15 شباط 2013 الساعة 12:08
عندما التزم لبنان تطبيق مبادىء الامم المتحدة بالمساواة الاجتماعية، ترجمها بقانون الضمان الاجتماعي الذي بوشر تنفيذه في اول ايار 1965 لفرعي تعويض نهاية الخدمة والتعويضات العائلية. فالضمان المبني على مبدأ التكامل والتضامن بين البشر يهدف إلى توسيع متواصل لشمولية حماية الافراد ولاسيما على صعيد الضمان الصحي ورفع مستوى خدماته. لكن حتى تاريخه، وبعد مرور 47 سنة على بداية تنفيذ الضمان، لا نزال بعيدين من الشمولية التامة لأسباب مالية وامنية.
مع غياب الحماية الصحيّة والاجتماعية للذين تجاوزوا عمر الستين، وضعت دراسات ومشاريع عدة، لعل ابرزها مشروع ضمان الشيخوخة الذي لا يزال قابعاً في ادراج مجلس النواب لعدم التوافق عليه.
من هنا ارتأت ادارة الضمان اعداد مشروع لتوسيع شمولية الحماية الصحية لحماية فئة واسعة من المضمونين الذين يتوقفون موقتاً او نهائياً عن العمل ويخسرون هذه الحماية التي كانوا يفيدون منها خلال خضوعهم قانوناً للصندوق.
هذا المشروع تسلمه وزير العمل سليم جريصاتي ويعكف حاليا على درسه بتمعن وفق ما اكد لـ "النهار". والمشروع، وهو وفق جريصاتي يقضي بانشاء صندوق خاص من ضمن صندوق المرض والامومة، وزيادة الاشتراكات تالياً. لذا يؤكد جريصاتي ان المشروع يجب درسه بروية لأنه كما قال "لا اريد أن ارهق الطبقة العاملة ولا أصحاب العمل بتكاليف جديدة، لذا يتوجب درس نسب الاشتراكات جيدا". وأكد أنه فور الانتهاء من درسه سيرسله كمشروع قانون الى مجلس الوزراء حتى يقره، علما "أنني اعتبره مشروعاً حيوياً يجدر الاهتمام به".
ولكن ما هي اهمية المشروع، وهل من ملاحظات يجدر أخذها في الاعتبار؟ مدير فرع المرض والامومة وعضو مجلس الادارة السابق فارس بركات، أكد في اتصال مع "النهار" أنه تقدم بملاحظاته الى ادارة الضمان، معتبرا أن المشروع اكثر من ضروري ويشمل فئة كبيرة من المضمونين الذين خسروا ضمانهم الصحي مع الزامية ترك العمل.
وثمة اقتراحان في مشروع الادارة:
الأول يقضي بإنشاء نظام خاص بالرعاية الصحية للمضمونين الذين كانوا يتمتعون برعاية صحية وفقدوها بسبب تركهم العمل في ضوء بلوغهم سن نهاية الخدمة.
والثاني بافادة المضمونين الذين تركوا العمل بصورة موقتة ولغاية ايجادهم عملاً جديداً من التقديمات نفسها، ولمدة اقصاها سنة وفق شروط محددة في المشروع.
ووفق بركات، فإن الاقتراح الاول يشكل البديل عن عدم تطبيق نظام الشيخوخة حتى تاريخه، رغم طرح العديد من المشاريع لهذا الشأن وفقاً لاحكام الفقرة الاولى من المادة 49 الخاصة بتعويض نهاية الخدمة "الى ان يسنّ تشريع ضمان الشيخوخة بإنشاء صندوق لتعويض نهاية الخدمة".
ويقر مشروع الادارة الزامية الخضوع لبعض الشروط الاخرى منها ان يكون المضمون غير مستفيد من اي تقديمات صحية من طريق: الصندوق بصورة مباشرة او غير مباشرة، تعاونية موظفي الدولة، المؤسسات الصحية الخاصة بأفراد الجيش وضباط وافراد قوى الامن الداخلي والامن العام وامن الدولة، صندوق تعاضد القضاة (او اي صندوق تعاضد آخر)، اضافة الى الافادة من الفروع الثلاثة لمدة عشرين سنة، والافادة الزامياً لمدة عشرين سنة من الضمان الصحي.
ويرى فارس ان مشروع الضمان الصحي الخاص بالشيخوخة ممتاز وهو يعطي الاطمئنان لغالبية المضمونين في اطار الشروط المحددة ومنها الزامية الانتساب. ولكن "حتى ينجح المشروع كلياً يجب تحديد آلية واضحة لتسديد الاشتراكات ومنع التأخير بإيفائها شهرياً". علما أن من مبادئ الضمان الاساسية عدم ربط التقديمات بدفع الاشتراكات، لكن فارس وانطلاقا من خبرته الطويلة في "عادات مجتمعنا المهملة"، يرى ضرورة استنباط آلية تحمي مداخيل الفرع المقترح في انتظار تنفيذ نظام الشيخوخة.
وبالنسبة الى شروط خضوع الفئة (ب) وهي أن يكون المضمون قد ترك العمل موقّتاً، وان يكون منتسباً للصندوق بصورة الزامية لمدة خمس سنوات على الاقل، ولمدة ستة أشهر متتالية قبل التوقف الموقّت عن العمل، ألا تتجاوز فترة توقفه عن العمل مدة سنة كاملة. يقول فارس "نعلم ان قانون الضمان لا يشمل البطالة، بما يحرم المتوقفين قسراً عن العمل من الحماية الصحية، إلا أن مشروع الادارة يلبي حاجة فئة كبيرة من المواطنين وخصوصاً في فترات الازمات الاقتصادية وانحسار فرص العمل".
وقانون الضمان يعطي الحق لمن انقطع عن العمل الافادة من التقديمات الصحية لمدة ثلاثة اشهر لا غير، لذا يرى فارس "ان اضافة 3 اشهر اخرى لتصبح المدة ستة اشهر هي كافية للبحث عن عمل جديد لان مدة السنة قد تخفف من جدية البحث عن العمل، وتسمح لبعض الكسولين الإفادة من التقديمات الصحية على مدار سنة مقابل العمل ثلاثة اشهر فقط (شروط الافادة)". علماً ان الشروط المحددة بالنظام ليست سهلة، وكما في المشروع الاول يؤكد فارس "ضرورة التشدد في استيفاء الاشتراكات بصورة منتظمة للتخفيف عن كاهل الصندوق وتحجيم اعبائه المالية".
عموماً، يعتبر فارس ان المشروع يشكل خطوة جبّارة لتوسيع شمولية الصندوق الصحية وتحرير المضمونين من اضرار الانقطاع الموقّت او النهائي من طريق الغاء الهم الصحي عن كاهلهم في الوقت الذي هم في امس الحاجة للحماية وخصوصاً الصحية".
الى ذلك، يقترح فارس "العمل بالحاح على المراحل التي لم تكتمل حتى تاريخه، إذ يصبح المجتمع بكامله مستفيداً من حماية الضمان ولا سيما الصحي، أما أبرز المستفيدين فهم: المزارعون، موظفو الدولة والبلديات (صحة)، المجلس الوطني للبحوث، اساتذة الجامعات. وكذلك جعل نظام الضمان الاختياري الزامياً لكل الفئات المنتسبة اليه.