نص المؤتمر الصحفي لرئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان
الدكتور بشارة الأسمر
مقر الاتحاد – بيروت – 2 آذار 2018
- الأصدقاء ممثلي وسائل الإعلام،
- الزملاء النقابييون،
- الأخوة العمال،
في الوقت الذي لا يزال فيه موضوع تصحيح الأجور في القطاع الخاص خارج سمع المسؤولين وأصحاب العمل واهتماماتهم، ولا تزال دعوتنا لاجتماع لجنة المؤشر من دون صدى وفي حين أنّ عدداً من المصالح المستقلة والإدارات العامة لا تزال تكافح من أجل تطبيق القانون رقم (46) المتعلق بسلسلة الرتب والرواتب في الوقت الذي يستمرّ فيه إضراب أوجيرو وتعاونية الموظفين ويستعدّ موظفو كهرباء لبنان لإعادة التحرك ومعهم العمال والأجراء في مصالح المياه والمؤسسات العامة.
وفي الوقت الذي تراوح فيه مسألة الأقساط المدرسية والتي تقضّ مضاجع أهالي التلامذة والطلاب مكانها من دون حل على الرغم من أنّ غالبية المدارس الخاصة زادت أقساطها دون أن تنصف المعلمين لديها.
وفي ظل الارتفاعات التي لحقت بمعظم السلع الاستهلاكية حيث بلغ ارتفاع المؤشر في الشهر الأول من السنة وحده 4.5% في غياب تام لأجهزة الرقابة والوزارات المختصة. في كل هذه الأوضاع المزرية والمجحفة بحق المواطنين تتوجه الحكومة لاتخاذ تدابير خطيرة أبرزها ثلاث:
الأول: العودة إلى إلغاء النص المتعلق ببراءة الذمة للمؤسسات المنتسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في مشروع الموازنة العام للعام 2018 وفقاً للمادة (19). هذا التدبير الذي واجهناه في العام الماضي عبر المادة (54) من قانون موازنة 2017 وأرغمنا الحكومة على العودة عنه وإذا به يطلّ من جديد وإذا بالحكومة تحيله الى المجلس الاقتصادي والاجتماعي لتناقش مكتسباتنا وأهم أسس الضمان مظلة العمال عوض إحالة مشاريع الكهرباء والماء والنفايات وزيادات الأقساط المدرسية وخطط النقل والتلوث ومشاريع السدود والمشاريع الأخرى وأهمها مشروع قانون الايجارات وما فيه من ثغرات من بدل المثل الى مشكلة اللجان والصندوق والتكاليف الهائلة الغير محسوبة عدا مبدأ عدم وجود سياسة اسكانية واضحة للدولة اللبنانية تقوم على مبدأ الايجار التملكي.
ومن شأن هذا الإلغاء حرمان الضمان الاجتماعي من تحصيل حقوقه وديونه كما من شأنه السماح للمؤسسات التهرب من تسجيل أجرائها في حين أنّ المتوجبات على هذه المؤسسات تفوق الألف مليار ليرة لبنانية فضلاً عن أكثر من ألفين وأربعماية مليار متوجبات على الدولة. مع العلم أنّ هذه المؤسسات نفسها طالبت في العام 1992 فرض تدبير براءة الذمة السنوي أو كل ستة أشهر كي لا تتراكم عليها هذه المبالغ.
إنّ الاتحاد العمالي العام الذي توسّم خيراً بعد إنجاز قانون استفادة العمال من الضمان الصحي بعد التقاعد، والذي يشهد تقدماً واضحاً في مناقشات اللجان المختصة التي يشارك فيها الاتحاد بفعالية كاملة في المجلس النيابي حول إنجاز (ضمان الشيخوخة) التقاعد والحماية الاجتماعية، فإنّ الاتحاد يرى في محاولة إلغاء هذا الموجب خطراً مباشراً وداهماً على وجود صندوق الضمان في الأساس ويعرّضه للإفلاس من دون أدنى شك. وإنّ موقف الاتحاد العمالي العام في هذا الصدد واضح كل الوضوح وهو إعلان الإضراب العام الفوري والمفتوح دون أي تردّد من أجل حماية آخر مظلة يحتمي بها العمال من جور السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة.
الأمر الثاني: المادة (27) من مشروع موازنة العام 2018 التي تحاول حرمان جميع العاملين في المؤسسات والمصالح العامة والأسلاك العسكرية والمصالح المستقلة والبلديات واتحاداتها والقضاة والدبلوماسييون وكافة أشخاص القانون العام من مكتسبات المنح التعليمية التي يتقاضونها والتي تزيد على منح تعاونية موظفي الدولة والتي باتت جزءاً من الراتب غير المباشر وحقوقاً مكتسبة لا يمكن الرجوع عنها لا عرفاً ولا قانوناً.
لذلك، يدعو الاتحاد جميع العاملين في هذه المؤسسات إلى التمسك بحقهم بتعليم أولادهم كما يدعو الدولة إلى الالتفات الجدّي ولو لمرّة واحدة لإعادة بناء المدرسة الرسمية والجامعة الوطنية لتكون الحل النهائي والجذري لقضية التعليم في لبنان.
الأمر الثالث والخطير، هو القرار العشوائي وغير المسبوق في دعوة جميع الوزارات الى تخفيض موازناتها بنسبة 20% من دون استثناء.
وإننا نتساءل كيف لوزارة مثل وزارة الدفاع التي يطالبها اللبنانييون كل يوم بتعزيز جيشها وعتادها في مواجهة العدو الإسرائيلي وقوى التكفير والإرهاب أن تخفّض موازنتها وكيف لوزارة الصحة التي يلجأ إليها أكثر من نصف اللبنانيين الذين لا ضمانات صحية من أي نوع لهم للاستشفاء على حسابها؟ وكيف لوزارة الشؤون الاجتماعية التي ترعى على الأقلّ أكثر من مائة ألف معوّق من أصحاب الحاجات الخاصة مسجلين لديها، وغيرها من الوزارات التي لا تتجاوز موازنتها ال 1% من الموازنة العامة.
إننا نلفت انتباه الحكومة بأنّ العجز الذي يبلغ 12 ألف مليار للموازنة الحالية وتراكم الدين العام على الدولة لا يُحلّ إلاّ باقتلاع جذور الفساد والهدر والنهب لأموال الدولة. فالهدر المعلن على الأقلّ وهو ما تثبته الإحصاءات الرسمية يبلغ 10 مليارات دولار أميركي نصفه ناتج عن التهرّب الضريبي. كما أنّ التراشق بالتهم بالمحاصصة والسمسرة يعلو افتتاحية الصحف ونشرات الأخبار ويصمّ آذان اللبنانيين.
وإذا كان الهدف من معالجة تضخم الموازنة إظهار السلامة المالية والشفافية أمام المؤتمرات الدولية المخصصة لدعم لبنان فليبدأ المسؤولون بإلغاء المساعدات للجمعيات الوهمية والإيجارات الهائلة وما أكثرها ولنبدأ بتسمية الفاسدين وليس الكلام عن الفساد في المطلق. حيث لا فساد من دون فاسدين ومفسدين ولا هدر من دون غضّ نظر وتواطؤ من السلطة.
لقد تضمن مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2018 خمس وثلاثين مادة موزعة على أربعة فصول أهمّها ما يعطي المصارف والشركات إعفاءات من الضرائب والرسوم الأمر الذي يساوي بين الملتزمين بالقانون والمتهربين من الضرائب وينطوي على إعفاءات بمليارات الليرات لشركات خالفت القانون وتهربت من دفع الضرائب على مدى أعوامٍ خلت.
إنّ استعادة ثقة الناس بالسلطة تحتّم إجراءات جريئة وجذرية وحاسمة وليس اقتطاعاً عشوائياً يضرّ بمصالح الناس وإنّ إجراءات ضريبية تصاعدية عادلة كما في جميع البلدان الرأسمالية من شأنه أن يحقق الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية ويعيد توزيع الثروة بين اللبنانيين.
والى أن يتمّ ذلك سوف يبقى الاتحاد العمالي العام ساهراً على شؤون اللبنانيين ومصالحهم العليا ومدافعاً عنهم بجميع الوسائل الديموقراطية والقانونية التي يتيحها نظامنا الديموقراطي.
ونعلن دعمنا التام لأي تحرك تقوم به المؤسسات العامة والمصالح المستقلة وكهرباء لبنان وأوجيرو وصولاً الى الاعتصامات والاضرابات لإقرار الحلول العادلة بالسلسلة.
الرئيس
د. بشـارة الأسمـر