الزبائن يتوافدون لكن..«العين بصيرة واليد قصيرة»

العروضات تبرز على واجهات المتاجر

(اللواء الاقتصادي)

«حركة بلا بركة» هذا هو حال اﻷسواق التجارية قبل ايام قليلة من حلول عيد الفطر المبارك، تألقت الشوارع بالزينة الرمضانية وزيدت ساعات العمل بعد موعد اﻹفطار كي يتسنى للصائم التسوق ليلا لمدة اطول ففي الأيام الأخيرة من شهر رمضان، تتحوّل فترة ما بعد الإفطار وصلاة العشاء إلى نزهة تسوّق، حيث تغص الشوارع والأسواق بالمتسوقين، ويبدوالجميع سعداء، يحتفلون باقتراب حلول يوم العيد.
 وبرزت العروضات والحسومات على اﻷسعار من قبل التجار تيسيراً لعملية التبضع، والملفت هو تزامن اول ايام شهر تموز حين يتقاضى الموظفون اجورهم مع اﻷيام اﻷخيرة من شهر رمضان المبارك وهي اﻷيام التي ينتظرها التجار ويعولون عليها لكسر الركود اﻹقتصادي طوال العام متأملين بحركة مبيع مرتفعة وانتعاش الوضع المادي.
ولكن.. المشكلة ليست في اﻷسعار فصحيح ان حركة الزوار للأسواق والمجمعات التجارية تبدو كثيفة إنما المؤشرات اﻹقتصادية تؤكد ان «العين بصيرة واليد قصيرة « بسبب قلة السيولة واعتماد الناس لشراء ما هو ضروري نظراً للأجور المتدنية ومتطلبات الحياة اليومية الكثيرة.
هل يحمل هذا العيد حركة مبيع مرتفعة؟!
جولة في اﻷسواق
لهذه المناسبة قمنا بجولة على اﻷسواق في بيروت في منطقة مار الياس والحمرا وفردان لنأخذ عينات من الزبائن ومن التجار في القطاعات المعنية كالحلويات واﻷلبسة والأحذية..فرصدنا التالي:
التاجر عدنان الحاج وهوصاحب متجر لبيع البسة ولادية يقول:«عادة خلال فترة اﻷعياد يبدِّي اﻷهل اطفالهم عن أنفسهم اذ يرون ان العيد فرصة ﻹدخال الفرح الى قلوب اطفالهم ، ويعبر مبتسما «الحمدلله نحن احسن من غيرنا» بإعتبار ان اﻷلبسة الولادية هي اﻷكثر إقبالاً على الشراء في هذه الفترة».
ويتابع الحاج: «عمدنا الى تنزيل اﻷسعار ﻷننا نعلم جيدا اﻷحوال المادية في البلد وهذا ما لاحظناه ان أكثرية الزبائن تنجذب وتتشجع لشراع السلع اﻷرخص ثمناً خاصة إن كان يوجد اكثر من ولد للعائلة الواحدة».
اما عن السلع اﻷكثر مبيعاً بمناسبة العيد يجيب الحاج:«القبعات والحقائب البناتية هي اﻷكثر طلبا وطبعا الطقم الكامل ما يعني للأطفال «تياب العيد».
الحسومات تشجع على الشراء
 من جهته يلفت احد تجار اﻷلبسة النسائية:أن نسبة الشراء متدنية جداً مقارنة مع السنين الماضية فكنا نفتح المتجر من النصف اﻵخر من شهر رمضان المبارك حتى يتسنى للزبائن التسوق لوقت أكثر ولكن مع اﻷسف ها نحن شارفنا على اﻷيام الثلاثة اﻷخيرة من الشهر الفضيل ولكن حركة المبيع ما زالت خجولة جدا الا على السلع التي تجري عليها الحسومات حتى نصف السعر وهي التي تجذب وتشجع على الشراء».
ظاهرة البطالة
اما اﻷقل حظاً  بالنسبة للتجار فهم تجار اﻷلبسة الرجالية حيث يؤكد لنا هادي وهو احد تجار الملابس الرجالية في بيروت: «صراحة ما في شغل.. ولا كأنوعيد..»
ويعتبر هادي سبب الجمود في حركة البيع يرجع الى ظاهرة البطالة المتفشية في لبنان فالشباب نادرا ما يجدون عملا حتى ولو كانوا من خريجي الجامعات هذا مما يجعلهم عبئا على محيطهم اﻹجتماعي ويقول: «كيف للشباب ان يتمتعوا بأجواء العيد وهم عاطلين عن العمل لا مدخول لديهم؟ ويضيف مازحا: «الصبايا بياخدو مصاري من رجالن مجبورين يصرفواعليهن بس الشباب من مين بياخدو؟!»
سياسة اﻹدخار
اما « ام عبد» وهي ام لأربعة اطفال تشير إلى ان:« العيد فرحة وهو فرصة يجب استغلالها في هذه اﻷيام الفضيلة ﻹسعاد اطفالنا خاصة في ظل اﻷجواء المتوترة السائدة في البلد اجتماعيا وسياسيا وانا عن نفسي اعتمد سياسة اﻹدخار لكي اتمكن من شراء كل ما احتاجه بمناسبة العيد من المعمول والملبَّس واﻷكسسوارات هذا لكي نعيش فرحة العيد وإن اعتمدت فقط على اﻷجور فلن اتمكن من سد حاجات عائلتي وكما تعلمين حال اﻷجور في هذه اﻷيام والتي بالكاد تلبي حاجياتنا حتى آخر الشهر».
مهما كانت الظروف
الا اننا التقينا بـ«فاطمة» وهي معلمة اللغة الفرنسية التي تلفت ان: «مهما كانت الظروف فأنا لا اتردد بشراء ثياب العيد ﻷننا نحن المسلمين نحتفل مرتين فقط في السنة في عيد الفطر السعيد وعيد اﻷضحى المبارك فكيف لي ان لا اتبضع لوازم العيد وأن اجهز نفسي ﻷكون بأبهى حلة طيلة هذه اﻷيام المباركة؟!».
وتضيف فاطمة: «انا انصح جميع المسلمين ان يستغلوا العيد مهما كانت الظروف فان طبقنا ادارة مالية مدروسة وجهزنا انفسنا للإحتفال به ولو بشراء او تغير تفاصيل صغيرة مع حلول الشهر الفضيل كل حسب امكانياته فهذا حتماً سيغير بمشاعرنا وسيجعلنا نستشعر فرح العيد».
معمول العيد
اما الكاسب اﻷكبر فهي المتاجر التي تبيع الحلويات فلقد اشتهر شهر رمضان ببعض انواع الحلويات التي ينتظرها الناس فهي تعكس اﻷجواء الرمضانية اما في اﻷيام الأخيرة من هذا الشهر الفضيل فيتسارع الناس لشراء «معمول العيد» كما جرت العادة في عيدي الفطر واﻷضحى المباركين. فيشير الشيف محمد وهو يعمل في أحد المتاجر التي تبيع الحلويات العربية: «عند مشارف الاسبوع اﻷخير من شهر رمضان الكريم تبدأ الناس بشراء «معمول العيد» وحتى هذه اللحظة فنسبة الشراء مقبولة جدا ﻷن حلوى العيد من الضروريات والتي لا بد من شرائها لكي يعيش الجميع اجواء العيد ويستشعرون فرحه».
مار الياس ينتظر
عن هذا الموضوع أكد رئيس جمعية تجار مار الياس عدنان فاكهاني لـ اللواء ان: «الوضع الاقتصادي سيىء للغاية وكنا متأملين ان يبدأ فصل الصيف بشكل افضل ولكن الحقيقة أن ليس هناك جو عيد ولا فرح وسعادة مع اقتراب عيد الفطر السعيد فالأجواء مأساوية مع ان تجار منطقة مار الياس قاموا بكل التجهيزات في السوق من الزينة وتنظيم ليالي رمضان من بعد الساعة واحدة ليلا والحسومات والعروضات على البضائع تشجعيا على الشراء».
ويتابع فاكهاني: «ولكن يبقى التعويل على المغتربين خاصة في الخليج اضافة الى اخواننا العرب ولكن بسبب الوضع اﻷمني والتجاذبات السياسية وسياسة الخطف وقطع الطرقات كلها حالت دون انتعاش الحركة اﻹقتصادية واثرت سلبا على عملة التبضع حتى قبل اﻷيام القليلة من حلول عيد الفطر السعيد».
رسالة شكر
ويوجه فاكهاني تحية للجيش اللباني ويقول:«اتوجه بالتحية والشكر الى الجيش الوطني اللبناني وقوى اﻷمن الداخلي للمجهود الذي يقومون به ولكن للأسف تبقى بعض الخروقات كما حصل في القاع منذ ايام قليلة.»
اما اسباب تراجع نسبة المبيع بحسب فاكهاني :«الهاجس اﻷمني السبب المباشر لأن المواطن لا يشعر باﻷمن واﻷمان وبالتالي ان لم يكن اﻷمن مستتباً فلن تنشط السياحة في البلد ولا حتى التجارة».
كما يدعو فاكهاني السياح العرب متمنياً ان يتشجعوا ويقوموا بزيارة الى لبنان خاصة خلال فترة اﻷعياد خاصة اننا متأكدون من صدق مشاعرهم واخلاصهم لهذا البلد.
إصرار بالعيش
ويشير فاكهاني الى ان: «بالرغم من الوضع اﻹقتصادي غير المشجع فلقد قمنا بتنظيم مهرجان في 31 تموز للتعبير عن إرادتنا بالصمود وعن اصرارنا على أكل لقمة العيش بعرق جبيننا علماً بأن المصارف هي من تمول المهرجان وهذا كله لرفع معنويات التجار المحبطين والى ايجاد مساحة للفرح ﻷن هذا حق مشروع للمواطنين فلا أجواء فرح تسود البلد بل على العكس اﻷجواء دائماً متوترة لذا لجأنا الى بث الفرح في قلوب الناس وخاصةً ﻹحياء براءة اﻷطفال فلهم الحق الشرعي بالتمتع بحياتهم وطفولتهم».
فسحة اﻷمل
ويختم فاكهاني: «لا بد من فسحة اﻷمل بالرغم من جو السواد والضباب الذي يلف بلدنا لبنان فنحن ابناء الوطن ولن نتخلى عنه في اي ظرف من الظروف واتوجه للدولة بأن توجد الجو العام من اﻷمن واﻷمان ونحن مستمرون في مسيرتنا التي اثبتت جدارتها على مر السنين».
أصعب السنوات
يبدو من خلال جولتنا على اﻷسواق أن عيد الفطر المبارك الذي سيحل علينا بعد ايام قليلة سيمر على المواطن بشعور من الحسرة ﻷن هذه السنة هي من أصعب السنوات التي مرت على الحركة التجارية وذلك بسببب الضائقة اﻹقتصادية في البلد فالمستهلك ينتظر الفرج والتاجر يخشى كساد البضاعة.. وتبقى فسحة اﻷمل.
غنى اسماعيل

-------------------------