.. فهل ينجح قزي حيث فشل وزراء العمل أسلافه؟
- رولى راشد -
تزامناً مع استلام اي حكومة جديدة للملفات الادارية ومباشرة الغوص في مشاكلها، يستبشر المواطن خيراً ويأمل في ان تعالج الامور بجدية، لاسيما في المرافق الخدماتية الحساسة التي تعنيه في معيشته وصحته.
ولعلّ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المفترض ان يكون صمام الامان لعدد كبير من اللبنانيين هو احد ابرز هذه المرافق التي تحتاج الى اعادة تنظيم ، انطلاقاً من القوانين التي ترعى عمله مروراً بالهيكلية الادارية التي تدير شؤونه وصولاً الى التقديمات المتوفرة والواجب توّفرها بما يسمح له بتوسيع شريحة المستفيدين منه.
وهذا الاسبوع كان تصريح وزير العمل سجعان قزي بعد مشاركته في اجتماع مجلس ادارة الضمان الاجتماعي لافتا في الاعلام ، حيث اكد انه لايمكن للضمان الاجتماعي المؤتمن على الامن الصحي والاجتماعي للبنانيين البقاء على ما هو عليه، سواء من ناحية عمل مجلس الادارة او ناحية آلية التعيينات التي تفتقر في الكثير منها الى الكفاءة والجدارة. والوزير قزي الذي طالب مجلس الادارة بالتفرّغ لتطوير الضمان واصلاحه وعدم التلهي بامور السفر بعد ان طاف الفساد في عدد من المراكز تارة من جراء فضائح براءة الذمة والتفتيش ، وطوراً في عمليات الاختلاس ، ذهب الى ابعد من ذلك عندما حدد 8 آب موعدا لخلوة تناقش فيها كل هذه الامور. ووفق بعض المعلومات ، قد يرافق هذه الخلوة اقتراح للوزير قزي سيرفعه الى مجلس الوزراء ويقضي بتعيين اعضاء جدد في مجلس الادارة بدلا من العضوين الذين قدما استقالتهما وهما ممثلا الدولةالى الطلب بانتحاب اعضاء جدد بدل الذين يقاطعون جلسات المجلس.
وزير العمل سجعان قزي
وفي اتصال اجراه موقع "النشرة الاقتصادية" مع الوزير قزي قال: اذا كان ثمة تغّيب لبعض اعضاء مجلس ادارة الضمان عن الاجتماعات فهذا لايعني ان المجلس لايقوم بواجباته ، وانما هو بحاجة الى تفعيل والى اعطائه الديناميكية اللازمة. فالاعضاء الذين يقاطعون الاجتماعات والذين قدموا استقالتهم يجب الاتصال بهم وحثّهم على العودة والحضور .
وانا على يقين بان بين هؤلاء اشخاص من اصحاب الخبرة والكفاءة . لقد التزموا هذا الموقف لانهم اشمئزوا من الاوضاع السائدة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، خصوصاً وان كل من يحاول معالجتها توضع العراقيل بوجهه.
واضاف: سنحاول اذاً الاتصال بهم واذا اصروا على موقفهم سنطلب من الهيئات التي يمثّلون بتسمية البديل. لا أريد استباق الامور . سنعقد خلوة في آب لمناقشة كل هذه الامور وسنخرج بتوصيات لمشروع اصلاحي كبير.
مصدر مسؤول
وفي هذا السياق،اعتبر مصدر مسؤول في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ان موقف الوزير قزي هو طبيعي ومجلس الادارة يوافق على كل طروحاته. وشرح واقع مجلس الادارة الحالي الذي يؤمن الاستمرارية القانونية منذ 6 سنوات . وقال : لا يمكن ترك هذا المرفق العام بدون مجلس ادارة حتى لو انتهت ولايته ، وذلك وفقاً لاحكام مجلس شورى الدولة وهيئة الاستشارات والتشريع.
ومن المعلوم ، ان مجلس الادارة مؤلف من 26 عضوا : بينهم 10 اعضاء منتخبين عن العمال و10 اعضاء منتخبين عن ارباب العمل "2 يمثلان الجمعيات التجارية، 2 يمثلان الصناعيين ، ممثل عن قطاع السياحة،ممثل عن القطاع الصحي، ممثل عن اصحاب الحرف والافران، ممثل عن المدارس والمهن الحرة، ممثل عن المصارف وآخر عن قطاع التأمين".
وقد جرى انتخاب عضوين جديدين عن الصناعيين منذ 4 اشهر هما هاني ابو جودة وغازي يحيا الذي اعيد انتخابه. وكذلك في القطاع التجاري تم انتخاب كل من منير طبارة وايلي شلهوب.
وكان المفترض ان يتم استكمال هذه الانتخابات التي تمت باشراف وزارة العمل في باقي القطاعات الاان الظروف الامنية والسياسية لم تسمح بذلك. واشار الى ان القانون يسمح بانتخاب اصحاب العمل والعمال على ان تتم المصادقة على ذلك من قبل مجلس الوزراء. اما في ما يتعلق بممثلي الدولة ال6 فيتم تعيينهم في مجلس الوزراء بناء لاقتراح من الوزير المختص اي وزير العمل .
ولقد سبق تعيين 6 اعضاء منذ 6سنوات استقال منهم اثنان هما مروان اسكندر واكرم نجار الا ان المجلس واصل عمله. والجدير ذكره هنا ان تعيين هؤلاء يتم كل 4سنوات.
وكان من الطبيعي ان يسفر غياب المستقيلين في المجلس عن الافتقار في النصاب القانوني خصوصاً ان اي قرار ليأخذ طريقه الى التنفيذ يستوجب التصويت عليه من قبل 16عضواً بينهم 6 عن العمال و6 عن ارباب العمل الى جانب 4 ممثلين عن الدولة.واي غياب للاعضاء مثل غياب كل من انطوان واكيم ومكرم صادر فضلا عن ممثل الافران يعطلّ القرارات المتخذة.
واذ اعتبر المصدر نفسه ان ان وزير العمل اكد اهمية دعم قرارات مجلس الادارة والمديرية العامة في مواجهة الفساد والتدخلات السياسية كشف عن اتجاه لدى الوزير لتفعيل دور هذا المجلس بعد تأمين حضور دائم بما يمهّد للانتاجية في مجال التطوير الاداري، واستكمال اعمالالمكننة لتسريع معاملات المضمونين وبالتالي تحديث الخدمات. وقال: حالياً يتم اعداد الاوراق استعداداً للخلوة المرتقبة.
ورأى المصدر ان الثغرات الموجودة اليوم في ادارة الضمان مرتبطة بشكل اساسي بالنقص الحاصل في الموارد البشرية حيث ان الصندوق يعمل مع ملاك يضم 1100موظف فقط بينما الحاجة الفعلية هي الى 2200 موظف؛ اي انه يعمل بنصف طاقته الانتاجية.
وحول استراتيجية الضمان الاجتماعي في مجال التقديمات اكد المصدر ان الهدف يبقى توسيع مظلة الضمان ليشمل كل اللبنانيين . وهذا يحتاج الى قرار سياسي جامع. اما بعد فمن الواضح ان الضمان الاجتماعي كغيره من القطاعات الخدماتية يعاني من تدخلات سياسية معقّدة، ينهكه الفساد وتعطل تحديثه المصالح الشخصية والفردية.
على مر السنوات الاخيرة، اعدت المشاريع الاصلاحية من اجله الا انه في كل مرة كانت تصطدم بمن يعطلّها ليبقى الصندوق رهن التجاذبات القائمة. وبدل من السير في استحداث فروع تقديمات جديدة وتفعيل الفروع العاملة مدت اليد اكثر من مرة على صندوق تعويض نهاية الخدمة لسد العجز في فرع المرض والامومة.
النهوض بالضمان الاجتماعي ليس سهلا ولكنه ايضا ليس برامج اصلاحية فقط ،بل قرار سياسي بامتياز. فهل ينجح وزير العمل سجعان قزي في تخطي كل المطبات التي اوقفت كل وزراء العمل السابقين ؟