روبير فاضل في مواجهة الهيئات الاقتصادية
أوحى روبير فاضل أمام المسؤولين في البنك الدولي أن الهيئات ستشارك في اللقاء (مروان طحطح)
يعتقد عدد من ممثلي هيئات أصحاب العمل أن مبادرة النائب روبير فاضل من أجل عقد لقاء في مقرّ البنك الدولي في بيروت بمشاركة مكوّنات «نداء 25 حزيران»، ليست محل توافق جدي بينهم وبين النائب فاضل. ويرى هؤلاء فها خطوة التفافية على ما يتهم به من تبعية عمياء لتيار المستقبل لركب موجة الهيئات وإظهار أن له أتباعاً مثل رجال الأعمال ونقباء المهن الحرّة والاتحاد العمالي العام
محمد وهبة - (الأخبار)
قبل يومين، زار النائب روبير فاضل مسؤولي البنك الدولي في لبنان وناقش معهم التفاصيل التنظيمية للـ«مبادرة» التي أطلقها الأسبوع الماضي في مجلس النواب من أجل استضافة لقاء يجمع بين سفراء «الدول المانحة» و« الدول الصديقة» وممثلي المنظمات الدولية وممثلي المجتمع المنتج والمدني في لبنان. لم تؤد الزيارة إلى تحديد موعد نهائي وثابت لعقد اللقاء بل أدّت «إلى تأجيله حتى منتصف أيلول »، بحسب ما قال فاضل لـ« الأخبار».
التأجيل يأتي بعد أيام معدودة (الأربعاء الماضي) على قول فاضل في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب، إنه «بناء على مبادرة منّي سيستضيف البنك الدولي في مركزه في بيروت الأسبوع المقبل لقاء بين الدول المانحة والدول الصديقة والمنظمات الدولية، من جهة، والمجتمع المنتج والمدني، من جهة ثانية».
يومها تحدّث فاضل عن الحركة التي أطلقها في 13 أيار 2014 والتي انبثق منها ما سمي لاحقاً بـ«نداء 25 حزيران ». ففي 13 أيار 2014، انتقد فاضل الحكومة ووزير الكهرباء ثم كشف عن نيته في دعوة «الزملاء المخلصين والفاعليات والاعلام وقوى المجتمع المدني والهيئات والنقابات الى تأسيس قوة ضغط داخلية لبنانية بحتة، هدفها تأمين انتخاب رئيس».
وبالفعل، جمع فاضل هيئات أصحاب العمل والعمال في لقاء عقد في البيال، وسُمّي «نداء 25 حزيران». وقيل يومها أن تغطية الرئيس نبيه برّي لمشاركة رجال الأعمال المحسوبين عليه بالإضافة إلى حشد تيار المستقبل لموظفيهم في اللقاء، كان هدفه توجيه رسالة سياسية إلى التيار الوطني الحرّ المتهم بتعطيل مجلس النواب. إلا أنه بالنسبة لفاضل لم يكن النداء مجرّد تقاطع مصالح بين بري والمستقبل، بل رأى في الأمر «نواة قوّة الضغط يمسك بقرارها ويسيطر على تحرّكاتها». لذلك، تحرّك فاضل في اتجاه توسيع التحر.
لم يُحدّد موعداً ثابتاً لتأجيل اللقاء في البنك الدولي لكنه أقرب خيار إلى الالغاء
واجرى على مدى الأسابيع الماضية لقاءات فردية مع ممثلي الهيئات، واتصالات شملت نقباء المهن الحرّة ورئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، طالباً منهم المشاركة في اللقاء الذي سيدعو إليه سفراء الدول المانحة والمنظمات الدولية للطلب منهم زيادة إسهاماتهم لتغطية كلفة النازحين السوريين إلى لبنان.
وقال فاضل لـ«الأخبار» إن مبادرته تقوم على ثلاثة عناصر أساسية:
ــ إن المساعدات التي يقدّمها المجتمع الدولي للبنان لا ترتقي إلى حجم أزمة النازحين السوريين، وبالتالي فإن لبنان يتحمّل هذه الكلفة وحده عوضاً عن المجتمع الدولي.
ــ يتحجّج المجتمع الدولي بأن شلل المؤسسات في لبنان وتعطيلها هو الذي يمنع زيادة المؤسسات، لكن يجب إبلاغهم أن هناك الكثير من الطرق لتقديم الدعم والتي لا تمرّ عبر المؤسسات المشلولو والمعطلة.
ــ إذا كان المجتمع الدولي مهتماً بلبنان وببقائه، فعليهم أن يعملوا على تحييد لبنان عن الصراعات وربطه بمشاكل المنطقة.
«مبادرة» فاضل كانت محور الاجتماع الذي عقدته الهيئات في نهاية الاسبوع الماضي. تغيّب عن الاجتماع رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير، ورئيس تجمع رجال الأعمال فؤاد زمكحل، الرئيس السابق لجمعية الصناعيين جاك صراف، ورؤساء الغرف التجارية في المناطق أيضاً. وحسب مشاركين في اللقاء فقد انقسم الحاضرون في الموقف من المبادرة. البعض فضل عدم مقاربتها نهائياً «حتى لا ننشر الغسيل اللبناني الوسخ أمام السفراء والمجتمع الدولي»، واخرون وافقوا على تلاوة بيان صادر عن الهيئات لدعمها من دون المشاركة فيها. لكن حصيلة الاجتماع انتهت الى قرار بعدم المشاركة في مبادرة فاضل. وسط تفسيرات عدة للقرار، ومن بينها اتهام فاضل بانه يسعى الى نفوذ قوي داخل الهيئات وتعديل صورته لدى الجمهور بكونه من اتباع «المستقل».
«الأخبار» اتصلت بغالبية ممثلي الهيئات، الذين أبدوا رفضهم لهذه المبادرة. وقال هؤلاء انهم لم يشاركوا في صياغة بنودها. لكن من الواضح انهم رفضوا اعطاء تصريحات علنية «لاننا لا نريد سجالا ومشكلة مع احد».
من جانب البنك الدولي، يبدو الأمر مختلفاً. وبحسب مصادر مقربة من مكتبه في بيروت، فان فاضل «أوحى أمام مسؤولي البنك الدولي أن الهيئات موافقة على المبادرة وستشارك فيها، وأن هناك 20 ديبلوماسياً أبلغوه مشاركتهم في اللقاء الذي وافق البنك الدولي على استضافته». وتقول هذه المصادر ان مسؤولي البنك الدولي «لم يكن لديهم أي فكرة عن طبيعة المبادرة باستثناء ما أخبرهم به فاضل، لكنهم كانوا واثقين بأنه يريد أن يستثمر نداء 25 حزيران». وتضيف المصادر» لقد اخذ فاضل من البنك الدولي موافقة مبدئية على استضافة اللقاء، وهي موافقة هدفها تشجيع أي نقطة حوار بين مكوّنات الاقتصاد، وهو يفضّل أن يبقى بعيداً عن أي تداخلات سياسية محلية». وفق مصادر البنك .
رغم ذلك، كان البنك الدولي حذراً في التعاطي مع المسألة، وأبقى رغبته تحييد نفسه عن المبادرة مكبوتة، ثم عمد إلى وضع حواجز حقيقية في محاولة للتفلت من اللقاء، إذ تبلّغ فاضل من مسؤولي البنك الدولي قبل يومين، أن هناك سفراء لن يتمكنوا من الحضور وهم أساسيون بالنسبة لمجموعة الدول المانحة، مثل سفراء بريطانيا وأميركا والنرويج وسويسرا، وطلبوا منه تاجيل الاجتماع.
يقرّ فاضل بانتقادات ممثلي الهيئات لمبادرته، إلا أنه يرى أن «الهيئات الاقتصادية ستشارك، وكذلك نقابات المهن الحرّة، والاتحاد العمالي العام... كلّ مكوّنات نداء 25 حزيران ستشارك في اللقاء ». ويردّ فاضل مشيراً إلى «النقاط التي يعرضها لا تؤدي إلى نشر الغسيل، بل لنقول للمجتمع الدولي أن عليه أن يقوم بما هو أكثر. لا يجب على المجتمع الدولي ان يتذرّع بشلل المؤسسات اللبنانية حتى يتوقف عن إرسال المساعدات إلى لبنان».