النهوض بالضمان الاجتماعي يحتاج الى قرار سياسي جريء وإدارة فاعلة
مبنى الضمان الاجتماعي (اللواء)
اذا كان قضية النهوض بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قد استحوذت على الحصة الاكبرمن اهتمامات وزير العمل سجعان قزي الذي رأس خلوة خاصة لهذا المرفق في آب الفائت اسفرت عن سلة توصيات مفيدة فان بعض الامور مازالت عالقة ربما لانها بحاجة الى قرار سياسي جريء اسوة بغيرها من الملفات الاجتماعية والحياتية بعيداً عن التجاذبات الحالية.
واذ ان بعض القرارات التي تم التوافق عليها في الخلوة قد اخذت مسلك التنفيذ لاسيما لجهة توسيع تقديمات الصندوق ،وزيادة مساهمته في التغطية الصحية المقدمة للمضمونين حيث اعلن مؤخرا خلال اجتماع موسع بحضور وزير العمل سجعان قزي ووزير الصحة العامة وائل ابو فاعور عن نية الصندوق في رفع نسبة مساهمته بخصوص ثلاثة انواع من الامراض وهي : التصلب اللويحي، والتليف الرئوي، والضغط الرئوي الى 95 في المئة بعدما كانت 80%،خصوصا وان هذا الاجراء لا يحمل الضمان اعباء اضافية بل يساعد المريض بشكل كبير على ان تأتي في مرحلة لاحقة امراض السرطانفيما ان بعض التوصيات الاخرى بحاجة الى تحرك واهتمام وزاري جامع يحّرر الضمان من بعض القيود، فلايجب ابداً اغفال تأثير الشغور الحاصل في مجلس الادارة على بعض القرارات التي يستلزم نفاذها التصويت عليها فضلا عن انتهاء مدة بعض الاعضاء في كل من اللجنة الفنية وايضا اللجنة المالية .
فعلى صعيد مجلس الادارة ،علم ان ممثل شركات التأمين في المجلس السيد انطوان واكيم قد عادعن مقاطعته لاجتماعات المجلس بعد فترة غياب طويلة وهو المشهود له بخبرة وافية وكفاءة ممتازة في حقل التأمين الصحي الى جانب مساهمته الفعالة في اعداد سلسلة مشاريع قوانين في مجال الضمان الصحي والحماية الاجتماعية والتقاعد التي ترتكز على علم اكتواري دقيق. اما بالنسبة لباقي الاعضاء المتغيبين وهما ممثلا الدولة السيد اكرم نجار والدكتور مروان اسكندر فان الاستقالة الرسمية التي تقدما بها اعفتهما من مسؤولية المشاركة في اجتماعات مجلس الادارة وبالتالي على مجلس الوزراء البحث عن اسمين بديلين، هذا اذا سمحت الظروف والمستجدات الامنية السياسية في البلاد التي تفرض جدول اعمال استثنائي. الى جانب ممثلي الدولة المستقيلين هناك استقالة ممثل جمعية المصارف الدكتور مكرم صادر المفترض ان يتم انتخاب بديل عنه في جمعية المصارف بحضور مندوب عن وزارة العمل ليصدر مرسوم بالتعيين من مجلس الوزراء بعد مصادقة وزير الوصاية الذي هو وزير العمل.
ومن المعلوم ان هذه الآلية القانونية هي المتبعة اليوم مع كل الاعضاء ال5 المنتخبين.
اللجنة المالية
اما بالنسبة الى اللجنة المالية، فقد انتهت صلاحية اعضائها ولم يتم حتى اليو م تعيين البديل بموجب مرسوم من مجلس الوزراءوبناء على اقتراح من وزير العمل ، وزير المالية ومجلس ادارة الصندوق.
وهذه اللجنة تتألف من الرئيس وهو مدير عام المالية، ويكون مقررها مدير عام صندوق الضمان الى جانب عضوين من مجلس الادارة منتخبين من المجلس ، وممثل عن كل من مجلس الانماء والاعمار وممثل عن سائر القطاعات. الجديرذكره ان اللجنة المذكورة تكلّف بتوظيف اموال الصندوق لآجال قصيرة ومتوسطة وطويلة . ويحدد تشكيلها وصلاحياتها في نص المرسوم وتوضع تحت تصرف سلطة مجلس الادارة الذي يتحمل مسؤولية سياسة التوظيفات .
اللجنة الفنية
اما اللجنة الفنية فهي اليوم بدورها مشلولة الصلاحيات بعد احالة 2 من اعضاءها على سن التقاعد فيما يحتفظ رئيسها سمير عون بصفة المستشار فقط بانتظار صدور تعيين عضوين جديدين من قبل مجلس الوزراء. اذ يتم تعيين رئيس وعضوي اللجنة الفنية بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء علىاقتراح وزير العمل، شرط أن تتوافر بالاضافة إلى شروط التعيين العامةالمعتمدة في الصندوق الشروط الخاصة .
النهوض بالضمان عملية شاقة
عملية النهوض بالضمان الاجتماعي شاقة ولكنها غير مستحيلة،والخلوة التي عقدت كانت ضرورية حتى ولو لإلقاء الضوء على الظروف الراهنة التي يعمل فيها الصندوق، وسط تجاذبات سياسية وعمليات هدر في الانفاق ساهمت في انعدام الثقة بين الادراة في الصندوقمن جهة وبين ارباب العمل والدولة من جهة اخرى،الى جانب عوائق النقص الفاضح في المراكز، وغياب لاعمال المكننة، وتراجع للواردات يقابله ارتفاع في النفقات.
والوزير قزي الذي ثار على هذا الوضع غير السليم في الصندوق بغياب بعض اعضاء المجلس ومقاطعة البعض الآخر، اكد عزمه على اعادة رسم الاطار الصحيح لعمل الضمان الذي يجب تحضيره لتشمل رعايته شريحة اوسع من المستفيدين وصولاً الى كل اللبنانيين فضلاً عن زيادة قاعدة خدماته .
واذ يبدي الوزير قزي رغبته في اهمية اعادة النظر في عدد اعضاء مجلس الضمان الحالي وبتحويله الى 12 عضوا بدلا من 24 وهو العدد الحالي فقد طمأن الى انه سيُصار إلى تنفيذ القرارات المتخذة فوراً، خصوصاً تلك المتعلقة بالأمور اليومية للمضمونين، أما القرارات الاستراتيجية فستأخذ طريقها القانوني والدستوري عبر مجلس النواب.
ومن أبرز التوصيات: «وضع هيكلية إدارية للصندوق تحدد الواجبات والمسؤوليات وتنظم علاقات العمل، استكمال المرحلة الثانية من المخطط التوجيهي العام لأنظمة المعلومات لتعديل الأنظمة لتحديث عمل الصندوق واعتماد التواصل الإلكتروني بين الصندوق والمتعاملين معه، درس إمكان إنشاء مركز للإعداد والتدريب تستفيد منه مؤسسات الضمان والتأمينات الاجتماعية، الاستفادة من الهبة الأوروبية البالغة قيمتها 3.8 مليون يورو باتجاه المرحلة الثانية من المكننة والاستثمار في الهيكلية الإدارية لتجنب التجارب السابقة». كما نصّت التوصيات على وجوب «الموافقة على استمرار العناية الصحية للأجراء المضمونين بعد بلوغهم سن التقاعد وترك العمل، بذل الجهود اللازمة مع المعنيين لإقرار مشروع قانون التقاعد والحماية الاجتماعية، مطالبة الهيئات الاقتصادية الالتزام بقانون وأنظمة الصندوق، لاسيما لجهة التصريح عن جميع الأجراء العاملين لديها وعن الأجور الحقيقية المدفوعة فعلاً للأجراء، إعادة النظر بمسالك العمل لاختصار مسالك سير المعاملات وتبسيط الإجراءات الإدارية، رفع جودة الخدمات التي يقدمها الصندوق من خلال متابعة برنامج الجودة مع وزارة التجارة والاقتصاد، تبسيط وتسهيل إجراءات الحصول على براءة الذمة التي يصدرها الصندوق، تأكيد تفعيل تطبيق النصوص المتعلقة بالطب الوقائي». اخيرا ً الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هو صمام الامان في المجتمع فهل سيسمح له بأخذ هذا الدور في لبنان؟