ليال جرجس - (الديار الاقتصادي)
جنبلاط يُحذر وحكيم الأكثر تحمّساً والحاج حسن مُتخوفاً
رغم مرور 17 عاما على دخول لبنان كعضو مراقب الى منظمة التجارة العالمية، الا ان عودة المفاوضات حيال دخوله الى المنظمة التي تعد اليوم السلطة الرسمية التي ترعى التبادل التجاري العالمي، بدأت بالتفاعل بالتوازي مع زيارة رئيس فريق العمل لانضمام لبنان الى المنظمة السفير جال بول توييه يرافقه مدير الانضمام في المنظمة شايدو اوساكوا الى بيروت.
اولا ما هي هذه المنظمة وما اهدافها؟
منظمة التجارة العالمية هي منظمة دولية انشئت رسميا عام 1995، لكن آليات عملها تعود إلى عام 1947 تاريخ نشأة الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة، أو ما يعرف اختصارا باسم اتفاقية «غات» التي كان لبنان من الدول المؤسسين لها، لكنه ما لبث أن انسحب من الإتفاق بعد دخول اسرائيل.
وتُعنى المنظمة بالتجارة بين الدول الأعضاء، ومن أهدافها ضمان انفتاح التجارة العالمية ورفع مستوى العيش وتنمية الدخل، وضمان الحق في الشغل، وتطوير الإنتاج وتنمية التجارة الدولية.
ـ جنبلاط يحذر وحكيم يرد... ـ
الاهداف الايجابية المنظورة، و17 عاما من السعي المتزاصل للانضمام رسميا الى المنظمة لم تكن كافية لخلق اجواء ايجابية وارتياحا مع بدء المفاوضات... جاءت تحذيرات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي غرد على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، أن انضمام لبنان للمنظمة سيزيد الفقر في البلاد ويدمر ما تبقى من صناعة لبنانية لتفتح الباب واسعا امام الكثير من التساؤلات، واستدعت رداً من وزير الاقتصاد آلان حكيم الذي شدد على ان نسبة الفقر والبطالة في لبنان ترتفع من دون الدخول في المنظمة لتضيف المزيد من التساؤلات.
حكيم وهو من اكثر المتحمسين لانضمام لبنان الى المنظمة لما لهذا الانضمام في رأيه من آثار ايجابية وأبرزها تأكيد وجود لبنان على الخارطة الدولية، وتعزيز مكانته في العالم، وافساح المجال في استقطاب استثمارات خارجية وخلق فرص عمل وتنشيط التجارة العالمية، وايجاد أسواق جديدة للمنتجات اللبنانية، لا يفوت فرصة الا ويؤكد ان الدولة لن تأخذ من المنظمة إلاّ ما يناسب الإقتصاد اللبناني والمصلحة العامة.
الا ان النظرة الايجابية لوزير الاقتصاد تقابلها اخرى معاكسة لوزير الصناعة حسين الحاج حسن، تترجم بتخوّف القطاعين الصناعي والزراعي من الارتماء في احضان منظمة التجارة. حيث يعتبر الحاج حسن أن انضمام لبنان الى المنظمة هو أمر كارثي على الإقتصاد لأنه سيقضي على قطاعي الصناعة والتجارة. ويعلل رأيه بالإتفاق الذي تمّ توقيعه مع الإتحاد الأوروبي والذي رفع العجز التجاري مع هذه المنطقة إلى أكثر من 7 مليارات دولار في السنة، بسبب عدم تكافؤ الاقتصادين اللبناني مع الأوروبي.
ـ ما موقف القطاع الخاص ؟ ـ
ورغم اعتبار الحاج حسن أن لا تداعيات على الإطلاق من عدم انضمام لبنان الى منظمة التجارة، يبرز حماس القطاع الخاص للانضمام. وقد ترجم ذلك رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير بالقول انه «لا يُمكن أن يبقى لبنان خارج المنظمة في ظل بقاء عدد من الدول الضعيفة إقتصادياً خارجها، فيما لخص رئيس تجمّع رجال الاعمال فؤاد زمكحل الفوائد التي يمكن أن تقدمها المنظمة للبنان، إذ لفت الى أن المنظمة «تخضع لمجموعة اتفاقات تمّ التفاوض على معظمها خلال «دورة أوروغواي» التي تشكل مجموعة من القواعد يمكن لأي عضو استخدامها لإبراز حقوقه والتي يمكن تفسيرها بطريقة منسقة ومنتظمة لاستباق سلوك الآخرين التجاري. تتخذ القرارات في منظمة التجارة بالتوافق، بما يضمن أن مصالح الدول الصغيرة حيال التجارة - مثل لبنان - ليست متوارية. لكنه لم يخف وجود عقد ابرزها عقد المهن الحرّة التي تخشى المنافسة وخصوصاً نقابة المحامين، وكذلك الأمر بالنسبة الى النقابات العمالية.
ـ الخبير الاقتصادي: سيف ذا حدين ـ
في مواجهة كل هذه التناقضات، أكد الخبير الاقتصادي وليد ابو سليمان أن الانضمام رغم كل ايجابياته يبقي سيفاً ذو حدين.
وعدد ابو سليمان في حديث خاص لـ «الديار»، ايجابيات انضمام لبنان الى المنظمة وأبرزها توسيع افق الاقتصاد اللبناني، حيث تصبح المنتجات اللبنانية في متناول الجميع وتصل الى مختلف البلدان باسعار مقبولة بسبب الغاء الضرائب، اضافة الى تحسين معايير الجودة والنوعية، اما خطر توسيع هذا الاقتصاد الصغير برأيه فهو ان لا نتمكن من حماية منجاتنا واليد العالمة.
من هنا، رأى ابو سليمان ان على القطاعين العام والخاص تأهيل المنتجات اللبنانية للتأقلم مع المجتمع الدولي، وفرض معايير جودة ونوعية على البضائع اللبنانية لتصبح مؤهلة لدخول السوق العالمية، اضافة الى وضع معايير لحماية المنجات اللبنانية دون ان يحصل خلل في الاتفاقية.
وأخيراً، يبقى انه في ظل الرفض اللبناني الداخلي، من جهة، والشروط السياسية والاقتصادية الصعبة التي تضعها الولايات المتحدة الرافضة اصلا انضمام لبنان من جهة اخرى، فان دخول لبنان الى المنظمة لن يكون متاحاً، وكل ما يجري من مفاوضات وجولات ليست الا تضييعا للوقت.