الأخبار

 الاستقرار لا يتصل بالحكومة مباشرةً  

 
 

الاستقرار لا يتصل بالحكومة مباشرةً... وسلام أمام 3 خيارات


السبت 01 آب 2015 - 05:49


المخاوف الدولية من إستقالة الحكومة تنبع من الحِرص على الاستقرار في لبنان، حيث إنّ الاعتقاد الدولي بأنّ انفراط الحكومة سيؤدي إلى عودة الاشتباك السياسي واستطراداً التسخين السياسي، الأمر الذي يُضعف المناعة الوطنية ويهدّد الاستقرار ويشكّل عملية إلهاء للجيش اللبناني الذي بدلاً من أن يركّز جهوده في التصدّي للإرهاب سيكون مضطراً إلى رفع جهوزيته في الداخل منعاً لأيّ احتكاكات في الشارع تقود إلى مواجهات وتجرّ البلد إلى ما لا تُحمَد عقباه.

وفي موازاة المخاوف الأمنية عبّرت أوساط ديبلوماسية عن مخاوف بنيوية تتصل بالنظام السياسي، وقالت لصحيفة “الجمهورية” إنه لا يمكن تفسير هذا التعطيل في معظم المؤسسات الدستورية إلّا بكونه متعمّداً من أجل إعطاء إشارة للداخل والخارج بأنّ المشكلة في لبنان أبعد من سياسية وخلافات سلطوية وترتبط بالنظام السياسي، أي اتّفاق الطائف، الذي يتطلب تعديلاً جوهرياً يفسِح في المجال أمام إعادة انتظام عمل المؤسسات الدستورية.

ولكنّ مصادر وزارية مطّلعة لم تشاطر الهواجس الدولية على الاستقرار في حال استقالة الحكومة، وقالت لـ”الجمهورية” إنّ الاستقرار لا يتصل بالحكومة مباشرةً، إنّما يتعلق بالاتفاق السعودي- الإيراني على تحييد لبنان عن صراعهما المفتوح، وكلّ المعلومات المتقاطعة تؤكّد أنّ هذا الاتفاق ما زال ساريَ المفعول، ويتفرّع منه حِرص “حزب الله” على الاستقرار لترييح بيئته في الداخل في لحظةِ تفرّغِه للحرب السورية، كما الحِرص الثابت والدائم لـ”المستقبل” على تجنيب لبنان أيّ خضّات من أيّ نوع.

وأضافت: الخوف على الاستقرار يكون في حالة واحدة، وهي انفراط الحوار بين “المستقبل” و”حزب الله” ودخولهما في مواجهة سياسية مفتوحة، وما دون ذلك يبقى تحت السيطرة، خصوصاً أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري عبّر صراحةً عن دعمه لرئيس الحكومة تمام سلامه وليس رئيس “تكتّل التغيير والإصلاح” ميشال عون، كما أنّ “حزب الله” وضَع أساساً لعون ثلاثة خطوط حمر: الحكومة، الاستقرار والجيش، وبالتالي الحراك العوني مهما بلغَ سيبقى مضبوطاً تحت السقف الذي رسَمه له الحزب، فضلاً عن أن لا نيّة للحزب اليوم للخربَطة عن طريق عون.

ورأت المصادر الوزارية نفسُها أنّ “حزب الله” يمسِك العصا من وسطها: لا يريد أن يخسر حليفه المسيحي حفاظاً على غطائه الوطني، ولا يريد أن يخسر شراكته مع “المستقبل”، لأنّ البديل منها جُرِّبَ مع صعود التطرّف وتنقّل الإرهاب والتفجيرات بين البقاع والضاحية.

و”المستقبل” بدورِه لا يريد أن يفرط بالستاتيكو الحالي، لأنّ اهتزازه يعيد الاعتبارَ لقوى التطرف داخل البيئة السنّية على حسابه، وبالتالي البلد أمام تقاطع موضوعي أنتجَ استقراراً ومرشّحٍ أن يستمر طويلاً، ولذلك فالمخاوف ممّا سيؤول إليه الوضع في حال تحَوُّل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال ليست في محلّها، لأنّ كل هذا الوضع ما زال محكوماً بالمعادلة الاستراتيجية نفسها: التقاطع السعودي-الإيراني على تحييد لبنان.

وكشفَت المصادر الوزارية عن أنّ التناقض الذي برز أخيراً بين “المستقبل” و”حزب الله” هو حولَ استقالة الحكومة وعدمها، حيث إنّ الحزب يفضّل استمرار الوضع على ما هو عليه، متجاهلاً الدور التعطيلي لحليفه المسيحي، فيما رئيس الحكومة تمام سلام ليس بوارد التسليم بالتعطيل والابتزاز، وقد وجَد نفسَه أخيراً أمام ثلاثة خيارات: وقفُ العمل بالآلية لمصلحة العودة إلى منطوق المادة 65 من الدستور التي تقول بالتصويت في حال تعَذّر التوافق.

والخيار الثاني الاعتكاف في سياق الرسالة الواضحةِ المضمون التي تقول برفض استمرار الصيغة الحالية، وربط عودته عن الاعتكاف بالاتفاق على آليّة جديدة تَحول دون التعطيل. والخيار الثالث الاستقالة كخطوة ترمي إلى قلب الطاولة على الجميع في تعبيرٍ عن اليأس من إمكان التوصّل إلى مساحة مشتركة مع هذا الفريق.

وقالت المصادر إذا كان هدف أحد المكوّنات السياسية الانقلاب على اتّفاق الطائف من خلال التعطيل المبرمج للمؤسسات الدستورية، فهذا الهدف غير قابل للتحقق إلّا في حال سلّمت “قوى 14 آذار” بهذا المنطق أو أعلنَت هزيمتها السياسية، الأمرُ غيرُ الوارد في ظلّ الإصرار على التمسك بهذا الاتفاق الذي يشكّل تطبيقُه خشبةَ الخلاص لكلّ اللبنانيين. واعتبَرت أنّه في حال استقالة الحكومة لا يعني إطلاقاً الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي، بل تواصِل هذه الحكومة تصريفَ الأعمال بانتظار التسوية التي تنتج انتخابات رئاسية يعاد في ضوئها تكليف رئيسٍ للحكومة وتشكيل حكومة جديدة.