الأخبار

 ورشة عن مأسسة الحوار بين العام والخاص  

 
 

الحاج حسن افتتح ورشة عن مأسسة الحوار بين العام والخاص

Lebanon Files

29/10/2015


نظمت وزارة الصناعة بالتعاون مع بعثة الاتحاد الاوروبي ومؤسسة GIZ الالمانية، ورشة عمل قبل ظهر اليوم في فندق الكسندر في الأشرفية حول "مأسسة الحوار بين القطاعين العام والخاص لتنمية الصادرات الصناعية في قطاعات المعلوماتية والتكنولوجيا والأعشاب العطرية"، برعاية وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن وحضوره ومشاركة رئيس قسم التنمية المستدامة في بعثة الاتحاد الاوروبي مارتشيللو موري والمدير العام للوزارة داني جدعون، ورئيس جمعية الصناعيين الدكتور فادي الجميل، وممثلين عن وزارات الاقتصاد والتجارة والزراعة والصناعة والبعثة الاوروبية والادارات العامة والقطاع الصناعي الخاص ولا سيما في القطاعات المعنية في الورشة.

في البداية، ألقى موري كلمة جاء فيها:"تأتي هذه الورشة في إطار تعزيز بيئة الأعمال في منطقة جنوب المتوسط، ضمن مشروع شراكة بين الاتحاد الاوروبي وعشرة دول واقعة على ضفة جنوب المتوسط. ويشجع هذا المشروع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في هذه البلدان على تبني الممارسات الاوروبية الفضلى المتبعة في الأعمال الريادية والاستثمارية. وهذا المشروع المنفذ مع وكالة GIZ الالمانية، مرتبط بشكل أساسي بخطة العمل الوطنية اللبنانية ويتبع التوصيات التي صدرت العام الماضي من قبل الاتحاد الاوروبي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الاوروبية ومؤسسة التدريب الاوروبية حول تقييم نشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ولا يمكن بالتالي تجاهل دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومدى ارتباطها بالسياسات المرسومة للتطور والنمو".

ثم ألقى الوزير الحاج حسن كلمة شكر فيها الاتحاد الاوروبي على التعاون البناء مع مختلف الادارات اللبنانية ولا سيما مع وزارة الصناعة. وقال:"تتناول ورشة العمل تعزيز الحوار بين القطاعين العام والخاص. وأؤكد أن الحوار على هذا الصعيد لم ينقطع يوما، لكنه لم يؤت بالثمار المرجوة كي لا نقول انه كان حوار طرشان في بعض الاحيان. وإنني لا أحمل المسؤولية لقطاع واحد من دون الآخر، مع وجوب إلقاء المسؤولية الكبرى على الطبقة السياسية التي تعاقبت على الحكم في لبنان بعد العام 1990.وإنني لا ألمح إلى أحد الجهات بالسياسة، ولكن الحقيقة جلية ومكشوفة وهي أن ذروة اقفال المصانع اللبنانية في قطاعات الجلود والنسيج والأحذية والملبوسات والمفروشات وصرف عشرات الاف العمال منها حصلت بين عامي 1992 و1997، وذلك بسبب عوامل داخلية تمثلت بعدم اقتناع الطبقة السياسية الحاكمة حينها بأهمية القطاعات الانتاجية الصمناعية والزراعية وبالدور الكبير الذي يمكن ان تضطلع به على صعيد تكبير الاقتصاد وتأمين فرص العمل وتحقيق العدالة الاجتماعية وتثبيت أبناء القرى في الأرياف، ورفع مستوى المعيشة لأبنائنا في هذه المناطق، والحد من نزوح العائلات والشباب إلى ضواحي بيروت ومن الهجرة إلى الخارج تفتيشا عن عيش كريم ولائق. وأشدد على أن لا علاقة للأزمة السياسية الحالية بالسياسات الاقتصادية المتبعة تجاه الصناعة والانتاج والتصدير. ولكن ما فاقم المشكلة،ان المسؤولين في هذه الفترة وقعوا اتفاقات تجارة حرة واتفاقية التيسير العربية واتفاقية الشراكة مع اوروبا، واعدين الشعب اللبناني بأن أسواق هذه الدول ستفتح امام الانتاج اللبناني وستزداد الفرص أمامهم مع ارتفاع عدد المستهلكين المحتملين إلى 600 مليون عربي واوروبي اضافي. ولكن ما حصل هو على العكس تماما. وأدت هذه الاتفاقات غير العادلة إلى فتح الأسواق اللبنانية أمام السلع الاجنبية وإلى اغراق السوق اللبناني صغير الحجم أصلا من دون ان ينتفع صناعيونا ومزارعونا من الوعود المغدقة عليهم من ايجابيات هذه الاتفاقيات. وهنا أطلب من رئاسة الحكومة والوزارات المعنية أن تبادر إلى وضع تقرير مشترك او على انفراد يقيم مدى حجم ايجابيات وسلبيات هذه الاتفاقيات على الاقتصاد اللبناني". اضاف الحاج حسن:"في الحقيقة أن هذه الاتفاقيات لم تغير شيئا من الواقع. فمن كنا نصدر اليه ما زلنا من دون أي دور لهذه الاتفاقيات، ومن لم نكن قادرين على التصدير اليه، ما زلنا غير قادرين من دون أن تتمكن هذه الاتفاقيات من ازالة المعوقات القائمة". حتى ان شركات لبنانية تعمل تحت علامة تجارية أجنبية اوروبية غير قادرة على تصدير منتجاتها من الالبان والاجبان الى الدولة التي تحمل العلامة الشراكة التجارية مع احدى اهم شركاتها. وليس فقط أننا لا نستطيع تصدير المنتجات الدوائية الى الدول العربية فان تسجيل الدواء اللبناني في عدد من الدول هو بصعوبة الصعود الى القمر، بينما تسجيل الدواء العربي يتم في لبنان بعزوبة شرب كوب ماء. وهناك اكثر من 300 دواء عربي مسجل في لبنان، فيما لا يوجد أكثر من 50 دواء لبناني مسجل في كل الدول العربية. في حين تبلغ فاتورة استيراد الدواء الى لبنان 1.2 مليار دولار، بينما حصة الشركات اللبنانية في السوق اللبناني لا تتعدى المئة مليون دولار. ولا تتجاوز قيمة تصدير الدواء الخمسين مليون دولار. وتضع هذه الدول العوائق التجارية تحت تسميات متنوعة لحماية اسواقها بينما ممنوع على لبنان أن يطبق مبدأ المعاملة بالمثل.

وتابع :المشكلة لا تكمن بالنوعية ولا بالجودة وانما بفرض القوي لارادته على الضعيف. وآخر هم على المسؤولين اللبنانيين مواجهة هذه التحديات لأنهم منشغلون بامور أخرى والأمور الاقتصادية في آخر سلم اهتماماتهم. ولكي اكون دقيقا اكثر، تكمن المشكلة في قيام بعض السياسيين بتغطية التجار على حساب مصالح الصناعة والزراعة في لبنان ويعود هذا الأمر لعدم اقتناع هؤلاء بأهمية الصناعة والزراعة في تكبير حجم الاقتصاد. خلاصة القول إن الاتفاقات التجارية كانت ضد مصلحة لبنان الاقتصادية ولم تخدم الاقتصاد على الاطلاق. والدليل ان صادراتنا تخف سنة بعد سنة، ووارداتنا تزداد سنة بعد سنة وصولا إلى 17 مليار دولار في العام الماضي، والمرجح أن تبلغ هذا العام 21 مليار دولار".

وأضاف: " إنني أقترح على هذا الصعيد زيادة الصادرات وتخفيض قيمة الواردات وهذا الأمر يحتاج إلى تعديل الاتفاقات القائمة والحوار مع الدول التي نستورد منها في محاولة لاقناعها بزيادة وارداتها من لبنان بنسب معينة، فنصل الى رفع صادراتنا الى حدود 8 مليار دولار، وتخفيض وارداتنا الى حدود الـ 14 مليار دولار. وهذا الهدف ليس صعب التحقيق إذا توافر القرار السياسي المطلوب والرؤية الاقتصادية الواضحة".

وتطرق الوزير الحاج حسن أيضا إلى وجود عوائق داخلية تمنع نمو الصناعة تتمثل بعدم قبول أغلب البلديات اقامة مناطق صناعية في نطاقها، وللسياسات العقارية الخاطئة وعدم تبني فرض ضرائب على الأرباح المتأتية من التحسين العقاري، ومن كلفة الانتاج المرتفعة المتمثلة بارتفاع أسعار الطاقة والمحروقات".

وعلق على كيفية معالجة الدول الصناعية التي تحترم ذاتها وشعوبها الازمات التي تواجه قطاعها الصناعي، وأعطى مثلا الفضيحة التي سببتها شركة السيارات الالمانية فولكسفاغن. وقال:"لم تدمر السيدة مركيل ولا الاعلام الالماني هذه الشركة العريقة بمجرد اتهامها في الولايات المتحدة بالتلاعب بمستوى الانبعاثات الغازية منها، بل حملوها المسؤولية من دون الوصول الى حد تدميرها والتشهير بها، بل في مكان ما دافعوا عنها لأنها تشكل ركنا من أركان الاقتصاد والتراث الالمانيين. هناك مشاكل يومية تعترض المؤسسات الصناعية في لبنان والعالم. ولكن لا يجوز في المقابل أن نلجأ الى تدمير هذه المؤسسات. ولذلك كنت وما زلت أؤكد ان القطاع الصناعي يعمل بجودة عالية ووفق المواصفات العالمية. وعلينا مواصلة رفع مستوى الجودة ليصبح ممتازا. كما أن الصناعة اللبنانية متميزة اليوم بتبنيها الطاقة المتجددة، وهناك الكثير من المشاريع التي تحول مصادر طاقتها الى الطاقة الشمسية".

ودعا الحاج حسن الى "اجراء مراجعة شاملة وتفصيلية لمقاربة لبنان للملفات الاقتصادية وفق سياسات مبنية على الرؤية والارادة السياسية الحرة والتخطيط والسعي الى تنمية الصادرات وتخفيض الواردات لا سيما أن لبنان يتمتع بميزات ومقدرات بشرية ومالية هائلة".
وركز جدعون على العمل الايجابي على مختلف المستويات و"ستبقى وزارة الصناعة بيت الصناعيين وتقوم بمعالجة مشاكلهم بالتعاون مع القطاع الخاص وسائر الادارات العامة وبالتسنيق مع الجهات الاوروبية والمانحة". وشدد على ضرورة تنظيم العلاقة أكثر بين القطاعين العام والخاص لتصبح أكثر مؤسساتية". ودعا الى "تفعيل الصادرات والى تشجيع الاستهلاك المحلي ايضا بما يؤدي الى تخفيض الاستيراد من الخارج، فنصل الى توازنات مقبولة".

وقال:"الحوار يحل المشاكل دائما. ونحن ننتهج سياسة الحوار المتواصل والبناء مع القطاع الخاص ومع زملائنا في الادارات العامة لكي نحقق النتائج المرجوة".

وتحدث الجميل عن أهمية الصناعة ودورها في تأمين فرص العمل وتحقيق النمو المستدام. وقال:" ونشكر معالي الوزير وفريق عمل الوزارة على مساعيهم الدائمة من أجل ضمان تكافؤ الفرص بين الصناعيين اللبنانيين ومنافسينا في الخارج، ولم يتوان عن اتخاذ الاجراءات المطلوبة على هذا الصعيد".

وأيد الجميل كلام الوزير الحاج حسن "حول غياب سياسة استراتيجية على صعيد الدولة لدعم الصناعة، لا سيما ان القطاع الانتاجي اللبناني يتمتع بميزات تفاضلية وتطال السلع اللبنانية مختلف دول العالم". كما تحدث عن وجود نشاط صناعي لبناني لافت في الخارج وهذا دليل قوة للقطاع الصناعي المحلي.

وشدد على العمل من "اجل ازالة الاعباء التي تعيق نمو القطاع مع اثبات الصناعيين على قدراته". ونوه بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي عبر برامج متنوعة".

تجدر الاشارة الى ان آلية هذا الحوار بين القطاعين العام والخاص تضم ممثلين من ثلاثة قطاعات مختلفة، خاصة قطاع المعلومات و التكنولوجيا واللوحات الإلكترونية والأعشاب العطرية بالإضافة إلى ممثلين من الوزارات الأخرى المعنيّة في شؤون دعم الصادرات كوزارات الإقتصاد والتجارة والزراعة والمالية ومديرية الجمارك و OMSAR وممثلين عن القطاع الخاص كجمعية الصناعيين اللبنانيين وغرف التجارة والصناعة والزراعة والمؤسسات الحاضنة وغيرها.الهدف العام لهذه الورشة هو تعزيز مناخ الأعمال وبالتالي زيادة القدرة التنافسية للشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال عملية إصلاح مستدامة تضم مبادرات مشتركة بين القطاعين العام والخاص.

وتمحورت ورشة العمل حول البنية التي ستقام عليها آلية الحوار بين القطاعين العام والخاص وحول المخطط لإنشاء حوار منهجي بين الأطراف المعنية، بناء على الممارسات الجيدة للاتحاد الأوروبي في هذا المجال. كذلك، تمت مناقشة جدول أعمال الأشهر الستة المقبلة وخطة العمل المقترحة التي سيتم خلالها الانتهاء من صياغة هيكلية الحوار بين القطاعين العام والخاص وإطلاق عملية الإصلاح ووضع الأدوات اللازمة لتقييم النتائج. يستند هذا الإقتراح على نتائج المشاورات والمقابلات واجتماعات مجموعة النقاش المركزة التي أجريت مع الأطراف المعنية.

وتسعى السلطات اللبنانية إلى تعزيز الحوار المنهجي بين القطاعين العام والخاص ومأسسته من أجل زيادة الصادرات. إن هذه الآلية لإقامة الحوار بين القطاعين ستتيح في المجال أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة لزيادة قدراتها التصديرية وزيادة القيمة المضافة لمنتجاتها وخدماتها في الأسواق الدولية.