ندوة في مجلس النواب عن «تأثير الأزمة السورية على الكيان اللبناني» بالتعاون مع البنك الدولي
الحلّ بعمل دولي جدي لإعادة النازحين إلى بلدهم
نظم مجلس النواب أمس، ندوة بعنوان «تأثير الأزمة السورية على الكيان اللبناني»، بالتعاون مع برنامج البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار، في إطار الشراكة القطرية للفترة الممتدة من السنة المالية 2016 – 2021 بهدف مساعدة لبنان على مواجهة الأثر الاقتصادي والاجتماعي السلبي الناجم عن الأزمة السورية وفي الوقت نفسه دعم جدول أعمال التنمية الخاص بلبنان على مدى أطول.
وقد مثل راعي الندوة رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان الذي أدار الندوة، في حضور النواب: جيلبرت زوين، علي بزي، ألان عون، كاظم الخير، نوار الساحلي، حكمت ديب، إدغار معلوف، شانت جنجنيان، محمد قباني، جمال الجراح، علي عمار وقاسم هاشم، ممثل البنك الدولي المدير الإقليمي فريد بلحاج، نائب المدير الإقليمي بيلار مايستورا، رئيس مؤسسة التمويل الدولية توماس جاكويز، مسؤولة برنامج التنمية البشرية حنين السيد ومسؤول برنامج الحوكمة بيتر موسلي ومنسقة المشاريع في لبنان منى كوزي ومسؤولة العلاقات الخارجية والإعلام منى زيادة، مساعدة برنامج التنمية آنا نوفونا وعدد من كبار موظفي المجلس النيابي والخبراء المعنيين.
كنعان
بداية ألقى كنعان كلمة أشار فيها إلى «أنّ الحكومة اللبنانية بأجهزتها المعنية، وبمعاونة البنك الدولي والمؤسسات الدولية المختصّة، قد وضعت الدراسات العديدة عن انعكاس هذه الأزمة على الأوضاع اللبنانية ووثقتها بالإحصائيات والمعلومات».
وأضاف: «إلا أنني أجد لزاماً علي، وأنا أتحدث باسم المجلس النيابي، أي باسم الشعب اللبناني المتمثل في هذا المجلس، أن أبين تأثير الأزمة السورية، معطوفة على القضية الفلسطينية، على الكيان اللبناني بحدّ ذاته، فعدد اللبنانيين المقيمين حالياً في لبنان لا يتجاوز الأربعة ملايين نسمة، يقابلهم أكثر من مليون ومئتين وخمسين ألف نازح سوري مسجل وأكثر من خمسمئة ألف سوري ما بين نازح غير مسجل وعامل، يضاف إليهم أكثر من أربعمائة ألف لاجىء فلسطيني، الأمر الذي يجعل مجموع غير اللبنانيين يتجاوز 55 في المئة من الشعب اللبناني. وهذا يشكل بحدّ ذاته خللاً ديمغرافياً وعامل عدم استقرار».
وأضاف: «يزداد تأثير الوجود السوري والفلسطيني الكثيف على الكيان اللبناني من جراء عوامل أربعة: أولها كون الوجود السوري والفلسطيني على الأرض اللبنانية وجوداً مسلحاً وغير منضبط في الإجمال، ثانيها كون الأزمة السورية والقضية الفلسطينية مجهولتي الآفاق مستقبلياً، ثالثها الانقسام السياسي وحتى المذهبي، في لبنان تجاه الأزمات التي تعصف بالمنطقة من سورية إلى العراق فاليمن وسواها، ورابعها محدودية القدرة اللبنانية على تحمل أعباء آثار الأزمة السورية اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً، ومحدودية البنية التحتية اللبنانية على استيعاب هذا الكمّ من النازحين وتوفير متطلباتهم، الأمر الذي يدفع باللبنانيين إلى المزيد من الهجرة، وبالتالي إلى المزيد من الخلل الديمغرافي».
وختم: «لا شك أنّ دوركم كبير وجهدكم مشكور على صعيد مساعدة لبنان على مواجهة آثار الأزمة، إلا أنهما يبقيان محدودي الأثر على صعيد حماية الكيان اللبناني، ما لم يقترنا ببرنامج عاجل لإعادة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة داخل سورية».
الجلسة الأولى
تركزت جلسة العمل الأولى على شرح أهداف الشراكة القطرية التي ارتكزت على أربعة مبادىء هي: الاتفاقية، التنفيذ، الشركات والمرونة من خلال برنامج المجموعة الدولية لمعالجة أولويات البلاد من خلال القيام باستثمارات عالية التأثير وتوفير المعطيات التحليلية في القطاعات الرئيسية وتعزيز الشراكات البالغة الأهمية والأساسية لمعالجة الآثار السلبية الناجمة عن الأزمة السورية».
مؤتمر صحافي
بعد الندوة تحدث كنعان والمدير الإقليمي في مؤتمر صحافي مشترك، وتحدث كنعان فقال:
«اليوم يعيش في لبنان أكثر من 55 في المئة من غير اللبنانيين من نازحين سوريين ولاجئين فلسطينيين، وعلينا أن نعرف حجم المشكلة التي شكلها هذا النزوح، وما يقوم به البنك الدولي مشكوراً سيشرحه بشكل مقتضب الاستاذ فريد بلحاج من التزامات البرنامج بهذه المشاريع. نحن شدّدنا على ضرورة أن يكون هناك دعم للسلطات المحلية أي البلديات التي هي على تماس مباشر مع النازحين السوريين، ليس في منطقة واحدة إنما في كلّ المناطق اللبنانية. وعرفنا أنّ هناك مشروعاً قائماً حالياً بقيمة عشرة ملايين دولار لبلديات الشمال والبقاع، والآن من خلال ورشة العمل التي نظمت اليوم تمنى الحاضرون أن تتم زيادة حجم المبلغ الذي نعتبره متواضعاً قياساً على حجم الأزمة، وأن يشمل كلّ المناطق اللبنانية التي يستهلكها النزوح من الجنوب والشمال والبقاع ليساهم هذا المبلغ فعلياً في الحدّ من الأثر السلبي للأزمة».
وأضاف: «هناك منظمات أخرى كما عرفنا من البنك الدولي تتعاطى في هذا المجال أوروبية ودولية وغيرها، لكنّ المطلوب أن يكون هناك تنسيق في ما بينها لنعرف الحجم والإمكانات المخصّصة. ويبقى حلّ هذه الأزمة بالعمل الجدي على الصعيد الدولي لإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم أو على الأقلّ إلى المناطق الآمنة من بلدهم، فنحن لا نستطيع الاستمرار في عملية تطبيع هذا الواقع لأنّ لبنان ليس لديه القدرة لتحمل أثرها على أي مستوى كان».
بلحاج
بدوره، قال بلحاج: «استمعنا إلى بعض الملاحظات من أعضاء المجلس النيابي اللبناني في ما يخصّ استراتيجية الشراكة بين البنك الدولي والجمهورية اللبنانية والتي ستبدأ بعد أشهر ونريد منها أن نتعلم من الدروس الماضية. هذه الاستراتيجية لها مقاربة آلية تتعلق بموضوع الوضع في سورية وتأثيره على لبنان على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والمالي، لهذا مضينا قدماً في تمويل مشاريع عدة منها مثلاً مشروع دعم البلديات التي تتعرض اليوم للضغط السكاني على مستوى البنية التحتية والصرف الصحي أو الصحة والتعليم نتيجة التدفق السوري. لقد تعهدنا بأنّ البنك الدولي سيرفع من سقف التمويل والإعانة لهذه البلديات وبدأنا اليوم بهذا المشروع وإن شاء الله سيتوسع أكثر فأكثر ليغطي أكبر عدد من البلديات. وهناك البعد الثاني لهذه الاستراتيجية وهو المتوسط والطويل المدى، وهذا هو البعد الذي يرتكز على موضوع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في لبنان».
وأضاف: «من المشاريع التي بدأنا فيها مشروع سدّ بسري، وهو مشروع حيوي ووطني، وتحدثنا مع رئيس لجنة المال والموازنة الأستاذ ابراهيم كنعان ومع النواب الذين حضروا الورشة عن أهمية المضي قدماً بهذا المشروع لأنه موجود في البرلمان، وهو مشروع طويل المدى، للوصول إلى درجة الانتفاع منه. وبما أنه مشروع طويل المدى علينا أن نبدأ به اليوم قبل الغد، وسيكون موضع مشاورات مع السادة النواب ومع القيادات المعنية للسير قدماً به، وهذا ما يتعهد به البنك الدولي».
وهنا تدخل كنعان لافتاً إلى أنّ «كلفة مشروع سدّ بسري هي بحدود 474 مليون دولار»، مشيراً إلى أنّ هناك «مشاريع أخرى نوقشت منها ما يتعلق بالبنى التحتية والصرف الصحي وشبكات الخليوي، بالإضافة إلى مشاريع لها علاقة بإصلاحات مطلوبة على مستوى الإدارة الضريبية، وهذه مشاريع قيمتها بحدود نصف مليار دولار من الالتزامات».
وقال: «إذا أخذنا مجمل التزامات البنك الدولي اليوم خلال المناقشات والعالقة بين الحكومة والمجلس النيابي، نصل إلى مليار وسبعة ملايين دولار، منها ما هو قروض ومنها ما هو منح. المهم أن تؤخذ هذه المشاريع بالاعتبار، وقد تعاهدنا على أخذ هذا الأمر بالاعتبار والعمل على تحقيق هذه المشاريع. أما بالنسبة إلى موضوع ندوة اليوم فقد بينا أبعاد الأزمة السورية وحجمها وتأثيرات النزوح السوري اقتصادياً وكيفية دعم السلطات المحلية، واعتقد أننا خلال مهلة شهر تقريباً سنعود إلى المجلس النيابي مع خطة شاملة لكلّ هذه المناطق اللبنانية».