذا الطلب على المجلس لأخذ العلم في أول جلسة يعقدها.
- المادة 63
عندما لا يتم عقد جلسة بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني يضع مدير شؤون الجلسات جدولاً بأسماء النواب المتغيبين بدون إذن أو عذر. وتدرج أسماء المتغيبين في محضر الجلسة التالية.