الأخبار

 موظفو المصارف يشكون خرق عقد العمل الجماعي  

 
 

ساعات العمل الاساسية أصبحت 53 ساعة أسبوعياً على مدار السنة (هيثم الموسوي)


يواجه عقد العمل الجماعي المبرم بين جمعية المصارف واتحاد نقابات مستخدمي المصارف اتهامات من الاتحاد لادارات المصارف بمحاولات دائمة للتخلّص منه. وتكمن اهمية هذا العقد انه شبه الوحيد المتبقّي من عقود العمل الجماعية التي كانت قائمة في مراحل سابقة، بهدف تنظيم العلاقات بين اصحاب العمل والعمّال في قطاعات مختلفة. ينظّم هذا العقد حقوق وواجبات نحو 23 ألفاً يعملون في 70 مصرفاً مسجلاً على لائحة المصارف العاملة في لبنان

محمد وهبة - (الأخبار)

يحدد عقد العمل الجماعي العلاقة بين ادارات المصارف الاعضاء في جمعية المصارف وموظفي المصارف، وهو يجسد نتائج ميزان القوى بين الطرفين، وتمثّل المفاوضات الدورية لتجديده مناسبة لتجديد الاتهامات للطرف الاقوى بمحاولة قضم مكتسبات الطرف الاضعف.
حصيلة تطبيق العقد خلال السنتين الماضيتين، بحسب رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان جورج حاج، اظهرت ان إدارات المصارف «تسعى الى قضم ما لم تستطع قضمه في المفاوضات، ولذلك يرتكب بعضها مخالفات في سبعة بنود اساسية، تتصل بملاكات المستخدمين، سلّم الرواتب، الزيادات، العناية الطبية، دوام العمل، الاستشفاء بعد التقاعد.

وهي تستنسب تطبيق بعض البنود على موظفين فيما تحرم موظفين آخرين منها، او تطبّق بنوداً دون اخرى على هواها».
وبحسب حاج، تأتي هذه المخالفات على رغم التنازلات التي قدّمها الاتحاد في مفاوضات تجديد العقد الأخيرة، والتي امتدّت لأكثر من سنتين، واضطر المستخدمون خلالها الى تنفيذ اعتصامات واللجوء إلى التحكيم في وزارة العمل «في ظل نوايا كانت قائمة لإلغاء العقد من اساسه».
وأهمية هذا العقد الجماعي، أنه من بين آخر عقود العمل الجماعية في لبنان التي تنظّم علاقة الموظفين بأصحاب العمل، وهو يشمل أكثر من 23 ألف مستخدم لدى المصارف. إلا أن المصارف، بحسب حاج، «تطبّق العقود بدرجات مختلفة، فيما هناك مصرف واحد لا يطبق العقد بشكل كامل».
الخرق الأول يتعلق بالمادة الأولى من العقد التي تنص على تصنيف مستخدمي المصارف بين تقنيين وكوادر. ويلفت حاج الى أن هناك أكثر من 10 مصارف لا تطبق هذا التصنيف، «رغم أنه أدرج في العقد بناء على طلب اللجنة الاجتماعية في جمعية المصارف». عدم تطبيق هذا البند يعني أن هناك مخالفة للمادة التاسعة من العقد التي تحدّد الرواتب الدنيا لملاك المستخدمين سواء كانوا تقنيين أو كوادر. ويعني أيضاً أنه لم يعد بإمكان المستخدمين التدرّج في الرتبة والراتب والحصول على التعويضات المالية بصورة عادلة.
وهناك مجموعة من المصارف تستنسب تطبيق البنود المتعلقة بالزيادات المنصوص عنها في المادة 18 من عقد العمل الجماعي. هذه المادة تنص على أن يحدّد مجموع الزيادات التي تمنح للمستخدمين بنسبة 3% من مجموع رواتب ملاك المستخدمين المدفوعة خلال السنة، وعلى أن تمنح في آخر آذار كحد أقصى بعد مراجعة ملفاتهم الشخصية وتقييم أدائهم ولا يجوز حرمان أحدهم إلا بعد تسجيل عقوبة في ملفه الشخصي. «غير أن المصارف تخالف هذا البند وتطبّق الزيادات في كانون الأول، أي بعد 9 أشهر على المهلة الممنوحة لها في العقد، وهي تربط هذه الزيادة بغلاء المعيشة (اي الزيادة على الرواتب التي تُحدد بمراسيم صادرة عن مجلس الوزراء لكل الخاضعين لقانون العمل)، وبالتالي تمنح المستخدمين زيادة مقسّمة على قسمين: زيادة إدارية وسلفة على غلاء المعيشة». ويقول حاج إن «هذا خرق فاضح لعقد العمل الجماعي، فهذه الزيادة إدارية وليست زيادة غلاء معيشة التي يتوجب على المصارف سدادها عند صدور مرسوم زيادة غلاء معيشة. المصارف تتهرّب من غلاء المعيشة عندما تسمّي الزيادة الإدارة سلفة على غلاء المعيشة». ويشير الى أن بعض المصارف تستنسب توزيع قيمة الزيادة على المستخدمين فتحرم بعضهم من دون أن يكون في ملفه أي عقوبات، وتعطي بعضهم زيادات صورية، فيما تعطي بعضهم زيادات كبيرة. ويقول حاج ان «هناك أكثر من 15 مصرفاً تتذاكى بهذه الطريقة».

جميع المصارف لم تطبق بند «الاستشفاء بعد التقاعد» المنصوص عليه في العقد
بالنسبة للعناية الطبية، فإن المصارف لديها عقود مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تنصّ على أنها تدفع سلفاً مالية لموظفيها على حساب فواتير العناية الطبية التي يسددونها مع إضافة التقديمات الإضافية المنصوص عنها في العقد الجماعي، ثم تستردّ هذه المبالغ من الضمان. «لكن بعض المصارف استحدث مخالفة فريدة من نوعها، فهي توقفت عن تسديد السلف المالية للموظفين متذرّعة بأنها تخطّت رصيدها في الضمان!»، يوضح حاج.
غالبية المصارف لا تتقيّد بدوام العمل المنصوص عليه في العقد، بل تجبر الموظفين على توقيع عقود مخالفة للمادة 25، التي تنص على أنه «يحدّد دوام عمل المستخدمين في جميع المصارف كما يلي: من الثامنة إلى الرابعة عشرة خلال السنة، ما عدا ايام السبت حيث يحدد الداوم من الثامنة إلى الثالثة عشرة». وتضيف الفقرة الثانية من هذه المادة، أنه «يمكن أحياناً للمصارف عند الحاجة فقط ووفقاً لتقدير الإدارة أن تطلب من مستخدميها العمل خارج وقت الدوام المحدّد مدّة لا تتجاوز السبع ساعات اسبوعياً دون أي تعويض إضافي، ولا يجوز نقل هذا الحق من أسبوع إلى آخر، أي لا يجوز تشغيل الموظفين أكثر من 42 ساعة. وإذا زادت عن هذا المعدل استحق المستخدم أجراً إضافياً، ولا يجوز استعمال هذا الحق لإضافة ساعة عمل إلى الدوام اليومي بشكل متواصل ودائم». لكن في الواقع، معظم المصارف في لبنان تجبر الموظفين على العمل من الثامنة صباحاً حتى الخامسة بعد الظهر، ويوم السبت حتى الواحدة ظهراً، أي أن ساعات العمل الاساسية اصبحت 53 ساعة أسبوعياً على مدار السنة. وبعض المصارف يدفع تعويضات مالية مقابل جزء من الساعات الإضافية، وبعضها لا يدفع نهائياً. وقد تبيّن أن عقود التوظيف الجديدة لدى المصارف لا تحترم الحدّ الأدنى من الرواتب المنصوص عنها في ملاك المستخدمين.
ومن أبرز الخروقات المسجّلة في بنود العقد الجماعي، ما يتعلق بالمادة 49 التي تحدّد نظام الاستشفاء بعد التقاعد وفق الآتي: «تلتزم المصارف مباشرة بعد توقيع عقد العمل الجماعي 2013- 2014، أن تؤمن للموظفين العاملين لديها حق الاستمرارية الاستشفائية فيستفيدون بعد سن التقاعد من تغطية شركة تأمين أو صندوق تعاضد الموظفين للاستشفاء من الدرجة الثانية، على أن يتحمل الموظف كلفة هذه التغطية وأن يمارس هذا الحق كحدّ أقصى خلال فترة تسعين يوماً من تركه العمل...». وهذه المادة التي لم يطبقها بعض المصارف.
وبحسب المعطيات المتداولة فإن مفاوضات العقد الجديد تتركّز على حق الاستشفاء بعد التقاعد، إذ يقول رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه، انه يعمل على تشجيع المصارف على الانخراط في تطبيق المادة 49 من عقد العمل الجماعي بعدما توصّل مع نقابة الموظفين إلى صيغة لإدارة صندوق التعاضد الصحي الذي سيؤمن التغطية الصحية للذين يتقاعدون وأن المهم «ألا يستعمل الصندوق كأداة في الانتخابات النقابية».