علي محي الدين
(السفير)
معضلة إيجارات السكن مضى عليها زمن، حيث اعتمدت عدة قوانين استثنائية من جهة، ومن جهة ثانية لم تقدم السلطة خلال عشرات السنين على وضع سياسة إسكانية، باعتبار هذا الحق من ضمن حقوق المواطن، وركناً من أركان العدالة الاجتماعية المنشودة.
ولما كانت الايجارات مسألة متروكة لمبدأ العرض والطلب، بين المالك والمستأجر، وبعدما عطل القانون الجديد كونه مخالفا للدستور وغير عادل. وبما أن القانون الجديد، المختلف عليه والظالم بحق للمستأجرين، قد لحظ في المادتين 56 و57 تأكيدا على القانون الرقم 539 وتعديلاته (إنشاء المؤسسة العامة للاسكان).
وحتى لا تبقى هذه القضية موضع جدل، ينبغي وضع القانون المتعلق بالايجار التملكي الذي يشكل خلاصة ما تم التوافق عليه ما بين الاطراف الثلاثة (دولة – اصحاب ملك – مستأجرين قدامى)، موضع التنفيذ، بعد حوار ونقاش دام سنوات. وقد رعى هذا الحوار انطوان شمعون بتكليف من الرؤساء الثلاثة، وبصفته المدير العام للمؤسسة العامة للاسكان، اذ إنه القانون الوحيد الذي تم التوافق عليه ما بين الاطراف الثلاثة ويؤمن العدالة وفلسفته تعتمد المبادئ الستة التالية:
1ـــ يفتح باب الانتساب لمدة ثلاث سنوات للمستأجرين القدامى لتقديم طلبات لمن يرغب الى المؤسسة العامة للاسكان ولمرة واحدة من دون اعتماد عمر المستأجر.
2ـــ يقفل باب الانتساب، وتفرز المؤسسة الطلبات، وعلى أساسها تحدد أمكنة بناء المجمعات السكنية بأحجام مختلفة للشقق، ومن ضمنها المشاعات العائدة للدولة والبلديات، بحيث لا تبعد أكثر من عشرة كلم عن اماكن السكن الحالية.
3ـــ يقسط المنزل بسعر الكلفة لمدة أقصاها ثلاثون سنة، يبدأ دفع الاقساط من لحظة استلامه، على ان يشكل بدل الخلو دفعة أولى 45 في المئة من قيمة المأجور (هذه نقطة خلافية) تدفع للمؤسسة وعلى ان لا يزيد حجم الشقة عن 200م .
4ـــ تمول هذه العملية من الاحتياطي الالزامي في مصرف لبنان بضمانة الدولة بفائدة 2 أو 3 في المئة. وقد وافقت المصارف في حينه. وقد طلبنا من جانبنا استعادة الاملاك العامة من محتليها كي تساهم بعملية التمويل.
5ـــ تنجز عملية البناء خلال أربع سنوات وتتحمل المؤسسة مسؤولية تأخير التنفيذ وما يترتب عليها بدفع فروقات الايجارات للمالك.
6ـــ بعد انتهاء إنجاز عملية البناء وتسلم المستأجرين منازلهم، تحرر العقود بترافقها مع سياسة إسكانية دائمة.
لو التزمت الحكومات السابقة بعد صدور القانون الرقم 767 المتعلق بالايجار التملكي، وأقرت النظام الخاص بعد صدوره بثلاثة أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون وإصداره بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الشؤون الاجتماعية، كونه وزير الوصاية على المؤسسة العامة للاسكان، لكانت انتهت هذه المعضلة.
العودة الى إصدار النظام الخاص للايجار التملكي هو الأنجح، لأن هذه المسألة لا يمكن حلها إلا عبر الدولة، وفق المبادئ الستة المشار اليها أعلاه، ونؤسس لسياسة إسكانية. ومن جانب آخر، ينبغي استرداد القانون الجديد الجائر من قبل مجلس الوزراء، أو مجلس النواب، وسحبه من التداول إنهاء للجدل الحاصل مع الالتزام بالدستور الذي ضمن حق السكن.
النقابي علي محي الديـن: عضو الهيئة التأسيسية للجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين.