مذكرة مقدمة من
الاتحاد العمالي العام في لبنان
إلى
فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية
العماد ميشال عون المحترم،
بيروت، في 19/11/2019
رقم الصادر 116/2019
تحية وطنية وبعد،
نتقدّم من فخامتكم بهذه المذكرة الموجزة التي تحمل أبرز القضايا والمسائل التي تهمّ عمال وموظفي لبنان آملين من فخامتكم أن تجد العناية اللازمة من موقعكم في قيادة البلاد.
أولاً: إنّ ما يجري في بلدنا اليوم من تحركات شعبية كان نتيجة احتقان اجتماعي واقتصادي كانت قد بدأت ملامحه منذ سنوات عدّة ولم يجد من الحكومات المتعاقبة أي معالجات جدية، بل قوبل بالإنكار والتجاهل حتى بلغت الأزمات مستوى خطير أدّى إلى هذا الانفجار الشعبي الذي تحاول جهات عدّة في الداخل والخارج الاستفادة منه والنيل من سيادة ووحدة البلاد. وهذا ما نرفضه ونقاومه كاتحاد عمالي عام بكل ما لدينا من إمكانيات.
ثانياً: انطلاقاً من ذلك ، فإنّ الاتحاد العمالي العام يطلب من جميع المعنيين وعلى رأسهم فخامتكم الإسراع بالتكليف والتأليف للحكومة العتيدة، حكومة تحافظ على الدستور والثوابت الوطنية وتراعي التنوع السياسي وتلبي المصالح المشروعة والمحقة للفئات الشعبية من عمال ومزارعين وأساتذة ومعلمين وطلاب ونساء الخ... والالتفات الجدي إلى ضرورة الإسراع في تنفيذ الإجراءات العملية للانتقال من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد الإنتاج كما تؤكدون فخامتكم دائماً، وكذلك إجراء إصلاحات جذرية في السياسات الضريبية. من إقرار ضريبة تصاعدية على الأرباح والمداخيل الموحّدة لكبار المتمولين ومحاسبة شفافة وعلنية لناهبي المال العام واستعادة الثروات المنهوبة للشعب والدولة في المرافئ والمرافق العامة والأملاك البحرية والنهرية والبرية وسوى ذلك من الإصلاحات الملحة ومنها تصحيح الأجور في القطاع الخاص ووقف خرق الدستور بإيجاد حدّين أدنيين للأجور بين القطاعين العام والخاص وكل ذلك كمؤشر على إدراك الطبقة السياسية لنتائج سياساتها الاقتصادية والاجتماعية المدمّرة للمجتمع قبل فوات الأوان.
ثالثاً: إنّ الفلتان الذي تشهده البلاد في تسعير العملة الوطنية لدى الصيارفة وامتناع المصارف عن تلبية حقوق عملائها بالدولار وتسعير بعض السلع بالعملة الأجنبية وارتفاع أسعار معظم المنتجات المستوردة أو المحلية الصنع في ظلّ غياب أجهزة الرقابة أو عدم فاعليتها أو النقص في عديدها تركت للفاسدين والمحتكرين الإمعان في فسادهم فيما يجب أن يكون مكانهم بين قضبان السجون. كما وأنّ إغلاق المصارف أمام المواطنين تحت أي سببٍ كان قد زاد البلاد ارباكاً أدّى الى إقفال العديد من المؤسسات وعدم الالتفات إلى مصالح الناس الحيوية.
رابعاً: إنّ ابتزاز المواطنين بين يوم وآخر بمادة البنزين وسائر أنواع المحروقات وبرغيف الخبز والدواء وسرير المستشفى يفرض على الدولة أن تتصدى للاحتكارات وأن تلجأ إلى استيراد المحروقات والقمح والدواء مباشرةً ومن دولة إلى دولة وليس عبر الوكالات الحصرية بحيث تؤمّن الأمن الغذائي والصحي للمواطنين من جهة وتوفّر مئات ملايين الدولارات على الخزينة والشعب اللبناني.
خامساً: إنّ الاتحاد العمالي العام نبه قبل انفجار الأزمة وينبه اليوم إلى مخاطر وصول الوضع إلى الفراغ ما يؤدّي إلى فوضى عارمة وتفلّت لا يمكن السيطرة عليه. وخصوصاً أنّ التعرّض للمجلس النيابي يؤدّي إلى المزيد من التأخير في معالجة وإقرار المطالب الملحة للناس، وكذلك إنّ الاستمرار في الإضرابات وتعطيل المدارس ما شكّل ضياعاً للعام الدراسي على التلامذة والطلاب على مختلف المستويات.
سادساً: إنّ الاتحاد العمالي العام يعلن رفضه لأي تدخل أجنبي من أية جهة كانت وخصوصاً منها الولايات المتحدة الأميركية في الشأن اللبناني ويؤكد أنّ أي حلّ يجب أن ينطلق من سيادة ومصالح ومستقبل وأمن اللبنانيين وحدهم ويراعي تمثيلهم الحقيقي ومطالبهم العادلة.
سابعاً: إنّ الاتحاد العمالي العام يؤكد لفخامتكم أنه وقف ويقف ضد كافة أشكال التطاول على الرموز الوطنية بأي شكلٍ كان ويطالب جميع اللبنانيين عدم التخلي عن مناقبيتهم وأخلاقهم وخصوصاً في الساحات أو على الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي. كما أنّ الاتحاد العمالي العام إذا يؤكّد على حق جميع المواطنين بالتظاهر والاعتصام في الساحات العامة فإنه يرفض على قطع الطرقات ومنع المواطنين من حقهم بالتنقل وتعطيل لمصالحهم لأنّ في ذلك مخالفة لشرعة حقوق الانسان.
أخيراً، إننا إذ نشكر فخامتكم على استقبالنا وندعو لفخامتكم بالنجاح في تجاوز هذه الأزمة.
وتفضلـوا، فخامـة الرئيـس بقبـول فائـق التقديـر والاحتـرام
الأمين العام رئيس الاتحاد بالإنابة
سعد الدين حميدي صقـر حسـن فقيـه