يعمل عشرات الآلاف من العمال في قطاع الملابس الأردني ذي النمو السريع. وثمانون في المائة من هؤلاء العمال مهاجرون. وفي محاولةٍ لتحسين معيشتهم وظروف عملهم، شَرَعت منظمة العمل الدولية في إنشاء مركزٍ عمالي في أكبر منطقةٍ صناعية في الأردن.
وسُرعان ما غدا مركز العمال في مدينة الحسن الصناعية والذي افتُتح قبل عامٍ جزءاً مهماً من حياة الكثيرين. ويضم المركز ذو التصميم البسيط لكن العملي قاعة إنترنت، وصالةً رياضية، وكافتيريا، وملاعب رياضية، وفصولاً دراسية تنظِّم دوراتٍ في اللغة الانكليزية وتكنولوجيا المعلومات. كما يقدِّم المركز دعماً نقابياً ومشورةً في مجال القانون والصحة العقلية لآلافٍ من العاملين في المدينة الصناعية.
وقد شارك في إنشاء المركز الوكالةُ الأمريكية للتنمية الدولية, وشركة المدن الصناعية الأردنية، وغرفة صناعة إربد، ومصانع الألبسة ضمن المنطقة الصناعية، والنقابة العامة للملابس والصناعات النسيجية، والجمعية الأردنية لمصدري الألبسة والإكسسوارات والمنسوجات، وعلاماتٌ تجارية دولية.
وقالت إيميلي هيلتون من برنامج عمل أفضل/الأردن وهي مديرة مشروع مركز العمال: "يُعتبر مركز العمال في مدينة الحسن الصناعية والذي أسسه برنامج عمل أفضل/الأردن الأول من نوعه في الأردن. وهو مكانٌ يأتي إليه العمال للَّعب، ولقاء بعضهم بعضاً، واحتساء كوبٍ من القهوة. وهو فضاءٌ مستقل كلياً عن أماكن عملهم ومهاجعهم التي عادةً ما يسيطر عليها أصحاب عملهم".
وقال فيليب فيشمان مدير برنامج عمل أفضل/الأردن: "خرجت فكرة المركز العمالي إلى النور جراء الحاجة القوية جداً التي كان العمال يعبرون عنها بصراحة. ومن وجهة نظر منظمة العمل الدولية وبرنامج عمل أفضل، يقدم لنا المركز أيضاً فرصةً للتحدث إلى العمال بعيداً عن أصحاب عملهم، فأتاح لنا بذلك معرفة الكثير عن حياتهم اليومية وماذا يعني القدوم إلى الأردن كعاملٍ مهاجر والعمل في قطاع الملابس".
ويعمل زهاء 16 ألف من أصل عمال مدينة الحسن الذين يبلغ عددهم 25 ألف عامل في مصانع للألبسة. وقرابة 80 في المائة من هؤلاء هم عمالٌ مهاجرون من جنوب آسيا. وتُعتبر مدينة الحسن الصناعية واحدةً من 14 منطقة صناعية حرة تدعى مناطق صناعية مؤهلة ويعمل فيها عشرات الآلاف من العمال المهاجرين في مصانع الألبسة. وقد جاءت الغالبية الساحقة منهم من الهند، وسري لانكا، وبنغلاديش. وهم نادراً ما يغامرون بالذهاب إلى خارج حدود المنطقة الصناعية مترامية الأطراف والتي أُقيمت في الضواحي المتربة النائية لمدينة الرمثا الواقعة شمالي المملكة.
ويتحدث كثيرٌ من الذين يعملون في المركز أو يرتادونه بحماسٍ عن فوائده:
ساندرا سنو منسقة المشاريع في المركز وعاملة سابقة في قطاع الملابس:
"يمكن للعمال استخدام قاعة الإنترنت في المركز للحديث مع أسرهم في بلدانهم الأصلية عبر برنامج سكايب، أو الذهاب إلى الصالة الرياضية للتدرب أو اتباع دروسٍ في الرقص، أو الالتحاق بدوراتٍ لتعلم اللغة الإنكليزية واستخدام الحاسوب، كي يتمكنوا من بناء مهاراتهم بما يتيح لهم عند عودتهم إلى بلادهم الحصول على فرص عملٍ أخرى والارتقاء في مكان عملهم أيضاً. كما يمكن للعمال الحصول على مساعدةٍ قانونية، وتمثيل نقابي، وخدمات صحية عند الحاجة".
روكسانا عاملة في قطاع الملابس من بنغلاديش:
"أنا الآن أتبع دورةً مدة شهرين في الحاسوب هنا في المركز، حيث ستساعدني الشهادة في الحصول على عملٍ أفضل في إحدى الشركات عندما أعود إلى بنغلاديش".
موني أكثير عاملة في قطاع الملابس من بنغلاديش ومدرسة كمبيوتر في مركز العمال:
"أنا حقاً استمتع بالمجيء إلى المركز يوم الجمعة والعمل مع عمالٍ من بنغلاديش والهند وسري لانكا. فهذا يسعدني حقاً. وأنا أتطلع إلى مواصلة هذا العمل في بنغلاديش".
ثين ثين عاملة في قطاع الملابس من بورما:
"يسهل علينا الحصول على عملٍ في أي بلدٍ نذهب إليه إذا كنا نتكلم الانكليزية. فالجميع يستخدم هذه اللغة للتواصل بسهولةٍ في أماكن العمل".
سان لوين من بورما:
"أنا أستخدم الحاسوب للاتصال بعائلتي، ووالديّ، وأختي. وأنا أستمتع بذلك وسعيدٌ به".
ميرفت عبد الكريم الجمهاوي من النقابة العامة للعاملين في صناعة الغزل والنسيج والألبسة، وكبيرة مستشاري مركز العمال تتحدث في حفلٍ ثقافي أقيم بمناسبة مرور عامٍ واحد على تأسيس المركز:
"لقد تحسنت أمورٌ كثيرة منذ تأسيس المركز. أولاً، أصبح لدى العمال الآن مكانٌ يذهبون إليه ويلجؤون إليه. وثمة أنشطةٌ كثيرة يمكنهم القيام بها فيه كالرسم واستخدام الصالة الرياضية. وهنالك أيضاً الكافتيريا حيث يمكنهم الجلوس والدردشة وتبادل القصص حول مشاكلهم. وقد كان لذلك عظيم الأثر على نفسيتهم. وترون اليوم بعض الأعمال التي سيؤدونها، حيث سيقدمون قرابة خمسين عرضاً. وأنا أكافح كي أجد وقتاً لإشراكهم لأنهم جميعاً متلهفون للمشاركة في أنشطة المركز".
ناتاشا عاملة في قطاع الملابس من مدغشقر:
"نحن عامةً منهكون جراء العمل، وهذا هو المكان الذي نلتقي فيه، ونستمتع فيه، ونمضي فيه وقتاً رائعاً حقاً. وأنا آتي إلى هنا كل يوم جمعة، وغالباً للدراسة والرقص واستخدام الإنترنت".
عمران عامل في قطاع الملابس من بنغلاديش:
"هذا هو مركز العمال. يأتيه عمالٌ من جميع الجنسيات. ويمكن لمن لديه مشكلةٌ عرضها هنا وتقديم شكوى في أي وقت".
ساندرا سنو منسقة المشاريع في المركز وعاملة سابقة في قطاع الملابس:
"يعمل في الأردن عمالٌ من جنسياتٍ مختلفة، وهم بعيدون عن أسرهم. وأحياناً، يتعرضون لانتهاكاتٍ في أماكن عملهم كالعمل لساعاتٍ طويلة جداً، أو الحصول على أجورٍ أدنى، أو التحرش الجنسي. وثمة صعوباتٌ أخرى تتعلق بالطعام والماء والصحة. كما يؤكد بعض العمال غرقه في الديون أيضاً".
إيميلي هيلتون مديرة مشروع مركز العمال، برنامج عمل أفضل/الأردن:
"نحن نسعى إلى أن يصبح المركز مكاناً يرتاده العمال ويدعمون بعضهم البعض فيه ويحصلون على الدعم الذي يحتاجونه لمواجهة بعض تلك القضايا، وهو دعمٌ لن يجدوه في أي مكانٍ آخر من المدينة الصناعية".
وُضعت خطةُ استدامةٍ لجعل المركز مكتفياً ذاتياً في غضون السنوات القليلة القادمة. ويحدو برنامج عمل أفضل/الأردن الأمل أن يتمكن المركز، الذي شُيِّد لأغراضٍ محددة، قريباً من دعم نفسه مالياً من خلال رسوم اشتراك العمال وتبرعات أصحاب المصلحة في قطاع الملابس كالمصانع والعلامات التجارية. كما يأمل البرنامج تحقيق استدامة المركز على المدى البعيد عبر منح العمال دورٍ فاعل في إدارته.
ويُعتبر قطاع الملابس في المملكة أحد المكونات الأساسية لاقتصادها النامي. ففي عام 2013، تجاوزت قيمة صادرات الملابس في الأردن مبلغ 1.3 مليار دولار، أي ما يفوق 18 في المائة من إجمالي الصادرات، وبزيادةٍ قدرها 10 في المائة عن العام السابق. وقد أُنشئ مركز الحسن كمشروعٍ تجريبي ليُعمَّم في حال نجاحه على المناطق الصناعية في جميع أنحاء الأردن.
وقال فيليب فيشمان:
"هنالك ثلاث مدن صناعية رئيسية في الأردن يتواجد فيها معظم مصانع الألبسة. ويحدونا الأمل بإنشاء مراكز عمالية في جميعها في السنوات القليلة المقبلة".