نص المؤتمر الصحفي لرئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان
الدكتور بشارة الأسمر بعد اجتماع المجلس التنفيذي
بيروت، في 4/1/2018
- الصديقات والأصدقاء ممثلي وسائل الإعلام،
- الزملاء النقابيون،
كل عام وأنتم وعمال لبنان وشعبه بألف خير.
نعقد هذا المؤتمر الصحافي اليوم بعد اجتماع للمجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام ليس لعرض حصيلة النشاطات التي قام بها الاتحاد العمالي العام ابتداءً من الربع الأول من العام الماضي أي 15 آذار 2017، لأنكم واكبتم في مختلف منابركم الإعلامية تلك النشاطات وأبرزتموها للرأي العام بشكل خلاّق، وسواء منها ما يتعلق بانخراط الاتحاد العمالي العام في معركة سلسلة الرتب والرواتب مع هيئة التنسيق النقابية وهي معركة مستمرة إلى اليوم في عدد من جوانبها، إلى تبني الاتحاد قضية المياومين في جميع المواقع والإدارات والمؤسسات إلى الوقوف في وجه الصرف التعسفي إلى غير ذلك من القضايا التي يصعب حصرها وتعدادها في هذا المؤتمر الصحافي خصوصاً وأنكم كنتم خير متابع لها.
اليوم، الأمر الملح والعاجل والأساسي الذي لا يقبل التأجيل ولا التسويف هو موضوع تصحيح الأجور في القطاع الخاص فضلاً عن استكمال تنفيذ سلسلة الرتب والرواتب.
فالموضوع ليس زيادة الأجور كما يرغب أن يوحي البعض. المسألة هي استعادة القدرة الشرائية للأجور التي فقدتها على مدى أكثر من عقدين كاملين أي منذ العام 1996 سواء بسبب إهمال التصحيح الدوري للأجر أو بسبب فلتان الغلاء وارتفاع الأسعار أو الضرائب والرسوم من كل أنواعها وأخيراً بسبب كلفة سلسلة الرتب والرواتب من هذه الضرائب والرسوم.
وتشير مجمل تقديرات الخبراء أنّ حصة الأجور من الناتج المحلي انخفضت من حوالي 45% من هذا الناتج المحلي إلى حوالي 25% فقط. وهذا يعني أنّ الأجور رغم بعض التصحيحات الموسمية وغير المدروسة ولا العلمية خسرت حوالي 80% من قدرتها الشرائية. وقد جرى ذلك في ظل أسوأ وأغلى خدمات اجتماعية من التعليم إلى الكهرباء إلى المياه والنقل وسواها من شؤون الحياة اليومية وكل ذلك يجري في مجتمع تبلغ البطالة السافرة فيه حوالي 25% وترتفع بين الشباب وخريجي المعاهد والجامعات والكليات إلى أكثر من 40%.
أيها الأصدقاء والصديقات،
إنّ مطلب إعادة القدرة الشرائية وتصحيحها بدءاً من الحد الأدنى ورفعه وصولاً إلى الشطور على قواعد علمية واضحة ليس مطلباً عمالياً فقط بالمعنى الحصري، إنما هو مطلب اقتصادي وطني. وذلك أنّه لا يمكن إحياء الدورة الاقتصادية في الصناعة والتجارة والزراعة والخدمات على أنواعها من دون قدرة أكثر من مليون عامل وموظف يمثلون أكثر من ثلاثة أرباع الشعب اللبناني على شراء حاجاتهم الأساسية في الحياة الكريمة. ولا يمكن تحقيق أي تنمية من دون عدالة اجتماعية بالحد الأدنى.
ومن هذا المنطلق يحرص الاتحاد العمالي العام على تصحيح الأجور مباشرةً من خلال رفع الحد الأدنى والشطور بشكل مباشر وكذلك بشكل غير مباشر وذلك من خلال:
1- تعديل مرسوم منح التعليم على قاعدة رفع الحد الأقصى إلى أربعة أولاد. وأن لا تقل قيمة المنحة عن الولد الواحد عن ضعف الحد الأدنى للأجور. وفصل بدل التعليم في المدارس الخاصة عن بدل التعليم في الجامعات الخاصة، وإلغاء شرط مرور سنة على العمل قبل بدء العام الدراسي وإضافة بدل النقل والقرطاسية إلى منحة التعليم. وهذه المنحة تستمر إلى أن تضع الدولة وتطبق فعلياً سياسة تعليم وطنية شاملة تستعيد فيها الدور الريادي للمدرسة الرسمية والجامعة الوطنية.
2- في غياب خطة نقل وطنية تعتمد النقل العام كأساس بدءاً من أسطول باصات تغطي كل الأراضي اللبنانية وإعادة إطلاق خطوط سكك الحديد وتطيرها وسوى ذلك من الإجراءات، يطالب الاتحاد العمالي العام بتعديل منحة النقل ومضاعفتها حتى يتم تخفيف هذا العبء الثقيل عن كاهل العمال.
3- حيث أنّ التنزيل العائلي المعمول به حالياً غير كافي ولا يعبر عن حقيقة التنزيل العائلي الواجب تنزيله من الدخل كونها أرقام لا تراعي معدل التضخم ومؤشر الغلاء لذلك، فإنّ الاتحاد العمالي العام يطالب بأن تفرض الضريبة على الريع الحقيقي أو المحدد بصورة مقطوعة بعد أن ينزل منه لكل شخص طبيعي من المكلفين مبلغ عشرين ضعف الحد الأدنى للأجور سنوياً ويضاف اليها ستة أضعاف الحد الأدنى للمتزوج وضعف الحد الأدنى لكل ولد على عاتقه.
أيها الأعزاء،
تعلمون أنّ برنامج الاتحاد العمالي العام يتسم بالشمولية حول جميع الحقوق الأساسية للعمال والمواطنين من الحق بالصحة والتعليم إلى الحق بالعمل والأجر العادل والسكن. ولكن الاتحاد يركز في أولوياته على قضايا محددة ومنها قضية الرعاية الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. واسمحوا هنا أن أجدد التحية لمعالي وزير العمل الأستاذ محمد كبارة على ما جاء في مؤتمره الصحفي أول من أمس من موقف واضح وصادق ومتقدّم من جملة الإصلاحات المطلوبة للصندوق بدءاً من دفع الدولة وأصحاب العمل للمتوجب عليهم من ديون مروراً بالإصلاح الإداري وملء الشواغر.
وصولاً إلى الأهم وهو إنجاز مشروع قانون التقاعد والحماية الاجتماعية الذي يشارك الاتحاد العمالي العام في مناقشة تفاصيله في اللجنة المختصة في المجلس النيابي.
كما أننا في الاتحاد العمالي العام وكما بدأنا باستعادة اللحمة بين الاتحاد وهيئة التنسيق النقابية وسائر القوى الحية في المجتمع، ندعو إلى المزيد من العمل الموحد خصوصاً وأنّ أساتذة التعليم في القطاع الخاص يتعرضون لضغوط خطيرة تهدد أجورهم وديمومة عملهم وصندوق تعاضدهم وحرياتهم النقابية. وفي هذا السياق أيضاً نعلن كإتحاد عمالي عام تمسكنا بالحريات العامة التي هي أصل وجود بلدنا والتي تعتبر الحريات النقابية جزءاً أساسياً منها وكذلك حرية الإعلام والتعبير والكتابة والنشر والتحركات الديموقراطية على أنواعها.
وأخيراً، يبدي الاتحاد العمالي العام استغرابه واستنكاره لهذا التأخير غير المبرّر إطلاقاً في أخذ الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية إلى الوظائف الخاصة بهم تحت حجج واهية. فإذا لم يكن المرجع هو مجلس الخدمة فعن أي دولة نتحدث، وأي مرجعية يعود المواطن إليها؟
الرئيس
د. بشـارة الأسمـر