ابراهيم عواضة - (الديار)
9 آب 2015 الساعة 23:21
وزير الماليّة نجح في تحريك ملف إقفال المجلس النيابي
من خلال التحذير المالي بعدم التمكّن من دفع الرواتب
نجح وزير المالية علي الخليل في تحريك ملف «اقفال المجلس النيابي»، وذلك من خلال التحذير المالي - السياسي الذي اطلقه قبل ايام ومفاده ان الحكومة ستكون عاجزة في شهر ايلول المقبل عن دفع رواتب واجور موظفي القطاع العام والمتقاعدين والمياومين.. وذلك في غياب التغطية القانونية لصرف هذه المستحقات.
كما نجح الوزير الخليل من خلال موقفه المذكور اعلاه في «جرّ» وكشف الفريق المعطل للعمل التشريعي وهو الفريق الذي سارع الى التأكيد على ان دفع رواتب واجور موظفي القطاع العام «هو عملية روتينية، وانه في حال نفاذ الاعتمادات يجوز للحكومة ان تفتح بمرسوم الاعتمادات التكميلية اللازمة من مال الاحتياط». هذا ما أكده النائب في كتلة تيار المستقبل نبيل دو فريج، اضافة الى نواب اخرين في الكتلة. كما انضمت الى كتلة المستقبل، كتلة النائب ميشال عون التي رأت ان الرواتب والاجور لموظفي القطاع العام تدفع على اساس القاعدة الاثنتي عشرية، وان العمل بهذه القاعدة مستمر منذ سنوات. وفي مقلب الموظفين في القطاع العام والمتقاعدين والمياومين، فان هؤلاء «صدموا» بكلام الوزير الخليل الذي فسر من قبلهم بأن الدولة لم تعد قادرة على دفع مستحقاتهم، وبشكل اوضح فسّر كلام الوزير الخليل بأن الدولة تعاني من عدم وجود المال.
لماذا قال الوزير الخليل ما قاله، وتالياً لماذا كانت ردود الفعل السياسية الوزارية والنيابية التي خرجت لتصوّب على الموضوع؟
الناحية القانونية
من الناحية القانونية والدستورية فان تحذير الوزير الخليل جاء في محله، اذ انه ليس من الجائز لا قانوناً ولا دستورياً الاستمرار في الانفاق، بما في ذلك الانفاق على الرواتب والاجور دون وجود تغطية قانونية لصرف الاموال رغم انها متوافرة، لكن لا يوجد نص قانوني يجيز صرفها في ظل عدم اقرار مجلس النواب لقانون موازنة العام 2015، او اقراره لقانون خاص بهذا الخصوص،
وفي موقف وزير المال: ان القاعدة الاثنتي عشرية والقانون الذي صدر في عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي منذ السنتين والذي شرّع للحكومة صرف 8900 مليار ليرة تضاف الى ما هو مسموح بانفاقه بموجب موازنة 2005 ليسا كافيين لتغطية الانفاق العام.
ويؤكد الخليل على ان اقرار سلفة للوزارات في مجلس الوزراء هو امر مخالف للقانون وان الحل الوحيد لقوننة هذا الانفاق هو في اصدار قانون خاص في مجلس النواب او اقرار موازنة عامة. من الناحية القانونية والدستورية اصاب الوزير الخليل، لكن في المقابل لا يمكن لاي عاقل ان لا يقرأ موقف الوزير الحالي من ناحية سياسية، فمن الواضح والثابت ان وزير المال اراد اعادة الانتاجية الى المجلس النيابي بدفع المقاطعين بقوة «ملف رواتب واجور موظفي القطاع العام» الى المجلس النيابي... كي لا يحشروا امام محازبيهم وقواعدهم السياسية في مسألة وفي ملف اساسي كملف الاجور، وهذا حق سياسي يمارسه الوزير خليل، في مقابل الموقف السياسي الآخر المقاطع لمجلس النواب.
وفي مقابل موقف وزير المال وايضاحاته تبرز مواقف اخرى لكتل نيابية اساسية ووزانة تذهب الى حد الاختلاف المطلق مع موقف الوزير الخليل.
الكتل النيابية التي تقاطع اجتماعات المجلس النيابي وعلى رأسها المستقبل والوطني الحرّ ترى ان تحذير الوزير الخليل هو من باب السياسة، لا سيما ان المال متوافر لدفع رواتب موظفي القطاع العام.
ويرى هذا الفريق السياسي - النيابي ان موضوع الرواتب واضح في قانون المحاسبة العمومية من حيث انها عملية روتينية وهناك فقرة تنص على انه في حال نفاد الاعتمادات يجوز للحكومة ان تفتح بمرسوم الاعتمادات التكميلية اللازمة من مال الاحتياط، لذا فانه من غير الجائز اذا لم يتمكن مجلس النواب من الاجتماع الا تدفع رواتب الموظفين ما دام القانون واضحاً، واذا احتاج الامر ان يتخذ مجلس الوزراء القرار في ذلك فنحن جاهزون.. يقول النائب نبيل دو فريج.
ويستشهد هذا الفريق في دعم وتأكيد وجهة نظره بالقرار الصادر عن مجلس الوزراء عام 2006 الذي لحظ انه يمكن دفع ما تقتضي المصلحة العامة صرفه بما فيه الرواتب والاجور في القطاع العام، وكذلك من خلال القانون الرقم 715 الذي يجيز دفع النفقات الدائمة قبل اقرار الموازنة العمومية.
وفي مقابل حجج الوزير الخليل، وحجج الفريق الآخر تأتي مواقف بعض الخبراء الاقتصاديين والماليين لتدعم وجهة نظر وزير المالية اقله من الناحية القانونية والدستورية وهي ثابتة.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي والمالي غازي وزني: ان مسألة تأمين رواتب واجور موظفي القطاع العام في ايلول المقبل مرتبطة بمدى شرعية الانفاق او عدمه، موضحاً ان الاولى تقضي ان يفتح مجلس النواب اعتمادات اضافية لدفع الرواتب والاجور بنحو 850 مليار ليرة. اما عدم شرعية الانفاق فيقضي باعتبار الرواتب والاجور نفقات ملزمة وبالتالي على وزارة المال تسديدها لموظفي القطاع العام.
ويقول وزني: الاجدى قانونياً ودستوريا اتباع المسار القانوني والدستوري اي ان يشرع مجلس النواب اعتمادات اضافية بقيمة 85 مليار ليرة على غرار ما حصل عام 2014 عندما شرّع نفقات اضافية بنحو 9 آلاف و500 مليون ليرة، والا نستمر في الانفاق غير الدستوري وغير القانوني على غرار السنوات السابقة.
... في المحصلة المسألة المثارة سياسية بامتياز بين من يريد استعادة العمل التشريعي واحياء مؤسسة المجلس النيابي، وبين من يصرّ على التعطيل، بانتظار زمن التسويات الكبرى.
اشارة اخيرة الى انه كان من الافضل توسل ملفات اخرى غير ملف اجور موظفي القطاع العام والمتقاعدين والمياومين في السياسة لما لهذا الملف من حساسية خاصة واهمية قصوى لاكثر من 250 الف عائلة لبنانية عاشت في الايام الاخيرة وما زال هناك خوف من خسارة رزقها، مع العلم بان وزير المال يعلم، وتاليا هو الاحرص على دفع الرواتب، فهو اولاً، واخيراً ابن حركة المحرومين... «حركة امل».