غصن: ذاهبون لحوار علمي وموضوعي وزني: الاقتصاد لا يتحمّل أي زيادة
ملف رفع الأجور على طاولة لجنة المؤشر الثلاثاء من دون تصعيد
ألفونس ديب - (المستقبل الاقتصادي)
مع اقتراب انعقاد لجنة المؤشر الثلاثاء المقبل، تتضح اكثر فاكثر مواقف شركاء الانتاج من طرح وزير العمل سجعان قزي برفع الحد الادنى للاجور الى مليون و200 الف ليرة، والتي يبدو انها لا تتجه نحو التصعيد، حيث اعتبر رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن في تصريح أمس «ان الوقت مناسب لزيادة الحدّ الأدنى للأجور«، لكن غصن قال لـ»المستقبل»: «نحن رأينا على هذا النحو، لكن وبما ان هذا الموضوع يأتي في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية بالغة الصعوبة فهو يحتاج الى التدقيق والدراسة من مختلف النواحي كي تأتي نتائجه ايجابية، لذلك نذهب الى لجنة المؤشر لنبدأ في هذا الحوار، لأننا نتحمل جميعاً المسؤولية».
أما الخبير الاقتصادي غازي وزني، فاعتبر في تصريح لـ»المستقبل» ان «الوضع الاقتصادي العام في البلد لا يشكل عاملاً مساعداً لزيادة الرواتب والاجور«. وبعدما عرض التراجعات الكبيرة التي اصابت اعمال معظم القطاعات الاقتصادية والصعوبات التي تعانيها المالية العامة، اعتبر ان «اقرار زيادة الرواتب والاجور في ظل هذه الاوضاع يشكل كارثة اقتصادية».
غصن
وفي حديث لـ»المستقبل، برر غصن اقتراحه زيادة الحد الادنى للاجور الى مليون ونصف ليرة بضرورات تحفيز القطاعات وتنشيط الاقتصاد، مشدداً على ضرورة ان «يترافق ذلك مع خفض الضرائب للوصول الى النتائج المرجوة».
ورأى غصن ان «معالجة الانكماش الاقتصادي في البلد يكون بتحفيز الاقتصاد عبر تعزيز القدرة الشرائية، ما يدفع الناس لزيادة الطلب وبالتالي تحريك الاسواق»، وشدد على ضرورة ضخ جزء من الاموال «المكدسة» لدى المصارف اللبنانية ومصرف لبنان لتحريك الاسواق.
وعما إذا كانت اسباب الازمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، اقتصادية بحتة أم سياسية، قال غصن: «بكل تأكيد الوضع السياسي الذي تعيشه البلاد يشكل عاملا اساسيا في الازمة نتيجة الفراغ في سدة الرئاسة وشلل المؤسسات الدستورية ومعظم مؤسسات الدولة، الذي انعكس بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني بقطاعيه العام والخاص». اضاف «لذلك اقتراحنا يأتي خارج سياق السياسة محاولة منا للخروج من الازمة الاقتصادية والاجتماعية».
وعن امكان ان يكون هذا الحل المقترح من قبل الاتحاد العمالي العام في غير محله، وان يرتد سلباً مزيداً من اقفال المؤسسات وصرف العمال وتاليا ارتفاع معدلات البطالة، قال غصن: «لذلك سنذهب الى لجنة المؤشر لفتح حوار حوله مع شركائنا في الانتاج». أضاف «لو لم نكن مقتنعون بضرورة الحوار ودراسة الموضوع من كافة جوانبه كي تأتي نتائجه ايجابية للجميع لكنا ذهبنا مباشرة الى التصعيد للمطالبة بزيادة الاجور».
وزني
أما وزني، فأكد لـ»المستقبل» ان «الوضع الاقتصادي الصعب اليوم لا يشكل عاملاً مساعداً لزيادة الرواتب والاجور». اضاف «الاضرار تصيب معظم القطاعات ان كان القطاع التجاري الذي تراجعت اعماله نحو 35 في المئة خلال السنوات الثلاث الماضية، أو القطاع السياحي الذي تراجع ايضاً بحدود 30 في المئة، وكذلك القطاع العقاري الذي يشهد حالا من الجمود. اما القطاعات الانتاجية، فتضررت كثيرا وهذا يظهر جليا من خلال انخفاض الصادرات الصناعية خلال السنوات الثلاث الماضية بنسة 35 في المئة»، مؤكدا ان هذه التراجعات الكبيرة افقدت المؤسسات والقطاعات اي قدرة على تحمل اي زيادة لا سيما زيادة الحد الادنى للاجور الى مليون و200 الف ليرة كما طرحه وزير العمل سجعان قزي، او مليون و500 الف ليرة كما طرحه رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن».
واشار وزني الى ان «الصعوبات الكبيرة التي تعانيها المؤسسات او القطاعات دفعتها للجوء الى حاكم مصرف لبنان لمساعدتها وتوفير المساندة المادية لها لتمكينها تجاوز هذه المرحلة».
وتحدث وزني عن عامل ثان لا يشجع على زيادة الروات والاجور،وهو يتمثل بعمال التضخم، حيث لفت الى ان التضخم في لبنان لم يتجاوز الـ2 في المئة خلال السنتين الماضيتين، فيما اسعار السلع الاستهلاكية كانت ضعيفة جدا، مشيرا الى انخفاض اسعار النفط وتاليا البنزين من نحو 32 الف ليرة الى 22 الف ليرة ساعد في تقوية القدرة الشرائية، وكذلك فان الكثير من السلع الغذائية علمياً استقرت او انخفضت».
ولفت وزني الى عامل ثالث سلبي، وهو انعكاس اي رفع الحد الادنى للاجور على القطاع العام، وقال: «اليوم يوجد سلسلة رتب ورواتب في مجلس النواب ولم تقر لعدم القدرة على تمويلها».
واكد وزني ان وضع المالية العامة صعب وليس لديها اي قدرة على تحمل اي اعباء جديدة من اجراءات ضريبية، وهذه الاخيرة غير ممكنة لأن الاقتصاد ليس لديه اي قدرة على التحمل».
ورأى انه «بناء على كل هذه الظروف السلبية فان الوضع الحالي غير مناسب لاقرار اي رفع للحد الادنى للاجور».
ورداً على سؤال حول انعكاسات اقرار زيادة الرواتب والاجور، قال وزني: «لا اتوقع ذلك، ومن الصعب جدا على الدولة السير في هذا الخيار، لكن إذا حصل فان ذلك سيكون بمثابة كارثة اقتصادية».
«العمالي»
وكان غصن أكد لـ»المركزية» أن «الاتحاد ماضٍ بإلحاح في المطالبة بتلك الزيادة، في ضوء نتائج مؤشر الغلاء، وسنطرح في خلال الإجتماع، تطورات غلاء الأسعار التي بلغت بحسب مؤشر الاتحاد، ما يقارب الـ37 في المئة وهو رقم لا يختلف كثيراً عن أرقام مديرية الإحصاء المركزي البالغة 34,5 في المئة».
وإذ أكد أن «مسألة تصحيح الأجور تعود إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، أما دور «لجنة المؤشر» فيقتصر على تحديد نسبة الغلاء ورفع تقرير بها إلى مجلس الوزراء المولج بقرار الزيادة». قال غصن «كانت للإتحاد العمالي العام مراجعة دائمة لمطالبة الهيئات الإقتصادية بالتزامها الإتفاق الرضائي المشترك لتصحيح الأجور دورياً، لاعتبارنا أن ذلك يحافظ أولاً على القيمة الشرائية، ومن جهة أخرى ينعكس إيجاباً على الأسواق والحركة الإقتصادية وبالتالي يمنع الإنكماش. كما يؤمّن إلى حدّ بعيد، نوعاً من التوازن بين الأجور والقدرة الشرائية للمواطنين«. وتابع «اليوم، وجدنا أنه الوقت المناسب للزيادة، كنتيجة بديهية لصرخة المواطنين من تآكل قدرتهم الشرائية بفعل ارتفاع الأسعار، وذلك انطلاقاً من البُعد الإجتماعي الملقى على عاتقنا كاتحاد عمالي عام، والعمل على تلبية احتياجات المواطنين، خصوصاً أن الحركة السياحية هذا الصيف ليست على قدر الطموحات ولم تعوّض خسائر القطاعات الإقتصادية ولا سيما السياحية منها«.
ولفت إلى أن «توقف عجلة الإنتاج انعكس ارتفاعاً في نسبة البطالة، وبالتالي زاد معدل الفقر وكثرت حالات الجرائم». وذكّر بأن تراجع أسعار المحروقات انعكس انخفاضاً نسبياً في بعض المواد الاستهلاكية، وحافظ على مستويات التضخم، وعبّر عن ذلك وزير العمل لدى مقاربته هذه الأرقام، إذ أكد من وجهة نظره، وجوب ألا يقل الحدّ الأدنى للأجور عن مليون و200 ألف ليرة، في حين نرى من وجهة نظر الإتحاد ضرورة تحديده بمليون و500 ألف نسبة إلى معدل غلاء المعيشة«.
وعما إذا كان القطاع الخاص جاهزاً لزيادة الحدّ الأدنى للأجور حالياً، قال غصن «بكثير من الإدراك والوعي والمسؤولية، نؤكد أنه الوقت المناسب للزيادة، بعد الإنكماش الحادّ في الأسواق الناتج عن انعدام القدرة الشرائية، وآن الأوان لدفع عجلة الأسواق عبر عامليْن: الأول: تصحيح الأجور وزيادة التقديمات، والثاني: خفض الضرائب وتحديداً تلك غير المباشرة.
وعن ردة فعل الاتحاد إذا جوبه برفض زيادة الأجور، قال: «نبدأ أولاً بالتفاوض ثم ندخل في لعبة الأرقام، وفي ضوء النتائج نقرر الخطوات التالية«.
المستقبل الإقتصادي