افرام: البلد فالج لا تعالج ونحن سنتكل على أنفسنا الصناعي المقاوم الفعلي ترجمته صرخة البيال وفرحة ضبيه
جوزف فرح - الديار
اعتبر رئىس جمعية الصناعيين نعمة افرام ان لبنان متخصص في هدر الوقت. وقال ان صرخة البيال توجهت الى دولة مشلولة بينما فرحة ضبيه توجهت الى المواطن الذي يحمل ارادة تشجيع الصناعة المحلية. واكد أن البلد فالج لا تعالج. ولكن رئىس الجمهورية خط الدفاع الاخير. ووصف الصناعي «بالمقاوم الفعلي الذي لا يبيع شعراً ولا يشتري شعراً». ولفت الى انه لم يتلق بعد جواباً على مشروعه شراء مولدات كهربائية، وكشف عن تحضيرات متقدمة لانشاء مدينة صناعية.
«الديار»التقت افرام حول شؤون الصناعة وشجونها، وكان الحوار الآتي:
* لماذا لم تشارك في اجتماع الهيئات الاقتصادية الاخير؟
ـ كان هناك من يمثلني، وسبب عدم مشاركتي شخصياً هو لوجستي ناتج عن ازمة السير.
* كيف ترى حل ازمة السير هذه بين جونيه وبيروت؟
ـ عندنا ازمة في لبنان تتمثل بزحمة السير التي لا نتكلم عنها كفاية. ومع ذلك نريد سياحاً، اي سياح سيأتون الينا ولا نستطيع نحن ان نتنقل على الطرقات. نحن بلد متخصص في سرقة الوقت. فالوقت اساساً، هو ثروة كبيرة نسرقها من المنتج والعامل على السواء، ولو عرفنا كيف نستخدم هذه الثروة لكنا حصلنا على قيمة مضافة هائلة. ولكن اعود فأقول فالج لا تعالج نحن نعاني من غياب آلية اتخاذ القرار. مشكلتنا مرض عضال ضرب كل جسمنا اسمه الشلل العام الذي مضى عليه ثلاث او اربع سنوات وهو يأكل من جهازنا العصبي ووصل الى النخاع الشوكي.
* ولماذا اطلقتم صرخة البيال؟
ـ كل واحد صرخ بطريقته. وافضل ان تكون الصرخة واحدة لان الوضع خطر للغاية، ولأننا مدعوون كقطاع خاص ان نأخذ امورنا بأيدينا لنخفف قدر الامكان من تأثير هذا الشلل العام علينا. نحن نتوجه الى رئيس الجمهورية، هذا الموقع الثابت والذي لم يتعطل حتى اليوم ونعمل معه على كيفية الحد من هذا الانهيار الحاصل في كل آليات الدولة. وانا أعتبر اننا اليوم في مرحلة تاريخية. لقد انتهت الثانية ومن لم يع ذلك يجب أن يعي. نحن الآن بين الجمهورية الثانية والجمهورية الثالثة. وفي هذ الزمن قررنا أن نتكل على أنفسنا كصناعيين، وهذه عادتنا في كل الايام الصعبة.
* لقد مضى اكثر من اسبوع على صرختكم، فهل حصلتم على أي ردود؟
ـ لا. ابداً. وبحسب النظرة التي تلقيها. فاذا كنت تقصد ادارات الدولة، فأنا لا اتوقع منها اي تغيير او انجاز. انا اتطلع الى المواطن، الذي يفترض أن يحمل ارادة تشجيع الصناعة المحلية في المحال التجارية، في السوبر ماركات، في المولات. هذا ما نبتغيه من المواطن اللبناني، الذي عليه ان يدرك ان 90 أو 95% من المبلغ الذي يدفعه ثمن صنع في لبنان يبقى في الاقتصاد اللبناني، وان 70% من المبلغ الذي يدفعه ثمن المنتج المستورد يذهب الى خارج لبنان.
* يلاحظ أن عدد الحضور في البيال لم يكن بحجم 16 هيئة اقتصادية مشاركة. فما هي الاسباب؟
ـ كثيرون تساءلوا مثلك. لماذا نذهب؟ ماذا نقول. الجميع مقتنع بأن البلد فالج لا تعالج. وليت الهيئات رفعت في البيال شعار فالج لا تعالج.
* اذن، ضيعوا وقتهم في البيال؟
ـ لذلك لم يكن حضورنا مكثفاً لأننا نراهن على المواطن اللبناني الذي نطلب منه ان يحب صناعته اينما وجد.
* أنتم توجهتم الى رئىس الجمهورية من أجل الاسراع في تشكيل الحكومة، وعقد طاولة حوار اقتصادي واطلاق اعلان بعبدا الاقتصادي، فماذا كان جواب الرئيس؟
ـ رئاسة الجمهورية هي خط الدفاع الاخير. وكما تلاحظ، فان الرئيس يتحرك في الاسبوعين الاخيرين بوتيرة جد عالية ودقيقة ومتقدمة مقرونة بالحكمة ومن دون اي تهور. ولذلك آلينا على انفسنا ان نكون الى جانبه بالمنهج نفسه والنفسية ذاتها.
* هل ستحملون المقررات الى بعبدا؟
ـ بالتأكيد. وسنضعها بين يديه ليس لأنه لا يعرفها، بل لتكون كلمتنا الى جانب كلمته مما يعطينا وزناً كبيراً، ونؤكد على تغيير الاولويات عند الفرقاء.
} الصرخة والفرح }
* نلاحظ انكم كنتم تصرخون في البيال مع الصارخين من الهيئات الاقتصادية، ولكنكم في ضبيه كنتم تبتهجون كصناعيين، فما هو السبب؟
ـ كنا في البيال نتوجه الى القطاع العام الذي هو تحت شعار فالج لا تعالج، لذلك كانت صرختنا عالية، ام في ضبيه كان هناك احتفال نتوجه فيه الى القطاع الخاص الذي يستحق كل ثناء وتهنئة. واستطيع القول ان هذا الصناعي الذي مضى وجوده في صناعته منذ العام 1914 هو المقاوم الفعلي، الذي يثير فينا الفرحة والابتهاج، ويقتضي ان نقول له سلمت يداك على صمودك واستمرارك وما خلقته من فرص عمل رغم العقم القائم، وانت تستحق منا التكريم. واحتفال ضبيه كان للتكريم لا للابتهاج، ولتجديد العهود والوعود لأن نكمل الرسالة ونعمل كما عمل اسلافنا واجدادنا.
* ألم تقولوا رزق الله على الماضي لأنكم تجدون المستقبل قاتماً؟
ـ ابداً، نحن لا نعمل بهذا الشكل. والصناعيون بالتحديد عمليون، لا يبيعون شعراً ولا يشترون شعراً. لذلك لا أطلع على شاشة التلفزيون كلما اتينا عملاً. نحن تهمنا النتيجة واذا انعدمت النتيجة اتوقف لانتقل حيث هناك نتيجة.
* لذلك ينتقدك البعض؟
ـ قد يكون هناك واحد او اثنان صغيران جداً. انا لو كنت ممن يتكلمون كثيراً ربما لما كنت نجحت. هناك مثل يقول ان ضجة لا تفعل خيراً، ولا الخير يفعل ضجة.. انا كنت أتمنى لو الفريق الثاني اي القطاع العام محاورك الاساسي غير مشلول. وكنت اتمنى اكثر لو ان هذا القطاع لا يعرقلني ولا يؤخرني. خذ الجمارك خير مثال على ذلك
* الخطة التي وضعتها عندما انتخبت رئيساً لجمعية النصاعيين هل صادفت عرقلة رسمية؟
ـ بالتأكيد. لذلك كوعت وغيرت وقلت لهم شكراً لا اريد شيئاً منكم. ما نستطيع فعله بايدينا نفعله، ونقطة على السطر. طورنا الجمعية وحدثناها. طورنا الصناعي ايضاً. نعد دورات التدريب والتعليم. كل فصل عندنا بين 20 و30 صناعياً يتلقون دروساً. نتعاون مع اشخاص لتسويق صادراتنا وندفع لهم من جيوبنا. فعلنا ذلك في بريطانيا واليونان والخير لقدام. عملنا على المدن الصناعية التي تعاني من فشل هائل. نحن في صدد دراسة اقامة مدينة صناعية خاصة.
} المناطق الحرة }
* قلت في احدى كلماتك ان الصناعة توفر11 مليار دولار من الناتج الاجمالي، وان 4 مليارات منها كصادرات، فهل هذا الرقم تراجع ام ماذا؟
- نأمل ان ترتفع صادراتنا هذه السنة بنسبة 4% أي ما كنا عليه 2011 رغم كل المعوقات. الكهرباء ما زالت عاطلة، كل شيء ما زال عاطلا. لم يتغير شيىء في البلد، بلى هناك امر جديد «فوكسنا» عليه عام 2011 وهو توعية اللبناني على شراء صناعته واستطيع ان اقول انني نجحت. ويجب التركيز مجددا على السوق المحلي بغياب التنافسية، وبوجود الاعداد الكبيرة من النازحين السوريين. هذا التوجه بنظري افضل من التصدير. الناتج الصناعي سيرتفع كثيرا هذه السنة رغم عدم زيادة الصادرات بالوتيرة نفسها نحن نعمل بسواعدنا وافكارنا. طلبنا من الدولة ان تساعدنا في تخفيف ضريبة الدخل فوعدتنا ووعدتنا، ولكننا لم نلمس شيئا في جيوبنا، يا صاحبي، لا تنس ان مجلس نوابك لم يصادق سوى على قانو واحد خلال سنتين. هناك شكل تام. ولكننا قلنا لهم في البيال اننا باقون وصامدون ولا تراودنا «الفلة». لن نيأس وعمالنا في رقبتنا، وسوف نقاتل حتى آخر لحظة. كابتن الباخرة يخوف الركاب قبل العاصفة، اما اثناء العاصفة فلا يضعضعهم، بل يجب ان يقوي معنوياتهم.
* ورد على لسان وزير الصناعة في ضبيه ضرورة استحداث اسواق جديدة وعدم الاعتماد على دول الخليج فقط...
-انا لم اسمع مثل هذا الكلام. وكلامك يوحي كأن بيننا وبين الخليج سوء تفاهم. لا. ابدا بل بالعكس، لا تنس ان سوقنا الصناعية الاولى هي السعودية، تأتي بعدها الامارات، وسائر دول الخليج، اولا لما بين لبنان وهذه الدول من علاقات تاريخية، وثانيا اسعار الشحن البحري تنافسية بالنسبة الينا. والواقع ان الصناعي يسعى دوما للتأقلم مع كل مستجد، اذ لم يعد بامكاني القول الان ان مصنوعاتي ستصل الى زبوني في اربعة او خمسة ايام، بل تحتاج لشهر ونصف الشهر.
*ماذا تقول في المصانع التي تنتقل الى خارج لبنان؟
-قبل ان نتكلم عن الانتقال تقتضي الاشارة الى ان المصانع التي كانت تضع استثمارات جديدة كل سنة بدأت تتخلى عن هذا الخيار. نحن كنا نستثمر 250 الى 280 مليون دولار اضافية كل سنة. هذا ما نخاف منه، نحن مثل التيتانيك، لا نستطيع ان نكوع بسرعة، نعمل على المدى الطويل. وهذا ما اخشاه. الصناعي على المدى القصير صامد وقوي ولا يرحل، اما ما اخشاه هو ان يلجأ البعض الى اتخاذ قرار الرحيل السنة المقبلة او بعدها.
*كنت ابديت استعدادك قبل فترة لشراء مولدات كهربائية خاصة بالصناعيين. فاين اصبح هذا الامر؟
-قدمنا يومها دراسة الى وزير الصناعة ما لبث ان رفعها الى وزير الطاقة والمياه الذي طلب منا تعبئة استمارة، وما زلنا ننتظر جوابا. مع اننا ركزنا في طلبنا على شروطنا، وبالاخص شرط شراء الفائض عندنا لمصلحة كهربا لبنان، وشرط اطالة فترة العقد الى خمس وحتى عشر سنوات. شبعنا «حكي»، نريد فعلا على الارض نحن نأكل العصي والآخرون يعدونها.
*انت قبطان السفينة، فالى اين تتجه بالصناعة؟
-انا قبطان السفينة الصناعية في القطاع الخاص. نسعى ان نستمر في تقديم الخدمات للصناعيين كي نزودهم بقدرة تنافسية، ومن يقصر في هذه القدرة نساعده في التدريب والتصدير والتسليف، والتعاضد والتكامل. ونحن ندرس امكان تنفيذ البنى التحتية للمدن الصناعية التي نزمع انشاءها. وصدقني اذا قلت لك اننا سنضطر الى ان نعصى على الدولة اذا استمرت بهذا الانهيار والتآكل والشلل.