نص المؤتمر الصحفي لرئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان السيد حسن فقيه
بعد اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد
بيروت، في 26 شباط 2020
عقد المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام في لبنان اجتماعاً له برئاسة رئيس الاتحاد السيد حسن فقيه وحضور الأعضاء. وبعد مناقشة جدول الأعمال صدر عن الاجتماع البيان الآتي:
أولاً: في بداية الاجتماع قدّم الباحث الاقتصادي في الدولية للمعلومات الأستاذ محمد شمس الدين عرضاً موسعاً وعميقاً لآخر التطورات الاقتصادية والمالية والنقدية وانعكاساتها الاجتماعية خصوصاً على العمال وذوي الدخل المحدود. وجاء في أبرز هذا العرض المعطيات التالية:
• 55 % من اللبنانيين أصبحوا فقراء ومنهم 25 % أي نحو مليون لبناني يعيشون دون خط الفقر أي لا يكفي دخلهم لتوفير كميات والغذاء الصحي والسليم.
• تجاوز الدين العام 91 مليار دولار وفوائده السنوية تزيد عن 6.3 مليار دولار. بلغت حتى شهر تشرين الأول 2019 كلفة الرواتب والأجور وخدمة الدين العام 10 مليار دولار بينما كل إيرادات الدولة لم تبلغ 9.4 مليار دولار.
• ترتفع نسبة البطالة إلى أكثر من 25 بالمئة وتبلغ لدى الفئات الشابة 35 %. وخلال الأزمة الحالية وحتى نهاية كانون الثاني 2020 تم صرف 15 ألف موظف وتخفيض رواتب نحو 50 ألف. التخفيض تراوح بين 20% و 50% والخوف هو في الأشهر القادمة حيث هناك نحو 50 إلفاً قد يفقدون وظائفهم.
• في ظل هذه الأزمات ارتفعت أعداد المهاجرين والمسافرين بشكل كبير إذ وصل إلى 66 ألفاً مقارنةً ب 33 ألفاً في العام 2018. وتراجعت القدرة الشرائية للبنانيين بنسبة 35% ما قد يدفع إلى المطالبة بزيادة الأجور في ظل عدم قدرة الدولة أو القطاع الخاص على دفع هذه الزيادة وهي تصارع من أجل البقاء.
• تأخير توقيع رئيس الجمهورية لقانون الموازنة العامة للعام 2020 قبل إقرار قطع الحساب يعني أنّ أي إنفاق للمال العام هو إنفاق مخالف لذا نناشد الرئيس توقيع هذه الموازنة أو مسارعة مجلس النواب إلى إقرار قانون يجيز استثنائياً توقيع الموازنة دون قطع الحساب. خاصةً وأنّ في قانون الموازنة النصوص القانونية برفع قيمة ضمان الودائع إلى 75 مليون ليرة وأيضاً إعفاء المتخلفين عن سداد القروض المصرفية من غرامات التأخير وهي أمور ينتظرها اللبنانييون.
ثانياً: يرى الاتحاد العمالي العام أنّ هذه المعطيات تؤكد على ما ذهب إليه مراراً في جميع أدبياته من أنّ النموذج الاقتصادي الريعي والربوي المتوحش قد سقط إلى غير رجعة ويجدّد الدعوة لخطة اقتصادية تنموية بديلة تقوم على الإنتاج الحقيقي في الصناعة والزراعة والتجارة والخدمات وتستوعب مئات ألوف العاطلين عن العمل أو الوافدين إليه من خريجي المعاهد والجامعات والكليات ذلك، أنّ هذا النموذج دمّر كل شيء وقضى على المدرسة الرسمية والجامعة الوطنية والمستشفيات الحكومية العاجزة اليوم عن استيعاب صدمة إمكان وصول وباء الكورونا إلى البلاد. في الوقت الذي سمح فيه لفئة من المودعين الكبار وأصحاب المصارف وشركائهم من السياسيين على اختلافهم والذين يشكلون 1% من مجمل المودعين ويملكون 52% من تلك الودائع إلى تحويلها للخارج في عزّ الأزمة التي تجتاح البلاد بدون أي وازع قانوني أو أخلاقي أو حسّ وطني.
ويطالب الاتحاد في هذا المجال إلى الإسراع في دعم السلة الاستهلاكية الأساسية التي تشمل 26 سلعة مرتبطة باحتساب الحد الأدنى للأجور.
ويؤكد الاتحاد مجدداً إلى أنّ المشكلة تكمن في الأساس في النظام السياسي الطائفي والمذهبي القائم على المحاصصة وتوزيع الغنائم وسرقة مال الناس وامتناعه عن حلّ أبسط المشكلات مثل الكهرباء التي تشكّل ثلث الدين العام ومعالجة قضية المياه والنفايات وسواها من المعضلات التي يعاني منها اللبنانيين.
إنّ إعادة إنتاج سلطة تتمتع بثقة الشعب وتمثيله تمثيلاً حقيقياً لا تقوم سوى على قاعدة وضع قانون للانتخابات النيابية قائم على النسبية والدائرة الواحدة على المستوى الوطني خارج القيد الطائفي لبناء وطن جديد ويمكّن اللبنانيين من الدخول في دولة عصرية في مختلف مناحي حياتنا ومستقبل أولادنا.
وفي سياقٍ آخر، لا تزال الجهات السياسية الرسمية والأطراف المالية تتردّد في اتخاذ موقف حاسم من موضوع دفع سندات اليوروبوند المستحقة. وهنا، يجدّد الاتحاد موقفه الحاسم بالمطالبة بعدم دفع هذه الاستحقاقات من حسابات صغار المودعين وعلى حساب صحتهم ورغيف خبزهم وحاجاتهم لدعم المحروقات. بل على الحكومة أن تسارع إلى إعادة هيكلة الدين الخارجي والداخلي وتدفيع من جنى أكثر من 90 مليار دولار فوائد الحصة الأساسية من هذا الدين الخطير.
ثالثاً: في موضوع حماية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
إنّ خطراً محدقاً يحيط بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي بات الملاذ الوحيد للعمال والموظفين ويهدّد هذا الخطر تعويضات نهاية الخدمة التي خسرت حتى اليوم حوالي النصف بسبب الارتفاع غير المحدّد لسعر صرف الدولار على الليرة اللبنانية وهذه الموجودات التي هي أموال للعمال تبلغ حوالي 12 ألف مليار ليرة بينما صندوق المرض والأمومة يتعرّض للخسارة ويستدين من فرع نهاية الخدمة بشكل مخالف للقانون الأساسي للصندوق. فيما الدولة مكسورة تجاه الصندوق كمتوجبات مستحقة عليها تبلغ 3200 مليار ليرة وتبلغ على أصحاب العمل حوالي 800 مليار ليرة أي أننا أمام حوالي أربعة آلاف مليار ليرة لا يعرف مصيرها ومهدّدة في قيمتها.
إننا إذ نحمّل الدولة أساساً المسؤولية الأساسية عن تدهور هذا الوضع، فإننا نستهجن عدم تنويع سلة العملات للموجودات المالية في الصندوق بالحدود التي يتيحها القانون أي نسبة 20% بما يحفظ حد أدنى من التوازن. وكذلك نستغرب السياسة المالية للصندوق التي تقتصر على توظيف الأموال في سندات الخزينة والمصارف التجارية بينما المطلوب القيام باستثمارات منتجة سواء في تصنيع الدواء المحلي والعودة إلى استيراد الدواء مباشرةً وليس عبر الوسطاء وغير ذلك وهو من مهام اللجنة المالية وليس من مهام الاتحاد العمالي العام.
إضافةً لكلّ ذلك، فقد شكّلت الحكومة الجديدة لجنة اقتصادية لم يشارك فيها لا الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ولا الاتحاد العمالي العام ولا المجلس الاقتصادي والاجتماعي مما يشي بمنحى سلبي في التعاطي مع قضايا العمال والموظفين وتزداد ريبتنا في طريقة معالجة هذا الموضوع الأساسي. كما أنّ هذه المخاطر تنطبق كذلك على الهيئات الضامنة الأخرى في تعاونية الموظفين وقوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني وسواهم الخ...
إنّ الاتحاد العمالي العام الذي دقّ ناقوس الخطر مراراً من هذه السياسات التي عطّلت الصندوق الذي يصل الشغور بين موظفيه إلى 50% ويمدّد لمجلس إدارته لأكثر من 12 عاماً يؤكّد أنه سيواجه هذا الواقع بالتعاون مع نقابة مستخدمي الصندوق وأعضاء مجلس الإدارة عن العمال وممثلين عن الموظفين والعمال في الهيئات الضامنة الأخرى إذا أمكن. وسيعقد لهذه الغاية اجتماعاً خاصاً لوضع الآليات والخطوات الضرورية مع هذه المنظمات الأساسية للقيام بأدنى الواجبات لحماية مصالح المضمونين.
رابعاً: في موضوع قانون الإيجارات السكني:
لقد كان موقف الاتحاد العمالي العام واضحاً وحاسماً من موضوع قانون الإيجارات السكني الذي أقرّ في العام 2014 ثم جرى التأكيد عليه بعد إدخال بعض التعديلات الطفيفة عام 2017 وتحرّك الاتحاد مع هيئات الدفاع عن المستأجرين في أكثر من تظاهرة ومناسبة تعبيراً عن رفضه لهذا
القانون الذي سيؤدّي إلى تهجير مئات الألوف من السكان المستأجرين من أماكن سكنهم وأحيائهم التي عاشوا فيها عمرهم وخصوصاً أنّ معظمهم من العمال الذين تصل أعمارهم إلى ما بين 60 و 90 عاماً وغالبيتهم عاطلين عن العمل فضلاً عن أنه وفي هذه الظروف الخطيرة التي تمرّ بها البلاد يؤدّي إلى فرز ديموغرافي طائفي ومذهبي عجزت عنه الحروب الأهلية السابقة.
وفي هذا المجال يتبنى الاتحاد العمالي العام اقتراح القانون المعجل المكرر الذي تقدّم به النائبان الكريمان الوليد سكرية وقاسم هاشم للهيئة العامة والذي يطلب «تعليق العمل بقانون الإيجارات الصادر بتاريخ 8/5/2014 والعمل بالقانون 160/92 وذلك بمادة وحيدة حتى يعاد إصدار قانون جديد للإيجارات يحمي المستأجرين القدامى وينصف صغار المالكين.
إضافةً إلى ذلك، يتبنى الاتحاد العمالي العام الاتجاه إلى إنشاء قانون الإيجارات التملكي الذي تقدّم به النائب تيمور جنبلاط إلى الحكومة عبر الوزير السابق وائل أبو فاعور على أن يشمل أي حل فئة المستأجرين بالعقود الحرة ضمن سياسية إسكانية وطنية عامة، كأحد الحلول الجذرية لحلّ هذه المشكلة المزمنة والخطيرة بأبعادها كافة.
خامساً:وأخيراً، إذ يجدّد الاتحاد موقفه التضامني مع الشعب الفلسطيني في مواجهة مؤامرة «صفقة القرن» الأميركية الصهيونية، فإنه يدعو عمال وموظفي الموانئ والمطارات في لبنان والعالم العربي الى مقاطعة جميع وسائل النقل الأميركية ومنعها مع حمولتها من الدخول إلى أي بلد عربي.
المجلس التنفيذي