بالوثائق...
ليال جرجس (الديار الاقتصادي)
2 أيلول 2016 الساعة 00:00
لم يكد موظفو مستشفى البترون يستكينون، حتى عادت معاناتهم إلى الواجهة...
11 موظفا من الذين أمضوا حوالى 4 عقود في العمل داخل المستشفى صرفوا، تطبيقا لقرار إداري داخلي صادر في 17 أيلول 1990 «يقضي بإنهاء خدمات الممرضين والخدم الذين يبلغون الستين من العمر».
الموظفون المصروفون وعددهم 11، فوجئوا بالقرار السريع الذي صدر ونفذ خلال 24 ساعة، واضطروا للتوقيع عليه من دون التمكن من دراسته والتأكد من قانونيته، كما انهم فوجئوا ايضاً باقتراح اعادة التعاقد معهم بأجر لا يتعدى نصف ما كانوا يتقاضونه، خمسة منهم رضخوا للامر الواقع ووافقوا على اعادة التعاقد وهم: خضرة خليل، سمير عبيد، ماري جرجورة، طراز سركيس وماري طنوس، فيما رفض ستة اعادة التعاقد وهم: ندى أحمد، ناديا نعمة الله، جورجيت جرجس، حنا عازار، جاكلين حايك ونوال عبد المسيح.
} الموظفون المصروفون بدأوا الاعداد لرفع قضية }
«الديار» التقت بعض الموظفين المصروفين الذين بدأوا الاعداد لرفع قضية مشتركة، الا انهم يتروون علّ الملف ينتهي بدون قضاء...
بغصة تروي جاكلين حايك (ممرضة مجازة) لـ«الديار»: «تبلغنا على جناح السرعة القرار وقيل إنه صادر عن إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وعلينا التوقيع والموافقة ففعلنا بعد 39 عاما من العمل في المستشفى من دون الحصول على تعويض صرف من الخدمة ولم تنته القصة هنا، حيث عرضوا علي اعادة التعاقد بمعاش مليون ومئتي الف ليرة بعد أن كنت أقبض ثلاثة ملايين، كنت اقبض 3 ملايين، فرفضت، لأني ان كنت برأيهم عاجزة عن العمل وأتقاضى راتبي الاصلي فهل يصبح باكماني العمل بأقل من النصف؟».
حايك اضافت ان بعض العاملين كانوا قد تقاعدوا قبل اسبوعين عن 64 عاماً، كما أن البعض الاخر استقال قبل فترة قصيرة وقبضوا تعويضاً، لأن المدير لم يكن يعلم بوجود هذا القانون...».
حايك التي يؤكد زملاؤها نشاطها وقدرتها ومناقبيتها في العمل، ختمت سائلة: هذا القرار الصادر سنة 1960 ولم يطبق، هل لا يزال ساري المفعول؟».
قصة ناديا نعمة الله (مساعدة ممرضة) لا تختلف كثيراً عن زميلتها في العمل والمعاناة، فقد كشفت نعمة الله لـ«الديار»: «بعد 39 عاما من العمل، وبعد صرفي من العمل، عرض علي التعاقد مقابل 900 الف ليرة لبنانية شهرياً فرفضت... ماذا أقول، لقد طردنا من منزلنا... فالمستشفى كانت بيتنا وحياتنا، قضينا أجمل الايام لنصرف تعسفياً دون سبب وجيه ونحن لا زلنا قادرين على العطاء...».
} باسيل: ما حصل مجزرة بحق الموظفين }
ووصف رئيس نقابة موظفي ومستخدمي مستشفى البترون سعد باسيل ما حصل من «مجزرة بحق الموظفين الذين قامت المستشفى على اكتافهم، والذين يكافؤون اليوم بصرفهم من الخدمة تحت ذريعة قرار يخالف قانون العمل صادر ولم يطبق من تاريخة عام 2016، اكبر قرار ظالم بحق الموظفين». وأضاف في حديث لـ«الديار»: ما يحصل في مستشفى البترون «فيلم بوليسي»، اصرفك من العمل اليوم واعيدك الى وظيفتك غداً، بربع معاش لأنك محتاج للعمل ولديك التزامات وسندات...»
باسيل الذي أكد انه « خلال الاشهر الفائتة أُجبر موظفون يتخطى عمرهم الستين على الاستقالة وقد قبضوا تعويضات تراوحت بين عشرة ملايين وخمسة عشر مليون ليرة لبنانية ،نسأل اليوم ما الهدف من كل ما يحصل في المستشفى؟ والى أين يريدون الوصول؟ اذا كان الهدف افراغ المستشفى ليعطونا حقوقنا ويصرفونا»،
وعن الصرف الذي اعتبره مخالفا لقانون العمل قال باسيل: «قرار الصرف وقع عليه وزير العمل بصفته رئيس اللجنة المكلفة الاشراف على مستشفى البترون بنفسه، وهو اذا كان يعلم مضمونه مصيبة واذا كان لا يعلم مضمونه فهي مصيبة ايضاً...». وختم باسيل مشدداً على «إننا لن ننسى الوضع المالي للمستشفى الذي يؤثر أيضا على أداء الموظفين الذين تتأخر رواتبهم، ومؤخرا قبضوا نصف راتب، إضافة الى ذلك كان من المفترض ان يصدر خلال هذا الشهر قرار صرف المنح المدرسية عن العام 2015 وحتى الآن ترفض الإدارة البحث في هذا الموضوع بذريعة عدم توفر الأموال اللازمة».
} مخباط: محاولة لتخفيض النفقات }
في الجهة المقابلة، اختصر مدير المستشفى السيد ايوب مخباط، المشكلة في مستشفى البترون بأنها «المستشفى الوحيدة في لبنان التي تصرف 80% من مدخولها كرواتب للموظفين، وعادة الرواتب لا يجب ان تشكل اكثر من 30 او 40% من مدخول المستشفى كحد أقصى وهذا اوقع المستشفى في عجز ضخم».
وارجع مخباط ما حصل الى محاولة لتخفيض النفقات مفسراً ان «موظف التنظيفات في مستشفى البترون راتبه الفا دولار اميركي. علينا تخفيض المعاشات والذين قبلوا بتخفيض معاشاتهم تعاقدنا معهم من جديد، الموضوع ليس صرفاً عشوائيا ونحن متمسكون بالجميع».
} قزي: فليتقدموا الى الوزارة... }
اما وزير العمل ورئيس اللجنة المكلفة الاشراف على المستشفى سجعان قزي، فأكد أن « هذه المستشفى يجب ان تقف على قدميها، وقد وضعنا مشروع لاعادة التنظيم واعادة التوازن اليها حتى لا تصل الى الاقفال.
قزي الذي أكد ان الصرف تم بشكل حبي، دعا جميع الموظفين الذين يشعرون بأي غبن للتوجه نحو الوزارة التي ترفض أن تمس حقوق الموظفين هناك».
في الختام مجموعة من الاسئلة تستوقفنا ونضعها بتصرف المعنيين: هل يجوز للادارة أن تحدد سن التقاعد بالستين بدل الـ 64؟ وألا يعتبر ذلك تناقضاً مع قانون العمل؟ بل ألا يشكل صرف موظف من الخدمة ثم اعادة التعاقد معه انتقاصاً من حقوقه، خاصة أن تعويض نهاية الخدمة يؤخذ على اساس الراتب الاخير؟
اسئلة اجاباتها ستتكشف خلال الايام المقبلة...