(الديار الاقتصادي)
تواجه الإقتصادات النفطية تحديات كبيرة ليس فقط بسبب انخفاض سعر النفط إلى حدود لم يتوقعها أحد، بل أيضاً بسبب سوء التنوّع الإنتاجي لمعظم هذه الدول.
الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة أوضح في هذا السياق لـ"المركزية"، أن "الوقت مضى من دون توظيف جهود كافية للتنوّع"، لافتاً إلى أن "التحديات كبيرة بالنسبة إلى الدول النفطية من ناحية مواجهة الحال الحاضرة، وتمويل الميزانيات وتغيير هيكلية الإنفاق كما الإيرادات". وقال: التحديات كبيرة لأن الوقت يمرّ بسرعة ليس فقط بسبب العوامل الإقتصادية الضاغطة، بل أيضاً نتيجة الأوضاع السياسية المتوترة في كل المنطقة.
واعتبر أنه "لا يمكن وصف النفط فقط كمصدر للإيرادات الحكومية الوطنية"، موضحاً أن "تأثير النفط أبعد وأكبر بكثير تبعاً لمعظم الدراسات النظرية والتطبيقية"، وقال: أعدّ صندوق النقد الدولي دراسات قيّمة عن تأثير النفط في الإقتصاد البرازيلي، وتبيّن أن هناك علاقات إيجابية مباشرة بين الإكتشافات النفطية والتنمية، وأن الإكتشافات النفطية أثرت إيجاباً على الدخل القومي الفردي والتطور المدني ليس فقط قرب الموقع، إنما حتى عن بُعد. كذلك أظهرت الدراسة أن تأثير النفط كان كبيراً على القطاعات الأخرى مباشرة، ليس بسبب العلاقات بين القطاعات داخل الإقتصاد فحسب، إنما أيضاً بطريقة غير مباشرة عبر تأثير النفط على كل المعايير الإقتصادية والمالية المعروفة.
ولفت إلى أن النفط أثر على الناتج المحلي الإجمالي "لأنه ساهم في رفع الطلب على السلع والخدمات المتوافرة في الإقتصاد، وبالتالي سبّب أيضاً توافر سلع وخدمات جديدة منتجة داخلياً أو مستوردة"، وقال: إن وجود النفط ساهم في زيادة الدخل، وبالتالي رفع مستوى المعيشة في المدن والمناطق. كما بيّنت الدراسات أن الدول التي لديها مؤسسات عامة قوية ومتطورة استفادت من الإكتشافات النفطية أكثر من غيرها بكثير.
وأعلن رداً على سؤال، أن "مَن يدرس أوضاع دول الخليج العربية يتبيّن له بسهولة أوضاع الإعمار التي حصلت في خلال العقود الماضية"، وقال: استثمرت دول مجلس التعاون الخليجي ليس فقط في البنية التحتية، إنما في المؤشرات الانسانية والاجتماعية أيضاً، وأصبحت مضرب مثل للتطور السريع والنوعي. واستقبلت على مدى عقود، ملايين الكفاءات والعمال الذين حوّلوا بدورهم الأموال التي ساهمت في تطوير دول المنشأ. ما حصل في دول الخليج يختلف حكماً بين دولة وأخرى، لكنه يظهر عموماً النتائج الإيجابية الباهرة التي تحققت في العقود الماضية.
وختم حبيقة بالسؤال "هل كانت النتائج كافية؟ هل هناك أي مراجعة للسياسات التي اعتمدت؟ أم ما حصل كان أفضل وأقصى ما يمكن أن يحصل في ظروف مماثلة؟ هل استثمرت الدول المعنية الوقت بأفضل ما يمكن وأضاعت بعض الفرص الثمينة؟ أم ان ما حصل كان مثالياً بكل ما في الكلمة من معنى؟"، وقال: لا بد من المراجعة للتأكد مستقبلاً من أن الإقتصادات لا ترتبط كما هو اليوم بالنفط فقط، وربما نقول إن سياسات التنويع لم تكن مثالية وبالتالي تظهر الشقوق والسلبيات اليوم أكثر من أي وقت مضى.
المركزية-