بيروت، في 13/10/2014
أنهى مؤتمر العمل العربي في دورته الحادية والأربعون اجتماعه الذي عقد في القاهرة بين 14 و 21 أيلول الجاري تحت عنوان «التعاون العربي وآفاقه لدعم التشغيل» وقد شارك فيه وفد الاتحاد العمالي العام في لبنان برئاسة السيد غسان غصن ورأس وفد لبنان معالي وزير العمل الأستاذ سجعان القزي وانتخب ممثل لبنان السيد حسن فقيه نائب رئيس الاتحاد العمالي العام عضواً أصيلاً في مجلس إدارة منظمة العمل العربية.
كما هو معلوم فإنّ منظمة العمل العربية التي هي جزء وامتداد لجامعة الدول العربية تتميّز عن سائر الهيئات العربية الرسمية الأخرى بكونها تمثّل أطراف الإنتاج الثلاثة في المجتمع أي الحكومات والعمال وأصحاب العمل كما هي الحال وتركيبة منظمة العمل الدولية.
جاء انعقاد هذه الدورة والدورتان السابقتان في السنتين الماضيتين وسط تحديات لم يشهدها العالم العربي في العديد من أقطاره في تاريخه الحديث على الإطلاق.
فقد شهدت المنطقة العربية في الفترة الأخيرة أوسع حملة احتجاجات شعبية وعمالية وشبابية ونسائية وطلابية.. الخ. بحيث كشفت من ناحية عن عمق الأزمات التي طالت البنى الاجتماعية وعقم السياسات التنموية وتوزيع الثروة والسياسة الضريبية المتّبعة في مختلف البلدان العربية وذلك ما شرّع المجتمعات على المزيد من الانحدار تحت خط الفقر وتدمير القطاع العام ومحاصرة الإنتاج الصناعي والزراعي وإنهاكه وبالتالي تفشّي ظاهرة البطالة التي تزيد في معدّلها الوسطى عن الـ 20% وترتفع إلى أكثر من 40% في صفوف الشباب وخريجي المعاهد والجامعات.
وقد كشف تقرير المدير العام لمنظمة العمل العربية السيد أحمد لقمان أنه قد تبيّن بوضوح أنّ الواقع الاجتماعي والاقتصادي وتجلياته الجديدة وخاصةً تلك المتعلقة بالتشغيل والبطالة والفقر والتنمية المستدامة نهاية عام 2010 أصبح عصي القراءة والفهم والفعل فيه بشبكات التحليل المطروقة وبالسلوكيات والمواقف وأدوات العمل التقليدية على المستويين الوطني والعربي.
لا يبدو حتى الآن أنّ غالبية الحكومات والجهات النافذة في العالم العربي قد اتعظت وأدركت أنّ اتباع وصفات البنك الدولي وصندوق النقد ليست سوى استمرار لعملية هدم اقتصاديات بلدان العالم النامي بل أنّ تلك السياسات نفسها أدّت عام 2008 إلى ألأزمة الاقتصادية والمالية التي ضربت بلدان المركز الرأسمالي نفسه وامتدت تداعياتها إلى سائر بلدان العالم ولا تزال.
أيّاً كانت النظريات والتحليلات التي تحاول أن تفسّر اليوم الظواهر الاجتماعية المرضية التي تعصف ببلداننا العربية وخصوصاً بروز القوى التكفيرية والارتداد إلى ما قبل حضارات شعوبنا وقيمها واستخدام لغة العنف والقتل والسبي والغزو وما إلى ذلك من مسالك خطيرة فإنّ المعالجات الأمنية والعنفية والعسكرية وحدها سواء بتحالف دولي أو من دونه لن تعالج أساس هذه الظواهر بل إنّ التعمّق في بحث ومعالجة الأسباب الجذرية ومحاربة الفقر والبطالة وإيجاد الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية والانصراف إلى تعزيز التعليم وتحصيل المعارف وامتلاك التقنيات واتباع سياسات الاندماج الاقتصادي من صناعي وزراعي وخدماتي ومعلوماتية وإطلاق الحريات العامة والنقابية والإعلامية تلك هي المعالجات الإستراتيجية البعيدة المدى التي يمكن لها أن تعيد التوازن والاستقرار وتقضي على أوكار الإرهاب في مهدها ومواقع وأسباب نشوئها.
بهذا المعنى فإن كانت هذه التحديات تقع أساساً على عاتق الحكومات العربية فإنّ دوراً منتظراً لمؤسسة منظمة العمل العربية بأطرافها الثلاثة يجب أن ينطلق ونأمل أن تكون مقررات وتوصيات المؤتمر الأخير نقطة البداية على هذا الطريق.
أخيراً، إنّ انتخاب لبنان عضواً أصيلاً في مجلس إدارة هذه المنظمة يضع بلدنا واتحادنا العمالي أمام مسؤوليات وطنية وعربية بالغة الأهمية خصوصاً لناحية الانتقال من التوصيف والتحليل إلى المبادرة بالاقتراح والعمل الموضوعي الهادف.
حسن فقيه – نائب رئيس الاتحاد العمالي العام
عضو مجلس إدارة منظمة العمل العربية