فادي الجميل :القطاع الصناعي قادر على التحرك السريع واقتناص الفرص الملائمة لتحسين وضعه والمطلوب .. صناعة مع قيمة مضافة
السبت 30 آب 2014، آخر تحديث 09:17 رولى راشد - (النشرة)
على مرّ الاحداث المحلية والاقليمية، تبقى انظار المراقبين للاوضاع الاقتصادية في لبنان متجهة نحو الصناعة التي استطاعت في الفترات الماضية تحقيق قفزات نوعية،ساهمت في تحريك النمو رغم الضغوطات المتنوعة،بعد دخولها بكل فخر الى اسواق خارجية جديدة. ويبدو اليوم انه رغم الاجواء الملبّدة في المنطقة وحالة الاستقرار المسيطرة على لبنان ثمة فرصة جديدة لهذه الصناعة التي تشكل اكثر من 18% من الناتج المحلي في ولوج اسواق جديدة، سيما في روسيا التي اعلنت عن مقاطعة الاستيراد من كل من اوروبا والولايات المتحدة الاميركية بسبب الازمة الاوكرانية .
وعلى وقع "ربّ ضارة لغيرنا هي نافعة لنا" ما هو وضع الصناعة اللبنانية اليوم التي تسابق سائر القطاعات في النهوض السريع من الازمات والضربات والانكماش ؟ وهل ستدخل المنتجات اللبنانية الى السوق الروسي في ظل المنافسة الموجودة من قبل بلدان الجوار؟
رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين الدكتور فادي الجميل اوجز "لموقع النشرة الاقتصادية" واقع هذه الصناعة التي تحتاج الى مقاربة اقتصادية شاملة، تستفيد منها اسوة بغيرها من القطاعات الانتاجية والخدماتية وقد دعا اليها في اكثر من مناسبة .
ويقول الدكتور الجميل :ان صادرتنا الصناعية هي متنوعة وتطال كل الدول وحتى منها الاسواق الاكثر تطلباً مثل اميركا واوروبا واليابان وغيرها... وفي المطلق عندما يصدر الاوروبيون الى روسيا فيعني ذلك اننا نستطيع بدورنا التصدير اليها. هذه فرصة اكيدة سيما لعدة قطاعات صناعية في لبنان مثل المأكولات، النبيذ،المعدات التقليدية، مستحضرات التجميل،المولدات الكهربائية،الآلات الصناعية مثل محولات النقل والتحويل، الفضيات،الادوية والمستحضرات الطبية، الموادالكيميائية ، الالبسة، الدهانات ، الورق الصحي ، السيارات المتخصصة مثل سيارات الاسعاف وسيارات الاطفاء وغير ذلك...
وانا لاادعي معرفة حاجة السوق الروسي ولكني متأكد اننا نملك كل القدرات لكسب هذه الفرصة. ونحن في جمعية الصناعيين نعّول على جهود عميدنا جاك صراف الذي هو قنصل روسيا في لبنان لمعرفة حاجة هذا السوق وللتحضير لدخوله.
مقاربة اقتصادية اجتماعية شاملة
وعن المقاربة الاقتصادية الجديدة التي تحفّز الاقتصاد والتي يطالب بها يقول :انها تقضي بانشاء هيئة طوارئ اقتصادية والدعوة الى حلول شاملة ضمن منظومة اقتصادية واجتماعية في الوقت نفسه. ففي لبنان قدرات وخبرات وافية ، وطاقات بشرية لا مثيل لها. كما ان النجاحات اللبنانية موجودة ومنتشرة في كل بلدان العالم وفي كل الاختصاصات. وقد اثبت اللبنانييون عن جدارة وعناية كبيرتين في كل الميادين وحتى ايضاً في مواجهة الصعوبات والتحديات المتتالية.
هذا الى جانب طاقة مالية غير موجودة في بلد آخر. فموجودات المصارف تصل الىحوالي 167ملياردولار وبالنسبة الى لبنان هذا الرقم ضخم ،فيما انه بالمقابل من غير المسموح ان لايتعدى حجم الاقتصاد الـ 45 مليار دولار كما هو عليه لانه حجم ضعيف قياساً على القدرات.
لذلك يجب تفعيل الاقتصاد واطلاق النمو. فلبنان قادر على هذا. وقد اثبت القطاع الصناعي انه يتمّتع بمناعة ذاتية وهو قادر على الصمود فضلا عن قدرته المميزة لاجتذاب السياح والاجانب الى جانب تأمين التواصل مع اللبنانيين في بلدان الانتشار.
ونذكر في هذا الصدد انه في تشرين الثاني 2011 وبعد الازمة الماليةالعالمية طرحنا سلسلة اجراءات تحفيزية للاقتصاد تقضي بضخّ 3% من حجمه في كل القطاعات لتفعيلها. وقد قام "المركزي" بضخّ ما يعادل الفي مليارليرة في قطاعات معينة في آواخر 2012.فلبنان بعد مؤتمر الدوحة حقق نمواً بنسبة 9% . وهذا يشير الى ان الاقتصاد قادرعلى النهوض تحت اي ظروف قاسية.
واذكر انني عندما طرحت هذه الفكرة كان الانكماش الاقتصادي قد بدأ بالظهور نتيجة الازمة السورية وقلت لان هذه الازمة ستطول من الضروري اتخاذ خطوات محلية. وطوّرنا الفكرة الى موضوع لبننة الاقتصاد ، تخفيض الضريبة على القيمة المضافة على السلع المعمّرة، ازالة رسم التأجير على الشقق لذوي الدخل المتوسط والمنخفض، مساندة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، معالجة قضية الطاقة المكثفة والمكلفة لبعض الصناعات خصوصا وانها تشكل 6،5% من سعر المبيع لحوالي 4033مؤسسة وقد تتعدى ال 35% في بعض المؤسسات الصناعية.
ولا ننسى ان هذه الصناعات الخضراء تؤمن فرص العمل لزهاء 7آلاف فرد. والصندوق الاستثماري الذي تحدثت عنه هو بكلفة 30 مليون دولار سنويا.
اذا انا دعوت الى: - تزويد الصناعيين بتحفيزات تمكنهم من ان يكونوا على مستوى "الايزو"ومستوى بيئي ملائم.
- خلق حركة سياحية حول الانتشار اللبناني عن طريق تنظيم مؤتمرات متخصصة للاطباء في الخارج.
باختصار نحن امام خيارين : اما الانتظار وترك الاقتصاد على حاله واما اخذ المبادرة.
والكل يعلم انه رغم كل المشاكل والضغوطات لم يتراجع النمو كثيرا في لبنان بل بقي على 1%.علما انه في فرنسا ومع كل الجهود المبذولة تتحقق هذه النسبة. اذاً المطلوب مبادرة اقتصادية شاملة تحرّك الاقتصاد وتربطه بالانتشار اللبناني.
التصنيع مع القيمة المضافة
وحول الصناعات الواجب الاعتماد عليها في هذه المرحلة يعتبر الجميل انه من الصعب الحكم في هذا الموضوع . ويشير الى انه في البرنامج الذي اعده الوزير الشهيد بيار الجميل تم لحظ 3 انواع من الصناعات ؛ منها ما هو ناجح بوجود طاقة انتاجية مبدعة يرافقها عمل مميز مع القليل من المعاناة في موضوع كلفة الطاقة التشغيلية . وقطاعات اخرى تحتاج الى المتابعة . وهناك تفاوت كبير بين هذه المؤسسات ؛ وبعض المؤسسات اقفلت بسبب العوائق والاكلاف الاضافية التي يتكبدها اصحابها . وثمة قطاعات يجب على اصحابها اعادة النظر بدورها.
كنا نعمل في جو فيه انتاج وفير من السلع مقابل سوق صغيرة. وهناك صناعات تراهن على اسعار الكلفة. من هنا يجب التصنيع مع القيمة المضافة و والاعتماد على السوق المتطلبة ، ذات الذوق الرفيع بعد الاستعداد لها . اي يجب تصنيع السلع المؤهلة للدخول الى اسواق المنافسة.
ولإرتدادات الوجود السوري في لبنان على الصناعة وجهان برأي الدكتور الجميل فهو يعتبر ان بعض الصناعات قد استفاد من هذا الوجود الكثيف وذلك بعد ارتفاع حجم الاستهلاك المحلي، الا انه في المقابل سجّل تراجع الاغراق في السوق اللبناني من جراءالاستيراد السوري، وهذا كان ينافس الصناعة اللبنانية في عقر دارها. اما في الوجه الاخر، فان هذه الازمة التي بدأت انسانية اخذت منحا آخر مع قيام بعض المصانع السورية بنقل معداته والعمل في لبنان بعيدا عن الانظمة والقوانين المطبقة على الصناعة اللبنانية . وهذه المصانع بدأت تزاحم الصناعات اللبنانية وخصوصا الموجودة منها في البقاع. ونحن نعرف ان لبنان بلد استثمار حر ولكن هذا لايعني السماح في العمل والتصنيع خارج اطارالقوانين والانظمة والرخص المفروضة،في جو من المضاربة وبعيدا عن المنافسة المشروعة.
وفي موضوع اليد العاملة الاجنبية في القطاع الصناعي نفى الدكتور الجميل وجودها لافتا الى ان هناك قطاعات اخرى غير صناعية تعتمد عليها بغياب اليد العاملة اللبنانية. وقد اصبحت هذه الحالة منتشرة في الفترة الاخيرة.
التصدير الى العراق
وفي موضوع التصدير الى العراق في هذه المرحلة، في ضوء الاحداث الجارية بعدما سجل تصدير نحو 280 مليار دولار في العام 2013، مما جعل العراق الشريك السادس او السابع للبنان ومن البلدان القليلة التي هناك فائض تجاري معها اكد الدكتور الجميل انه قبل التوترات الامنية الاخيرة كان التصدير الى العراق يسجل نسبة 30% من نسبة التصدير . والعراق هو السوق الاهم والاول لبعض القطاعات الصناعية آملاً ان تنتهي هذه المشاكل الآنية بسرعة خصوصاً وان ثمة اكلافاً جديدة في النقل يتكبدّها المصدر مقابل منافسة تركية قوية للبضائع اللبنانية . وقال : السوق العراقي مفتوح امام لبنان لاسيما بعد دخول الاستثمارات اللبنانية الى اربيل حيث نتوقع ان يعود الاستقرار الى هذه المنطقة في اقرب وقت ممكن مما يسمح لسائر المستثمرين اللبنانيين وبينهم الصناعيين مواصلة اعمالهم ، سيما واننا اعتدنا كلبنانيين على ادارة الازمات.
اما فيما خص توقعاته لحجم الصادرات الصناعية نهاية العام الحالي، لفت الى صعوبة معرفة الرقم بعدما سجل التراجع في الفترة القليلة الماضية بسبب الاحداث الامنية واثقا ً من قدرة القطاع على التحرك السريع واقتناص الفرص اللاءمة لتحسين وضعه خصوصاً انه ضاعف حجمه بشكل لافت في عام 2005.