برعاية الفراغ
عدنان الحاج - (السفير)
لن تكون الظروف الاقتصادية والتجارية في لبنان، خلال العام 2016، أفضل مما كانت عليه في العام 2015، نتيجة عوامل عدة، أبرزها الفراغ الرئاسي الذي يؤثر على النظرة الاقتصادية للبنان، في ظل الفراغ وتعطيل المؤسسات، وثانيها التطورات السياسية في البلد مع الانقسامات المستمرة حول كل القضايا، وثالثها الوضع في المنطقة بشكل عام، وتراجع أسعار النفط التي انعكست على حركة التحويلات، وحركة الرساميل الوافدة إلى لبنان، والتي تراجعت حوالي 3 مليارات دولار في عشرة أشهر، وهذا ينعكس على البطالة التي سجلت رقماً قياسياً خلال العام 2015، وهي مستمرة بالزحف نحو العام 2016، ولن تتوقف نتيجة مفاعيل استمرار الأزمات في المنطقة المحيطة، والمهددة باستمرار الأزمات على المدى المنظور، وهو سينعكس في النشاط الاقتصادي والتجاري والوضع المالي وهو الأهم.حتى تقديرات حاكم مصرف لبنان بنمو الودائع المصرفية بحوالي 5 في المئة، وهي نسبة قليلة، لا تلبي احتياجات تمويل الدولة من قبل المصارف، التي تمدّ الخزينة عن طريق الاكتتابات بسندات الخزينة. عناصر النمو الاقتصادي اللبناني، وهي الرساميل الوافدة، التي تراجعت أكثر من 3.5 مليارات دولار في أقل من سنة، وهذا يعني انعكاسات كبيرة على فرص العمل، التي تعتمد على قيام مشاريع جديدة، وهو أمر لن يكون في المتناول خلال العام المقبل، وكما كان في العام الحالي. هذا من دون التحدث عن النتيجة المباشرة، التي نتجت عن النزوح السوري والوجود في كلفة الخدمة، والمنافسة في سوق عمل يتراجع نموه، أو يتجمّد بسبب الظروف السياسية والأمنية.
النقطة الأبرز في ضرب النمو تراجع الصادرات اللبنانية حوالي 11 في المئة عن العام 2014، وهو كان عاماً سيئاً، على صعيد نتائج الاقتصاد في النمو والحركة التجارية والصناعية. أما النشاط السياحي بشكل عام فهو يقوم على اللبنانيين، والقليل من زوار البلاد المتوترة من العراق، وهؤلاء لا يغطون النشاط السياحي، الذي كان يخلقه السائح الخليجي أو الاوروبي. يضاف إلى ذلك تراجع غالبية المؤشرات الخاصة بالخدمات والمالية العامة التي تراجعت إيراداتها بنسبة 8.9 في المئة مع استمرار وتيرة النفقات من دون تقليص يذكر نتيجة تزايد الحاجة.
أما ازمة الكهرباء فمستمرة من دون معالجات، كما تستمر عملية تأخير الإنجازات في تحسن الإنتاج، بينما تحمل الخزينة عجوزات سنوية تفوق الـ200 مليار ليرة، على الرغم من تراجع اسعار النفط إلى ادنى مستويات منذ سنوات عديدة، وهو أمر لم يشعر به المواطن، لا في زيادة التغذية ولا في الخسائر على الخزينة، ولا في تحسن الإنتاج وتحسين التعرفة.
بالعودة إلى المشكلة الاساس، التي تتعلق بالديون المشكوك في تحصيلها، وعجز المؤسسات عن السداد، لاسيما التجارية منها، التي تراجع نشاطها بشكل كبير في جميع المناطق من دون استثناء، والتي تشهد في بعض المناطق عمليات إفلاس وإقفال، في حين تسعى في مناطق أخرى للصمود، والحصول على فرص إضافية من التمويل لتحريك نشاطها خلال الفترة الصعبة، على أمل حصول تحسّن في المرحلة المقبلة.
حمود: هناك مشكلة ديون
اعتبر رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود أن التدابير المتخذة لمعالجة الديون التجارية تهدف إلى مساعدة المؤسسات المصرفية على تحصيل ديونها، كما تهدف إلى مساعدة المؤسسات المدينة في القطاعات الاقتصادية والتجارية على سداد المتوجبات من خلال مدّها بالقروض، إذا كانت قابلة للحياة والاستمرارية. وقال: لا شك في أن هناك مشكلة في قضية الديون في القطاعات المختلفة في لبنان، نتيجة تردّي بعض الأوضاع الاقتصادية في شكل عام، من خلال شكاوى المؤسسات في بعض القطاعات. ونعمل من خلال التعاميم والخطوات التي نتخذها على تحقيق إعادة تنشيط وإحياء نشاط المؤسسات، وجعل الديون قابلة للحياة عن طريق إعادة هيكلتها من خلال التقسيط والمهل الجديدة.
أهمية التعميم الصادر عن مصرف لبنان
ورداً على سؤال حول التعميم الخاص بمعالجة تقسيط الديون قال حمود: من هنا القول إن هدف التعميم الرقم 135 الموجَّه إلى المؤسسات المالية، والصادر في شهر تشرين الأول من العام 2015 تحقيق الآتي:
1ـ إعادة هيكلة المديونية، ربما من خلال شراء جزء من المديونية، بهدف التسهيل للمؤسسات والتخفيف من الضغوط.
2 ـضخ أموال جديدة من خلال إعطاء المؤسسات إمكانية لتقسيط هذه الديون.
3 ـ إعادة إحياء المؤسسات القابلة للحياة. بمعنى إنقاذها من الإفلاس، اذا كان هناك امكانية لذلك من خلال التفعيل..
بالنسبة للمصارف تعود لتكوين مؤونات كافية، وإيجاد آلية لتسوية هذه الديون من دون الدخول في طريق المحاكم الطويل.
الهدف من خلال هذا التعميم والتدابير المتخذة تحقيق جملة أمور أساسية، أولها مساعدة الزبائن على الاستمرار. وثانياً مساعدة المصرف على تحصيل ديونه وأمواله. ونحن نعتبر وبموجب التعميم أن الديون القابلة لإعادة الهيكلة، تقع ضمن الفئات الآتية:
ـ الديون للمتابعة والتسوية.
ـ «دون العادي».
ـ «الديون المشكوك في تحصيلها، مع استثناء من هذه القروض تلك التي تستفيد من دعم الدولة للفوائد المدينة والقروض (الديون غير العادية والديون الرديئة والديون المشكوك في تحصيلها).
وبالنسبة لأعمال الرقابة لمعالجة الديون المشكوك في تحصيلها في الداخل والخارج، يقول حمود: هناك اتفاقيات مع بعض الدول (مثل العراق والسودان والسوق السورية وتركيا) لمتابعة حجم المخاطر وانعكاساتها على أصحابها في الداخل. ولدينا في هذا المجال اتفاقيات ومذكّرات تفاهم حول تبادل المعلومات حول المديونيات والرقابة في بعض الدول.
وأشار حمود إلى أن هناك مؤتمرات خاصة لبحث قضية الديون سيعقد الأول في دبي بين 23 و24 من كانون الثاني المقبل من العام 2016، للبحث في مشكلة معالجة الديون، والسبل الآيلة إلى مساعدة المصرف على استعادة أمواله والمقترض على السداد.
تحاول المصارف، من خلال تعاميم مصرف لبنان، الدخول في مفاوضات وعمليات مباشرة، عن طريق تمديد مهل التقسيط وإعطاء مهل جديدة، تمتد إلى أكثر من خمس سنوات عن طريق تنظيم سداد 20 في المئة من الديون سنوياً، على مدى خمس سنوات، قد تمتد إلى آجال أطول تبعاً لوضعية المدينين والمقترضين، منعاً لعمليات الإفلاس للعديد من المؤسسات، لاسيما أن العمليات مع الذهاب إلى المحكمة تكلف أكثر في الوقت والقيمة.
هدف العملية في هذه الظروف الاقتصادية
تهدف العمليات إلى قيام مصرف لبنان بعملية حسم 50 في المئة خلال فترة خمس سنوات، مما يعطي تسهيلات أكبر للمؤسسات التي تشكو من تراجع النشاط الاقتصادي، لاسيما المؤسسات التجارية والسياحية، وغيرها من المؤسسات الإنتاجية، التي تعاني من مشكلة المديونية وصعوبة السداد، مع تراجع النشاط الاقتصادي والتجاري، الذي يُصيب غالبية القطاعات المقترضة، بما فيها المؤسسات الفردية، ويعني ذلك إعطاء المؤسسات فترة سماح لخمس سنوات، وهذا أمر يُساعد على استعادة النشاط تلافياً للتعثر الكلي والإفلاس لاحقاً.
في الحسابات البسيطة، أن الديون المشكوك في تحصيلها بلغت حوالي 3.6 في المئة من القروض المصرفية للقطاع الخاص، البالغة حوالي 55 مليار دولار، حسب آخر الإحصاءات. وبالقيمة تبلغ هذه القروض حوالي 3 مليارات دولار من الديون الأقل خطورة، البالغة قيمتها حوالي 1.5 مليار دولار، مع العلم أن الديون المذكورة تخضع لضمانات مقدمة للمصارف، تشكل حوالي 70 في المئة من قيمتها، ضمانات عقارية أو موجودات أخرى.