جريدة الجمهورية
تضغط أزمة النقل البري المشلول، بسبب موقف السلطات السورية، منع مرور الشاحنات اللبنانية في أراضيها، على القطاع الصناعي اللبناني. وهناك محاولات حثيثة لمعالجة هذا الملف، واعادة الامور الى طبيعتها لانقاذ الاقتصاد الوطني من تداعيات ما يجري...
منذ العام 2010، والصادرات اللبنانية تشهد تراجعا، متأثرة بالاضطرابات الاقليمية في الدول العربية المجاورة وتراجع الطلب الاستهلاكي عالميا واقليميا. محلّيا ايضا، ليس حال استهلاك الانتاج اللبناني افضل بكثير وسط تراجع النمو الاقتصادي وتدنّي القدرة الشرائية لدى المواطنين.
على الصعيد الصناعي، ولتدارك تراجع الطلب الخارجي على الصادرات اللبنانية، كانت وزارة الصناعة وبالتعاون مع جمعية الصناعيين قد اطلقت حملة محليا لتشجيع المستهلك اللبناني على استخدام المنتج اللبناني، سعيا منها لالتقاط بعض خسائرها في الاسواق العربية. فقد تراجعت قيمة الصادرات الصناعية خلال العام 2012 بنسبة 11.5 في المئة مقارنةً مع العام 2011 وبنسبة 8 في المئة مقارنة مع العام 2010.
وكأنّ ضربة الاضطرابات الاقليمية وتداعياتها على العرض والطلب لم تكن كافية، للصادرات الصناعية ، لكي تُضاف اليها اليوم أزمة اغلاق الحدود السورية امام عمليات الترانزيت البري، والتي تشكل صفعة اخرى امام الصادرات الصناعية التي تعتمد النقل البري عبر سوريا قناة لولوج الاسواق العربية وتحديدا الخليجية. وتعوّل الصناعة على النقل البري بجزء كبير، لرفع قدرتها التنافسية في مواجهة المنتجات الاوروبية، لأن الكلفة تخوّلها ان تصل الى المستورد بقيمة اقل من المنتجات الاجنبية.
ومع تعثّر النقل البري عبر سوريا، يضطر الصناعيون لتلبية الاسواق العربية عبر النقل البحري متكبدين أعباء مالية مضاعفة، من حيث الكلفة وفترة الشحن البحري التي تبلغ اضعاف كلفة النقل البري، اضافة الى تراجع قدرتهم التنافسية بسبب ارتفاع كلفة التصدير.
في هذا الاطار، اوضح وزير الصناعة فريج صابونجيان ان ازمة اغلاق الحدود البرية السورية، لا تضرّ فقط بالصادرات بل ايضا بالواردات، لذلك لا بدّ من اعادة فتحها وتسهيل عمليات الترانزيت التي تعتبر طريقا اقتصاديا، لأن لبنان يستورد 80 في المئة من استهلاكه.
وتساءل صابونجيان عبر "الجمهورية": هل تأثير اغلاق الحدود السورية امام النقل البري، هو للضغط على الصادرات اللبنانية؟ ولفت الى ان الواردات هي المتضرّر الاكبر بسبب نسبة الاستيراد الكبيرة الى لبنان عبر البر. وبالتالي، فان النقل البري عبر سوريا ضرورة بالنسبة للدول العربية كافة وليس فقط بالنسبة الى لبنان.
وعمّا اذا كانت الدول العربية وخاصة الخليجية التي منعت طيرانها من التحليق فوق الاجواء السورية، تعارض ايضا استخدام الاراضي السورية لعمليات الاستيراد والتصدير، قال صابونجيان انه ليس بالضرورة ان تمانع الدول الخليجية الاستمرار في عمليات النقل البري عبر الاراضي السورية.
اضاف: "لا يجب إقحام المشاكل السياسية بالاقتصاد، لأن كافة الاطراف مستفيدة من الدورة الاقتصادية، مشيرا الى انه لا يمكن شحن كافة انواع البضائع عبر النقل الجوي، وبالتالي، لا بديل من النقل البري في بعض الاحيان.
وعلى سبيل المثال، قال صابونجيان انه لا يمكن ان تتم عمليات التصدير والاستيراد بين لبنان والاردن عبر الجوّ او البحر. كذلك الامر بالنسبة الى الكويت، "كيف سنصدّر الى الكويت؟ هل من المنطق عبور قناة السويس المصرية والبحر الكويتي لكي نصل الى المرفأ؟"
وتمنّى صابونجيان من جميع الاطراف السياسية تحمّل المسؤولية لأنه لا يمكن خنق الاقتصاد عبر اغلاق احدى قنوات التصدير وتعطيل اعمال التجارة بين الدول العربية كافة.
وطالب وزير الصناعة في الحكومة المستقيلة، باعادة فتح الطريق امام النقل البرّي، لافتا الى انه سبق وناشد سفراء بعض الدول العربية تسهيل عمليات النقل البري لأن هذه الضغوط لا تستهدف اطرافا سياسية معيّنة بل ان تداعياتها تطال مجمل المواطنين وكافة الانتماءات