ياغي: الحزب انحاز في مسيرته الى القضايا التحررية في العالم
12 مايو 2017
نظمت مفوضية الثقافة في “الحزب التقدمي الاشتراكي” بالتعاون مع مؤسسة “فريدريش ايبرت” ندوة في فندق الريفييرا، بعنوان “الرعاية الاجتماعية بين وظيفة الدولة ودور المجتمع” برعاية رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط .
حضر جلسة الافتتاح نائب رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” دريد ياغي ممثلا النائب جنبلاط، وليد الاشقر ممثلا رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل، النائب علاء الدين ترو، الوزير السابق نقولا نحاس، مفوض الحكومة في مجلس الانماء والاعمار الدكتور وليد صافي، المدير العام لتعاونية الموظفين الدكتور يحيى خميس، المراقب المالي في مجلس الجنوب ياسر ذبيان، ممثل مؤسسة “فريدريش ايبرت” الالمانية في لبنان اخيم فوكت، رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الاسمر، الامين العام سعد الدين حميدي صقر، عضو هيئة مجلس ادارة الاتحاد العمالي العام أكرم عربي، ممثل رئيس “القوات اللبنانية” زاهي الهيبي، ممثل “الجماعة الاسلامية” عمر المصري، رئيسة اللجنة الاجتماعية في المجلس المذهبي الدرزي غادة جنبلاط والباحث الدكتور سعود المولى.
كما حضر اعضاء مجلس القيادة في “التقدمي”: الدكتور ياسر ملاعب، خالد صعب، جهاد الزهيري، الدكتور طارق خليل، الدكتورة غيتا ضاهر، ريما صليبا، عفراء عيد وأحمد مهدي، مفوض الاعلام في الحزب رامي الريس، مفوض الشؤون الاجتماعية خالد المهتار، وكيل داخلية بيروت باسل العود والجنوب حسين ادريس وممثلون عن الاحزاب والقوى السياسية ونخبة من الباحثين والاكاديمين والهيئات الاجتماعية.
ابو ذياب
بداية تحدث مفوض الثقافة في الحزب التقدمي الاشتراكي فوزي ابو ذياب، قائلا: “في الأولِ من أيار عام 1949 اختار المعلم الشهيد كمال جنبلاط ورفاقُه المؤسسين، عيدَ العمالِ العالمي، موعداً لإطلاق مسيرةِ الحزب التقدميِّ الاشتراكي، وضعوا الحزبَ في الموقعِ المنحازِ الى جانب قضايا العمال والفلاحين والبؤساءِ والفقراءِ في العالمِ، رافعا شعارَ “مجتمعِ الكفاية والعدل”، الذي ينزعُ الى التوافقِ والانسجامِ الشاملِ بين الناسِ وبين ما اعترفَ لهم به القانونُ والشرعةُ الطبيعيةُ من حقوقٍ، وهذا التوافقُ والانسجامُ يتعارض مع ايِّ فصلٍ أو تمييزٍ بين العملِ ورأسِ المالِ ، حيثُ أنّ هدفَ وغايةَ الحزب، ليسَتْ في استثارةِ الطبقيةِ، ولا في استثمارِها واستخدامِها نهجاً أو هدفاً، بل في محوِ الطبقيةِ وفقَ ما وردَ في ميثاقِ الحزب”.
اضاف: “كما اختارَ الحزبُ ايضاً الانحيازَ الى جانبِ قوى التطورِ في العالمِ، حيثُ “أنَّ مشكلةَ المجتمعِ الحاضرِ والمدنيةِ القائمةِ والمتحولةِ، ومشكلةَ السلمِ والحربِ على السواءِ ماثلةٌ في أنَّ نصفَ الكرةِ الأرضيةِ يتخوفُ منَ التقدمِ، ويسعى لتأخيرِ صيرورةِ التطورِ والحدِّ من عملِهِ في مضمارِ العدالةِ والأخوةِ… بينما يتحركُ النصفُ الآخرُ نازعاً للصيرورةِ متطلباً للحركةِ ناهضاً معَ الحياة”.
تابع: “انطلاقاً من هذه المبادئِ والتزاما بقيمِ العدلِ والإخاءِ والحريةِ ، رسمَ الحزبُ التقدميُّ الاشتراكيُّ مسيرةَ نضالِهِ على مدى 68 عاماً متقدماً الصفوفَ جنباً الى جنب، معَ العمالِ والفلاحينَ ومزارعي التبغِ والزيتونِ والتفاحِ، وصيادي الاسماكِ وعمال المصانعِ والموظفيينَ والكادحيينَ، والى جانب الطلابِ والشبابِ وحقِهِم في المشاركةِ، وفي التعليمِ الاساسيِّ المجانيِّ والجامعي المتقدمِ، والسكنِ وفرصِ العملِ والرعايةِ الصحيةِ وضمانِ الشيخوخةِ”.
قال: “لقدْ أدركَ الحزبُ مخاطرَ النظامِ الاقتصاديِّ الرأسماليِّ القائمِ على مبدأِ الربحِ المتوحشِ لأجلِ الربحِ ، ولأجلِ النفوذِ والبهرجةِ واستثارةِ الرغباتِ الجديدةِ المبتدعةِ، والذي سبَّبَ ولايزالُ بإفقارِ أكثرَ من ثلثي سكانِ الأرضِ، وبوفاةِ ما يقدَّرُ بعشرةِ آلافِ شخصٍ يوميا بسببِ الجوعِ أو المرضِ أو الحروبِ، فالحزبُ لا يرى في الاقتصادِ غاية بحدِّ ذاتِهِ، كما يتصورُ الرأسماليونَ عادةً، فالربح ُ هو حافزٌ للمبادرةِ الشخصيةِ وللعملِ، فالاقتصادُ هو إجتماعيٌّ في مصدرِهِ وفي تكوينِهِ وفي غايتِهِ، له وظيفةٌ إجتماعيةٌ لا يقومُ بدونِها، ووظيفةُ الدولةِ في هذا السياقِ تخططُ وتصممُ الانتاجَ وفقَ الحاجاتِ الطبيعيةِ الأساسيةِ للإنسانِ قبلَ أيِّ حاجةٍ أخرى”.
اضاف: “اليومَ وبعدَ 68 عاما، ما زال الحزبُ يتقدم الصفوف ويقدم التضحياتِ ، من اجلِ الانسانِ ولبنانَ والعروبةِ مجددا قواه الحية، متطلعا نحوَ حقبةٍ جديدةٍ من النضالِ السياسيِّ والاجتماعيِّ والاقتصاديِّ، التي وضعَ معالمَ عناوينها في وثيقتهِ السياسيةِ التي أطلقها في المؤتمرِ السابعِ والاربعين في شباط 2017”.
تابع: “وفي هذا السياق تنعقدُ ندوتُنا تلك التي أردناها متخصصةً تحت عنوانِ “الرعايةُ الاجتماعيةُ بين وظيفةِ الدولةِ ودورِ المجتمع” والتي تتوزعُ أعمالُها في ثلاثِ جلساتٍ مترابطةٍ بالشكلِ والمضمون، يشاركنا فيها نخبةٌ من أصحابِ الرأيِ والخبرةِ والإختصاص، بغيةَ تقديمِ قراءةٍ جديدةٍ لمفهومِ الرعايةِ الاجتماعيةِ إنطلاقا من رؤيةِ المعلمِ الشهيدِ كمال جنبلاط لفكرةِ العدالةِ الاجتماعية، ومدى قدرةِ هذه القراءةِ على تقديمِ حلولٍ موضوعيةٍ لما يعتري وظيفةُ الدولةِ الحديثةِ من عقباتٍ وارباكاتٍ، اسهمَ نظامُ العولمةِ الاقتصاديِّ على تكبيرِ حجمِها بفعل ما فرضته اندفاعتُه من خللٍ في ميزانِ العلاقةِ بين الانتاجِ من جهةٍ وحاجةِ الكفايةِ في العيشِ الكريمِ من جهة أخرى، بما يستدعي ذلك من بحثٍ جديٍّ في الاهدافِ والضوابطِ التي قامت عليها فكرةُ الدولةِ ومكانتُها الوظيفيةِ في خدمةِ الانسان، بقدر ما توفره من عدالةٍ اجتماعيةٍ بين المواطنين “لكل حسبَ حاجتِه”، ومن “كل حسبَ قدرتِه”، وتعيدُ بالتالي توزيعَ الثروةِ بشكلٍ عادل، يعززُ قيمَ الاخوةِ والحريةِ والتسامح”.
ولفت ابو ذياب الى إن “أحدَ أهمّ أهدافِ الندوةِ إعادةُ تصويبِ النقاشِ السياسي في البلدِ حول القضايا التي تهمُّ المواطنَ، في حياته اليوميةِ وسبلِ معيشته، التي قامت على أساسها دولةُ الرعايةِ الاجتماعية، التي تنتظمُ فيها العلاقةَ بالمواطنِ من خلالِ مجموعةِ مصالحَ متبادلةٍ وحقوقٍ اساسيةٍ تبلورتْ عناوينُها عبرَ مسارٍ من النضالِ الاجتماعيِّ الوطنيِّ والانسانيِّ، لذلك تمَّ تخصيصُ الجلسةِ الثانيةِ من هذه الندوةِ لتقديمِ قراءةٍ نقديةٍ لوثيقةِ الحزبِ الجديدةِ من النواحي السياسيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعية، آملين أن تخرجَ تلك القراءةُ وما سيليها من إطلالةٍ على تجاربَ ومحطاتِ نضالِ الاحزاب السياسيةِ في لبنانَ، والقوى النقابيةِ والعماليةِ والطلابية، موصولةً بالتجربة الجديةِ لقوى المجتمعِ المدني، أن تخرجَ بجملةِ توصياتٍ ومقترحاتٍ تسهمُ في بلورةِ خطةِ عملٍ تأسيسية، لنضالٍ جبهويٍّ مدني سلميّ، يحمي المكتسباتِ الاجتماعيةَ والحقوقيةَ التي تحققت عبر تاريخِ النضال الوطنيّ الطويل، وتشكلُ قوةَ ضغطٍ إجتماعيةٍ وطنية، عابرةٍ للطوائفِ والمناطق تضعُ الدولةَ امام مسؤوليتِها الحقيقية، تلبيةً لشعارِ الحزبِ التاريخي، “مواطنٌ حرٌّ وشعبٌ سعيد”.
وختم قائلا: “بإسمي وإسمِ رفاقي في مفوضيةِ الثقافة الذين أولوني شرفَ الحديثِ بإسمهم في افتتاحِ هذه الندوةِ أتقدمُ بالشكر من مؤسسةِ فريد ريش ايبرت الألمانية بشخصِ مديرها في لبنانَ السيد أخيم فوت، على دعمها المتواصل لانشطة الحزب ومؤسساته الرافدة، ومن ضمنها أعمال هذه الندوة وما ستخرجُ به من مقترحاتٍ وتوصيات. كما أتقدمُ بالشكر من السادةِ المحاضرين على تعاونهم وعلى ما بذلوه من جهد مقدر لانجاح أعمال هذه الندوة، بما سيقدمونه من آراء وأفكار ستغني هذه الندوةَ وتفتح آفاقَ النقاشِ الموضوعي لما فيه من خيرِ لمجتمعنا ومستقبلِ وطننا وأحقيةِ قضيتنا”. كما اتقدم بالشكر ايضاً من السيدات مديرات جلسات النقاش اللواتي ستتزينُ المنصةُ بحضورهن وأفكارهن وبضبطهن إيقاع سير الندوة وانتظامها وتفاعلها، والشكرُ كل الشكر لراعي الندوة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الحاضن الدائم لانشطة مفوضية الثقافة والداعم الاول لها”.
ياغي
وألقى ياغي كلمة قال فيها: “شرفني رئيس الحزب التحدث باسمه في افتتاح أعمل هذه الندوة التي تنظمها مفوضية الثقافة بمناسبة الذكرى الـ68 لتأسيس الحزب التقدمي الإشتراكي. هذا الحزب الذي اختار المعلم الشهيد كمال جنبلاط ورفاقه المؤسسين، عيد العمال العالمي في الأول من أيار 1949، موعدا لإطلاق مسيرة نضاله، وضعوه في الموقع المنحاز الى جانب قضايا العمال والفلاحين والبؤساء، كما أعلن ذلك كمال جنبلاط في خطاب التأسيس بقوله: “في يوم العمال – وبينهم الفلاحون الذين يستقبلون بصدورهم شمس الحياة، وبينهم الصناع وأرباب الحرف القابضون بأيديهم والمسيطرون على القوى العائلة الكاملة في صميم الكون، بحيث تتحول وتمدد بمشيئتهم حتى لتضحي وكأنها جزء منهم ومن أعضائهم أو كأنهم منها الحركة والأعضاء. في هذا اليوم الذي أصبح يوم ذكرى التعاسة والبؤس والإرهاق، نتيجة ان الإنسان لم يعد يعدل بأخيه الإنسان كما واستحال في نظر مئات الملايين من البشر وكأنهم مصدر للتفرقة والضغينة، ورمز للفجيعة الكبرى واستقطال للألم المادي والأسى النفساني العميق، وصورة للتخويف من الغد المجهول وذعر المرض والتخلي المتنكر والموت”.
أضاف: “كما اختار الإنحياز الى جانب قوى التطور في العالم، حيث ان مشكلة المجتمع الحاضر والمدنية القائمة والمتحولة، ومشكلة السلم والحرب على السواء ماثلة في أن نصف الكرة الأرضية يتخوف من التقدم، ويسعى لتأخير صيرورة التطور والحد من عمله في مضمار العدالة والأخوة، بينما يتحرك النصف الآخر نازعا للصيرورة متطلبا للحركة ناهضا مع الحياة”.
وتابع: “في مسيرة النضال انحاز الحزب الى جانب القضايا التحررية في العالم، وحمل لواء القضية الفلسطينية التي باتت تشكل اليوم قضية ضمير إنساني وحق وجودي لشعب يقارع الجلاد بالأمعاء الخاوية، كما اكد التزامه الدفاع عن حق النازحين واللاجئين الى لبنان بالعيش الكريم بعيدا عن أشكال التمييز، كما ناصر الحزب ولا يزال حق الشعوب العربية الثائرة بوجه أنظمة القمع والتسلط، فالنضال السلمي المطالب بالحرية والعدالة والمساواة الجوهرية من أجل العيش الكريم، مسألة لا جدال فيها، بحيث ان “الدولة تقدس أو تلعن تخصب مؤسساتها أو تلعن بقدر ما تخدم أو لا تخدم الإنسان”.
وتابع: “اليوم وبعد ستة وثمانون عاما، مازال الحزب التقدمي الإشتراكي يشق طريق نضاله الإنساني بثقة وثبات وتضحية، مجددا بريق شعلة النضال الإنساني التي قدم في سبيلها التضحيات على مذبح الشهادة، من أجل الإنسان ولبنان والعروبة، متناغما مع المبادىء، متطلعا نحو حقبة جديدة من النضال السياسي والإجتماعي والإقتصادي، رسم معالمها في وثيقته السياسية التي أطلقها البشري، وهذا لا يتم إلا إذا صهرنا الأفراد والجماعات في وحدة اجتماعية مستقرة واعية لمصيرها، تسندها قوى المحبة والتقارب أي قوة التطور الجامع”.
ولفت الى ان “الحزب يرى ان الحاجة لمواجهة الإنحراف في النظام الدولي، من البديهي ان تشكل الوظيفة الرئيسية لقوى اليسار في العالم، وان ذلك يرتب على الأحزاب الإشتراكية الدولية مهمات إضافية، لا سيما ان صعود اليمين على خلفية الخطاب الشعبوي المعادي للاسلام والمهاجرين بات يتطلب ردا مناسبا يرتكز على التفاعل الإيجابي بين الهويات والثقافات على امتداد العالم”.
وقال: “إننا نتطلع الى النتائج والتوصيات التي ستخرج بها هذه الندوة التي فتحت الباب امام نقاش يستدعي في خلاصته تحديد الوظيفة الإجتماعية للدولة الحديثة في ظل نظام العولمة، ودور الأحزاب وقوى المجتمع في تحديد هذه الوظيفة التي تضمن حماية المكتسبات”.
وختم: “تحية الى العمال في يوم عيدهم، تحية الى الأحرار والثوار المناضلين والبؤساء القابضين على جمر إنسانيتهم أينما كانوا، تحية الى التقدميين الإشتراكيين بنضالهم الدؤوب وبالتزامهم بقيم العدالة والأخوة والتسامح التي أرسى معالمها المؤسس الكبير كمال جنبلاط. ان يوم العمال هؤلاء هو يومنا ايضا وشرف ان نطبع في تذكارات هذا اليوم تذكاراتنا، تذكارات الإعلان عن هذا الحزب”.
وبعد كلمات الافتتاح انعقدت الجلسة الاولى وتحدث فيها مفوض الحكومة لدى مجلس الانماء والاعمار، متناولا العدالة الاجتماعية في فكر كمال جنبلاط. بدوره تحدث الباحث والاستاذ الجامعي سعود عن الوظيفة الاجتماعية للدولة وفهم كمال جنبلاط للمسألتين الاقتصادية والاجتماعية.
وتناول نحاس في مداخلته موضوع الاقتصاد في زمن العولمة.