مداخلة رئيس الاتحاد العمالي العام بالإنابة السيد حسن فقيه
في الندوة العربية حول «تشغيل الشباب»
مدينة جدة – المملكة العربية السعودية
25-26 كانون الأول (ديسمبر) 2019
- سعادة الأخ العزيز السيد فايز المطيري – المدير العام لمنظمة العمل العربية،
- الأخوة رئيس وأعضاء اللجنة الوطنية للجان العمالية في المملكة العربية السعودية،
- السيدات والسادة المشاركون من ممثلي وزارات العمل ومنظمات أصحاب العمل والعمال والخبراء المتخصصون في هذه الندوة،
يسعدني أن أتوجه منكم باسم الاتحاد العمالي العام في لبنان بتحية أخوية صادقة وبالشكر لمنظمة العمل الدولية وخصوصاً لمديرها العام الأخ العزيز فايز المطيري واللجنة الوطنية للجان العمال في المملكة العربية السعودية لتنظيم هذه الندوة القومية التي تتعلق «بتشغيل الشباب» أي أنها تتعلق بمستقبل بلداننا العربية من الزوايا الاقتصادية والاجتماعية وبآفاق تطورها وازدهارها وبالعدالة الاجتماعية والعمل اللائق من خلال رسم خريطة طريق لكل محور من محاور هذه الندوة البالغة الأهمية.
ذلك أنّ تحقيق التنمية المستدامة لا ينفصل إطلاقاً عن «تشغيل الشباب» وخلق فرص عمل كريمة ولائقة بهم.
السيدات والسادة الأعزاء،
لن أتطرق إلى الأوضاع العامة للشباب في العالم العربي سواء لجهة نسب البطالة أو فرص العمل أو شروط العمل وظروفه لأنّ لكل بلد عربي خصوصيته وأزماته أو فرصه ذلك، أنّ لدى كل أطراف الإنتاج المشاركة في هذه الندوة وكذلك، لدى منظمة العمل العربية وخبرائها ما يكفي من خبرات ودراسات سوف تتم مناقشتها للخروج بالتوصيات الضرورية لرفعها إلى المسؤولين والعمل في سبيل تطويرها وتنفيذها.
إلاّ أنني سأتوقف قبل شرح واقع «تشغيل الشباب في لبنان» أمام فكرة أساسية نعتبرها مفتاحاً ومدخلاً لمعالجة أزمات البطالة وخلق فرص عمل للشباب هي أنّ لا بديل عن التكامل الاقتصادي وقيام «السوق العربية المشتركة» بدءاً من إنشاء مشروعات صناعية كبرى برساميل وأيادي عمل عربية قادرة على إنتاج سلع تنافسية في السوق العالمية بدلاً من استمرار بلداننا العربية في معظمها سوقاً استهلاكية لإنتاج الغير من الغذاء والكساء إلى وسائل النقل والاتصالات وغير ذلك من وسائل الحياة الضرورية المعاصرة فضلاً عن رفع مستوى التجارة البينية بين البلدان العربية التي تقع في أدنى مستوياتها، بالإضافة إلى تفعيل دور المجالس الاقتصادية والاجتماعية في البلدان العربية التي نشأت فيها هذه المجالس وفي الجامعة العربية.
السيدات والسادة،
يعاني لبنان كما العديد من الدول العربية من نتائج نظام اقتصادي قائم على الريوع المالية والعقارية منذ ما قبل الاستقلال عام 1943 ويقوم هذا الاقتصاد كذلك على تحويلات المغتربين أو العاملين في الخارج وعلى قطاع سياحي يتعرض للاهتزاز عند أول اختلال أمني أو اجتماعي في الداخل أو في المحيط.
وفي حين كانت الصناعة والزراعة تقومان بدور أساسي حتى فترة ما قبل الحروب الأهلية والاعتداءات الإسرائيلية المتمادية في ضبط الميزان التجاري وفي استيعاب النمو السكاني فها نحن اليوم، وخصوصاً في ظل انكشاف هذا الاقتصاد مالياً واقتصادياً ونقدياً واجتماعياً منذ ما قبل بكثير السابع عشر من تشرين الأول (نوفمبر) 2019 حيث بلغ الدين العام أكثر من مائة مليار دولار تبلغ فائدتها السنوية حوالي 6.5 مليار دولار ويبلغ عجز الميزان التجاري أكثر من 17 مليار دولار.
وقد انعكس كل ذلك أزمة طاحنة وبطالة ليس فقط بين خريجي الجامعات والمعاهد والكليات الذين لم تكن تستوعب سوق العمل منهم أكثر من خمسة آلاف من بين 35 ألف متخرج، بل وكذلك دمّرت أماكن عمل كانت قائمة فأقفلت أكثر من 500 مؤسسة أبوابها خصوصاً في المطاعم والفنادق وعدد من المتاجر والمصانع الصغيرة والمتوسطة وهذه الأزمة في طريقها إلى المؤسسات الكبرى من بينها موظفي القطاع المصرفي.
الأخوات والأخوة،
لطالما نادينا نحن في الاتحاد العمالي العام في لبنان إلى انتهاج سياسة مختلفة تقوم على قطاعات إنتاج السلع التي تؤدي إلى الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي للعناصر الأساسية والإقلاع عن سياسة الاستدانة ورفع قيمة الفوائد على الودائع المصرفية وخصوصاً الكبرى منها وإعادة النظر في السياسات الضريبية بما يعيد توزيع الثروة بشكل عادل ودعم قطاعي الصناعة والزراعة والمعرفة الرقمية والقدرة على خلق سلع تستطيع التنافس والتصدير وإيجاد توازن في الميزان التجاري. إلاّ أنّ تحالف السلطة والمال في بلدنا أصرّ على سياساته المدمرة فاختفت الطبقة الوسطى التي كانت تشكّل أماناً اجتماعياً وبات كبار الأثرياء يشكّلون واحد بالمئة من المجتمع وأكثر من خمسين بالمائة تحت خط الفقر والباقي على حافته.
وفيما يخصّ البطالة عموماً، أو بين الشباب خصوصاً، وفي غياب التنسيق في مناهج التعليم ومخرجاته وحاجات سوق العمل ودعم قطاعات الإنتاج فإنّ أعداد المتعطلين عن العمل يزداد يومياً، وبالحرف الواحد، حيث نستفيق كل يوم على إقفال عدد من المؤسسات ما يجعلنا عاجزين عن تحديد نسبة البطالة بين العاملين أنفسهم أو من طالبي دخول سوق العمل.
أيها الأعزاء،
إنّ معضلة عالم اليوم وسوق العمل الوطنية والقومية تكمن من وجهة نظرنا بسبب غياب اقتصاد – مستقل - ولو نسبياً - في ظل العولمة واجتياح رأس المال المتوحش والمتغوّل في تعظيم الأرباح وفي نهب الثروات الوطنية لشعوب العالم الثالث ومنها بلداننا العربية واستباحة أسواقها وجعلنا شعوباً مستهلكة ومعرّضة للمجاعات والفقر والبطالة وما ينتج عن ذلك من اضطرابات أمنية واجتماعية وصراعات وحروب، ناهيك بوجود الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين وعدد من الأراضي العربية وانتهاكه وعدوانه الجوي والبري والبحري.
خلاصة:
• إنّ ما تقدّم يفرض علينا جميعاً مناقشة جوهر وأساس المشكلات وليس نتائجها فقط.
• إنّ ذلك يتطلب حواراً جدياً وعميقاً بين أطراف الإنتاج من حكومات (وزارات عمل) ومنظمات عمالية وأصحاب عمل للتوصل إلى رؤية مشتركة لمواجهة هذه الأزمات.
• التوجه بالضغط على حكوماتنا لبناء اقتصاد إنتاجي والإقلاع عن كل أشكال الاقتصاد الريعي كافة.
• العمل من أجل إنشاء صناعات كبرى مشتركة على مستوى العالم العربي والاستفادة من الثروات الطبيعية ومصادرها ومن الكفاءات الشبابية والعلمية ومختلف الموارد البشرية التي تغتني بها بلداننا وفي مختلف المجالات.
• تحسين التبادل بين البلدان العربية ورفع مستوى التجارة البينية من مختلف السلع والمنتجات.
• تفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي.
• دعم دور منظمة العمل العربية الرائد في تعميم الخبرات والتثقيف والدراسات والأبحاث.
والسلام عليكم.
رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان بالإنابة
حسـن فقيـه