كلمة رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان السيد غسان غصن
في الدورة الثانية والأربعون (42) لمؤتمر العمل العربي
الكويت – 18 – 25 نيسان (ابريل) 2015
----------------------------------------------------------------------
- حضرة راعي أعمال هذا المؤتمر سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ،
- حضرة رئيس المؤتمر،
- معالي مدير عام منظمة العمل العربية الدكتور أحمد محمد لقمان المحترم،
- أصحاب معالي الوزراء،
- الأخوات والأخوة رؤساء وأعضاء الوفود المشاركة،
- السيدات والسادة الضيوف الكرام،
- أيها الحفل الكريم،
أتوجه بدايةً من سمو امير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح باسم عمال لبنان بالتحية والشكر لرعايته أعمال مؤتمرنا هذا، كما أتوجه من اتحاد نقابات عمال الكويت الشقيق وحكومتها وشعبها الابي المضياف على حسن استقبالهم ومساهمتهم في تنظيم أعمال الدورة (42) الثانية والأربعون لمنظمة العمل العربية ولكلّ من ساهم في إنجاح هذا العمل.
السيدات والسادة،
يسرني في هذا المجال أن أتوجه بتحية تقدير وعرفان إلى الصديق الودود معالي المدير العام لمنظمة العمل العربية الدكتور أحمد محمد لقمان بمناسبة انتهاء ولايته في إدارة هذه المنظمة و للجهود الجبارة التي بذلها في ظل ظروف عربية بالغة الدقة والصعوبة بحيث، يكاد لا يخلو بلد عربي واحد من تأثيراتها السلبية وأحياناً المدمّرة والتي انعكست تداعياتها على مجمل منظماتنا وسائر هيئاتنا القومية .والتي كادت ان تدرك منظمة العمل العربية, لولا تلك القامة القيادية الفردية والفذة والخصائص المتميّزة التي تحلّى بها معالي المدير العام
السيدات والسادة،
يأتي تقرير معالي المدير العام تحت عنوان «الحوار الاجتماعي: تجسيد للتحالف من أجل التنمية والتشغيل» تتويجاً منهجياً وعلمياً وعملياً لسلسلة تقارير بالغة الأهمية بدأت منذ العام 2008 تحت عنوان التشغيل والبطالة في البلدان العربية ثم اغتنت بتقارير سنوية متلاحقة حول تنقّل اليد العاملة العربية والعقد العربي للتشغيل ودور المنشآت الصغرى... والحماية الاجتماعية والتنمية المتوازنة والتعاون العربي لآفاق التشغيل وكانت جميع تلك التقارير تشكّل وثائق مرجعية شكّلت أساساً ومرتكزاً بالغ الأهمية لأطراف المنظمة الثلاثة وبوصلة للاتجاه نحو برّ الأمان. في زمن العواصف العاتية والانواء المتلاطمة الأحداث الجسام التي تمرّ بها العديد من بلداننا العربية.
السيدات والسادة،
قبل دخولنا في مناقشة مضمون تقرير معالي المدير العام أودّ التوقّف أمام ما يجري في بعض أقطرنا العربية من أحداث خطيرة دامية تعتصر قلوبنا وتهزّ وجداننا وتهدّد وجودنا وكياننا بأفدح المخاطر بسبب ظاهرة التطرف والإرهاب والتكفير الغريبة عن مجتمعاتنا التي تضرب بلادنا متزرعة بلدين، والأديان جميعاً منها براء. كما نشهد محاولة إزالة تاريخ الحضارات في أمتنا ومحو معالمها وآثارها الانسانية، وسوى ذلك من الأعمال البربرية من قتل وذبح وسبي وحرق مدن وتهجير عرقي ومذهبي، والتي حسبنا انّ البشرية قد تعدتها الى غير رجعة. مما أفسح في المجال للقوى الطامعة بخيرات ارضنا للعودة الينا باستعمار جديد ونهب ثرواتنا بحجة حمايتنا.
السيدات والسادة،
إننا في هذا السياق نؤكد ونحن نستلهم من عنوان تقرير معالي المدير العام على أنّ الحوار الحقيقي بين النسيج الوطني الذي تتشكل منه مجتمعاتنا وكذلك الحوار بين أقطار امتنا العربية يقتض ان يقوم على اساس الاحترام والتكافؤ والمساواة والعدالة، وهو وحده المخرج من هذا المنزلق الخطير. منطلقين من ايمان راسخ أن العدو الذي يقاتلنا في ارضنا وديننا ووجودنا هو إسرائيل وأن أدوات الصهيونية قوى الإرهاب والتكفير الظلامية تسعى الى تشتيت إرادتنا وطاقاتنا واشغالنا في حروب عبثية واقتتال مذهبي وجرنا الى صراعات جانبية تقودنا الى هذا الدرك الخطير الذي وصلنا إليه. ونكاد بسببها أن ننسى أنّ فلسطين مغتصبة، وأنّ أراضٍ عربية في لبنان وسورية لا تزال محتلة من قبل إسرائيل، وأنّ المستفيد الوحيد من كل ما يجري هو العدو الصهيوني، الذي تصدى له شعبنا اللبناني بمقاومته الباسلة وجيشه الأبيّ وشعبه الصامد فحرر ارض الجنوب العام 2000 وألحق به الهزيمة النكراء في عدوان 2006 فأهدينا امتنا الانتصار وقفة العز والفخار.
السيدات والسادة،
كما أن الوجه الآخر لهذه الأزمات والتي يكمن في جذورها ويغذيها، هو أنّ العديد من الدول العربية اعتمدت على مدى العقود الأربعة المنصرمة أنماطاً اقتصادية أدّت الى تقويض الاقتصاد الحقيقي المولّد لفرص العمل، وأحلّت مكانه الاقتصاد الريعي القائم على المضاربات المالية والعقارية ونشاط السواق المالية. في الوقت الذي أهملت فيه مسألة الحماية الاجتماعية وتوفير العمل اللائق والقدر الكافي من العدالة الاجتماعية ومناخ من الحريات العامة لاسيما الحريات النقابية. وتحقيق الحد الأدنى من المساواة وتطلعات الشباب والحد من البطالة وإيجاد فرص للعمل، وحماية حقوق المرأة. ما عزز البيئة الحاضنة لتململ والغضب وبؤراً للتطرف. سرعان ما استغلتها قوى الشر لتدفع بها الى محرقة الكفر والإرهاب.
الأخوات والأخوة،
في غياب الشفافية والحق بالحصول على المعلومات لا نستطيع الرسو على رقم محدّد للبطالة السائدة في بلداننا والتي يروج أنّ متوسطها بلغ الـ 20% وفي اعتقادنا أنهها أعلى من ذلك بكثير، خصوصاً بين الشبان والشابات من خريجي الجامعات والكليات والمعاهد الفنية لاسيما في البلدان التي تشهد اضطرابات داخلية و حروب ، فضلاً عن فلسطين المحتلة التي تتصاعد البطالة فيها الى معدلات خيالية .
نحن نتفق هنا مع ما جاء في تقرير معالي المدير العام لجهة أنّ ذلك «يتطلب مقاربة جدية وجديدة في إطار شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص. والشركاء الاجتماعيين وهيئات المجتمع المدني بهدف الارتقاء بحداثات الشغل لمجابهة الطلب الإضافي والامتصاص التدريجي لمخزون البطالة الخ...
الحفل الكريم،
واسمحوا لي هنا أن أفتح قوسين للإشارة إلى تفاقم معدلات البطالة في لبنان. فإذا كانت أسباب البطالة في بلدنا قد نشأت بسبب بنية النظام الاقتصادي اللبناني الهشة القائمة على الريوع وعلى قطاع الخدمات وهي قطاعات غير مولدة لفرص العمل. فما جرى من حرب على الشقيقة سوريا منذ أكثر من أربع سنوات وما تسبّبت به تلك الحرب من مآسي ومن نزوح كثيف بلغ إلى لبنان وحده أكثر من مليون ونصف المليون مواطن سوري ما مما أدّى الى تفاقم ظاهرة البطالة بسبب استغلال اليد العاملة السورية الرخيصة بدل العمال اللبنانيين وحرمانهم من أي ضمانات وتأمينات اجتماعية، فكانت الحصيلة استغلال مزدوج للعامل اللبناني والسوري في آنٍ معاً. كما تسبّب غياب المساعدات الفعلية للنازحين السوريين أكان من جامعة الدول العربية أو من منظمة الأمم المتحدة والوكالات الدولية ذات الصلة في اعالة وإغاثة وإيواء الأخوة السوريين وفقاً لشرعة حقوق الإنسان ولمبادئ منظمة العمل الدولية وإعلان كاليفورنيا. الى أزمة معيشية واجتماعية وصحية وإنسانية خطيرة. ينبغي تداركها مما يستوجب النخوة العربية الأصيلة للإسراع للحد من تفاقم التداعيات الخطيرة للحرب على سوريا.
السيدات والسادة،
لن نتوقف طويلاً أمام ما جاء من توصيف علمي للبطالة اجتماعياً واقتصادياً ولأهم أسبابها، فضلاً عن التوصيف الدقيق للديناميتين المتناقضتين لسوق العمل لجهة العرض والطلب واللتان زادتا من تعميم ظاهرة البطالة بل سنحاول التوقف قليلاً أمام مسألة الحوار الاجتماعي التي هي جوهر هذا التقرير الهام
وإذ نؤكد على ما جاء في التقرير لناحية توصيف تعريف الحوار الاجتماعي وماهيته وأطره على الصعيد النظري. فإنّ ما يجب مناقشته فعلاً، هو ما يجري على أرض الواقع لجهة احترام فرقاء الإنتاج للمبادئ الأساسية للحوار الاجتماعي.
نقول ذلك كي يدرك الجميع أنّ نزول العمال وفئات الأجراء المختلفة إلى الشارع والاحتكام إلى الإضراب والتظاهر في أي بلدٍ كان ليس نزوة أو رغبة بل حالة يدفع إليها العمال ونقاباتهم واتحاداتهم دفعاً لانتزاع حقوقهم. نتيجة اهمال حقوقهم وغض الطرف عن مطلبهم المحقة والإخلال بمفهوم الحوار الاجتماعي.
الحضور الكريم،
إننا نؤيد ما جاء في تقرير معالي المدير العام من أنه «أصبح التوافق على عقد اجتماعي جديد في إطار الحوار الثلاثي المتكافئ بين شركاء الانتاج أمراً ضرورياً أكثر من أي وقتٍ مضى وذلك بجميع الاعتبارات التي أوردها التقرير وبوجهٍ خاص الى وجوب تكامل النمو الاقتصادي مع التنمية الاجتماعية. بحيث يتأمن التوازن الاجتماعي وهو المعبر الأساس للعدالة الاجتماعية التي تحقق الاستقرار الاجتماعي والسلم الأهلي.
الحفل الكريم،
اكرر التهنئة مزدوجةً لمنظمة العمل العربية في يوبيلها الذهبي في عيدها الخمسين متمنياُ لها الدوام نابضةً بالحياة. من اجل عزة وطننا ورفاه شعوب امتنا.
كما اكرر التهنئة لسعادة مدير منظمة العمل العربية الجديد الزميل الصديق فايز المطيري متمنياً له السؤدد والنجاح.
شاكراً لصاحب الرعاية سمو امير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رعايته الكريمة راجياً لدولته وشعب الكويت التقدم والازدهار.
وللاتحاد العام لعمال الكويت المودة والعرفان لكرم** ضيافتهم وحفاوتهم.
والشكر كل الشكر لمعالي المدير العام لمنظمة العمل العربية السابق الدكتور محمد احمد لقمان الذي حمل الأمانة فأثراها واغناها فزاد المنظمة تألقاً وفخار......
ولجمعكم الشكر والسلام