بيروت، في 23/1/2020
بيان صادر عن هيئة مكتب المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام في لبنان
عقدت هيئة مكتب المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام في لبنان اجتماعاً لها في سياق اجتماعاتها المفتوحة برئاسة رئيس الاتحاد السيد حسن فقيه وحضور الأعضاء وبعد مناقشة جدول أعمالها صدر عن الهيئة البيان التالي:
بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على اندلاع الاحتجاجات الشعبية المختلفة وأكثر من شهر كامل على استقالة الحكومة السابقة برئاسة السيد سعد الحريري وبعد الكثير من الفراغ والمعاناة والفوضى التي تمخّضت وتتمخّض عنها الحوادث والاحتجاجات المتنقلة، والخسائر التي أضيفت والتخريب الذي تعرّضت له بعض الممتلكات العامة والخاصة الى تلك التي كانت قد تسبّبت بها السياسات الاقتصادية والاجتماعية والمالية والنقدية الحكومات المتعاقبة منذ أكثر من ثلاثة عقود. بعد كل ذلك وُلدت ليل أمس الأول حكومة جديدة نأمل أن تضع حدّاً لمعاناة اللبنانيين في مختلف المجالات وتستجيب لأبسط الحقوق والمطالب التي طرحها الاتحاد العمالي العام والحركة الشعبية بمختلف أطرافها.
وانطلاقاً من ذلك، يسجّل الاتحاد العمالي العام كبداية أولية الملاحظات التالية:
أولاً: إنّ تشكيل حكومة أيّاً كان شكلها وحجمها ونوعها كما أكّد الاتحاد العمالي العام في بيان سابق هو بالتأكيد أفضل من الفراغ والفوضى والفلتان خصوصاً في ظلّ تغيّب الرئيس المستقيل ومعظم وزرائه عن القيام بواجبهم في تصريف الأعمال وترك البلاد سائبة تتحكّم بها سياسة الغاب والمصارف والصيارفة والتجار وبعض هيئات أصحاب العمل وأصحاب شركات المحروقات والبنزين ويعتبر الاتحاد العمالي العام هذه الخطوة على الطريق الصحيح آملاً أن تكون بداية انفراج لهذه الأزمة المستفحلة.
ثانياً: إنّ وجود ست سيدات أعضاء في الحكومة في خطوة غير مسبوقة في تاريخ لبنان الحديث والقديم إنما هو تعبير نأمل أن يعبّر عن روح الحضارة الاجتماعية خصوصاً إذا ما مارست تلك الوزيرات التي تشهد لهنّ سيرهنّ بالكفاءة في المجالات التي عملن بها وهي خطوة يسجلها الاتحاد للرئيس دياب ولفريق عمله والذين ساعدوا في تشكيل هذه الحكومة. كما أنّ هذه الحكومة سجّلت سابقة مهمة أخرى هي عدم توزير أي نائب أو وزير سابق مع تعهد بعدم تقدم أي من وزرائها الى الانتخابات المقبلة. وفي ذلك بدايةً جدّية وجيّدة لفصل النيابة عن الوزارة.
ثالثاً: إنّ وجود عدد من الاختصاصيين والمستقلين والمميزين في مجال عملهم في هذه الحكومة يؤمّن الحد الأدنى من الاطمئنان لدى الاتحاد العمالي العام خصوصاً وأنه سبق أن صدر لعدد من هؤلاء الوزراء مواقف واضحة من القضايا الوطنية والاقتصادية ومن مطالب الحركة النقابية والشعبية وتبقى في النهاية العبرة في التنفيذ والممارسة.
رابعاً: إننا نقول بصراحة أنها آخر فرصة لهذا النظام السياسي والاقتصادي القائم على قانون انتخابي طائفي ومذهبي وولاّداً للحروب والأزمات الدورية ولنظام اقتصادي «ربوي» قائم على الريوع والاستدانة وسرقة المال العام وسلطة المال والمصارف والشركات الاحتكارية.
وما لم تبادر هذه الحكومة إلى اتخاذ قرارات جريئة وتاريخية وبإقامة نظام إنتاج قائم على دعم الصناعة والزراعة والسياحة والاستثمار في سلطة المعرفة واستعادة المال المنهوب واسترجاع الأملاك البحرية والنهرية والبرية المصادرة واستعادة سيادة سعر صرف العملة الوطنية واقتطاع جزء واسع من الأرباح التي جنتها كبار المصارف والمودعين كأرباح غير مشروعة من سندات الفائدة لدى الدولة، فلن تستطيع هذه الحكومة من تحقيق الحد الأدنى من طموحات اللبنانيين باستعادة فرص عمل ضاعت وودائع تكاد تتبخر ويذّل أصحابها على أبواب المصارف ورواتب تتآكل ومصانع تقفل وأرتال جديدة تضمّ إلى صفوف العاطلين عن العمل.
خامساً: إنّ الاتحاد العمالي العام الذي وضع أكثر من ورقة مطلبية تفصيلية وقدّمها للمسؤولين في السابق، والذي يصرّ على كامل مضامينها مع المستجدات الحالية، فإنه على استعداد لفتح حوار حقيقي قبل وأثناء صياغة البيان الوزاري معه ومع مختلف القطاعات الإنتاجية كافةً هو المفتاح الوحيد والمدخل السليم لتلمّس بدايات معالجات جديّة وعملية ملموسة لآلام اللبنانيين والاطمئنان على مصيرهم. والبداية الحقيقية تتركّز بعد معالجة سريعة للأزمة النقدية والمالية والاقتصادية وهي في إيلاء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كل الاهتمام بعد إهمال دام عشرات الأعوام وإنجاز سريع لنظام التقاعد والحماية الاجتماعية ولقانون العمل اللبناني الذي باشر بتشكيل لجنة جديّة لانجازه وزير العمل السابق الأستاذ كميل أبو سليمان. ولاستقلالية القضاء فضلاً عن إيجاد قانون انتخابي نيابي عصري وعادل على أساس النسبية والدائرة الواحدة وخارج القيد الطائفي.
إننا أخيراً نأمل أن تأخذ الحكومة الجديدة هذه المبادئ وغيرها مما طرحها غيرنا بعين الاعتبار وعلى أساسها تنال ليس فقط ثقة المجلس النيابي بل ثقة الشعب اللبناني وعماله بوجهٍ خاص.
هيئة المكتب