الأخبار

 القطاعات السياحية مكتئبة في صيف 2015  

 
 

الإعلام والسياسة هما السبب!!

 
الأربعاء 01 تموز 2015   آخر تحديث 12:01

زكريا شريف
 

يحل صيف لبنان هذا العام محملاً بمخلفات الأزمة السياسية الداخلية المستمرة، والتي تخيم على المؤسسات الدستورية منذ أكثر من سنة، متمثلةً بالفراغ الرئاسي الذي يترافق مع شيء من القلق الأمني، وغياب كامل للسياح الخليجيين وشبه كامل للاجانب، فضلاً عن تراجع ثقة المستهلك اللبناني.. أما المؤسسات السياحية فتفتقر الى الزبائن، وأزمات القطاع السياحي باقية وتتمدّد..

كل ذلك يأتي مع حلول شهر رمضان الذي ومنذ ثلاث سنوات يتزامن مع بداية الصيف، فيتسبب بإضعاف الحركة السياحية بكافة قطاعاتها، وبخفض ايردات المطاعم والمسابح والفنادق والملاهي الليلية وغيرها من المؤسسات التي عادةً ما تجعل من الصيف موسماً لاطلاق جلّ أعمالها.

هذه الامور مجتمعة تسببت بخلو القطاعات السياحية اللبنانية من زبائنها، إذ أن ما سبق ذكره كان كفيلاً بضرب الحركة السياحية هذا العام، وإبعاد السائح الأجنبي، وجعل المستهلك اللبناني أكثر حرصاً على عدم المجازفة في صرف أمواله إلا على  ما يراه ضرورياً.

إذن، فالقطاعات السياحية اللبنانية تشهد حركة خجولة مع بداية فصل الصيف، مع العلم أن هذا الوضع ما يزال مستمراً منذ سنوات.

ومع بداية صيف 2015.. السياحة في لبنان ما برحت تشهد حالة من الركود والانتكاسات وخيبات الامل المتتابعة.. فماذا يقول لنا أصحاب هذه القطاعات اليوم؟

 
اشقر: الاستقرار الأمني ليس العامل المؤثر الوحيد على القطاع بل الاستقرار السياسي أيضاً!

 
بدايةً، اشار نقيب الفنادق في لبنان بيار اشقر الى انه من الصعب تقييم نسبة اشغال الفنادق لهذا الصيف، اذ أن القطاع لا يتمتع بحجوزات منظمة أو رحلات منتظمة من قبل وكلاء السفر.

واضاف: "نحن اليوم في شهر رمضان الذي يعد موسم رجوع السياح الى بلادهم من أجل تأدية عباداتهم بين ذويهم، أما عيد الفطر فما يزال بعيداً نسبياً. ومن الممكن أن تظهر بعض النتائج الايجابية عقب العشر الثاني من الشهر، وطبعاً هناك حجوزات للعيد، لكنها تختلف مع اختلاف جنسية الحاجزين. فمثلاً اذا كانت قادمة من أهل الخليج، فهذا يدل على أن الصيف بدأ في لبنان وسيستمر ، أما اذا كانت من الاردن والعراق مصر ، ففي المبدأ العام تكون فترة هذه الحجوزات على مدى ثلاث أو أربع أيام لا أكثر".

وقال أشقر: "المؤشرات ما تزال بعيدة، لكن الأهم هو تهدئة الاخبار المحلية والاستقرار المحلي، حيث اتضح لنا أن الاستقرار الأمني ليس هو العامل المؤثر الوحيد على القطاع، بل ان للاستقرار السياسي تأثير كبير أيضاً". ولفت الى أن "صيف 2015 سيحمل تحسناً طفيفاً عقب شهر رمضان، لكن ليس هناك إنقلاب على الوضع العام الذي ما يزال على ما هو عليه، فالخطابات السياسية الصاعقة التي تخرج ضد أهل الخليج ما تزال حاضرة، الى جانب غياب رئيس الجمهورية، وتعطيل مجلس النواب، وكذلك التعطيل الجزئي لمجلس الوزراء".

ولفت الى أن الصرخة الاقتصادية في مؤتمر البيال تمت بهدف تلقي رد مباشر من السياسيين، الذين اعتبرهم بحاجة لبعض الوقت للرد، وقال: "البعض رد بشكل سلبي على الوضع القائم، فيما لا يزال هناك من بقي صامتاً لأنه يدرك الواقع جيداً ويعلم أن المجتمع الاقتصادي محق فيما يقول".

 
عبود: لو أن لبنان يتمتع بهدوء أمني وسياسي أكثر لكانت الحجوزات أفضل بكثير..

 
أيضاً كان لنا حديث مع نقيب اصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود، والذي اشار بدوره، الى ان حركة الطيران ما تزال على ما هي عليه دون تغيير يذكر مع بداية فصل الصيف وفي ظل شهر رمضان المبارك، موضحاً أن معظم الوافدين هم لبنانيون، وأن هناك طلب وحجوزات لا بأس بها اجمالاً، وأن أعداد المقاعد من الخارج الى لبنان تقريباً اكتملت حجوزاتها، لكنها في العادة تكون أفضل من ذلك، وقال: "لو أن لبنان يتمتع الآن بهدوء أمني وسياسي أكثر لكانت الحجوزات أفضل بكثير".

ولفت عبود الى ان "معظم الوافدين الى لبنان هم بالأصل مغتربون لبنانيون أو لبنانيون يعملون بالخارج، ولا حركة تذكر من العرب"، مضيفاً: "حركة الطيران تتفاوت بالمقارنة مع العام 2014 الماضي، بين شهر وآخر، فيما شهد المعدل  العام في سوق قطع التذاكر ارتفاعاً في أول خمسة أشهر من العام الحالي بنحو 3.8%". موضحاً ان وزارة السياحة أعلنت عن نمو الحركة السياحية في الخمسة أشهر الاولى، وعلق أن كل القادمين لبنانيون، وأن الحركة السياحية العربية والاوروبية ما تزال غائبة".

وقال: "هناك حركة حجوزات للصيف بعد رمضان، لكن لا يمكن الجزم فيما قد يبقى منها ، البعض ربما يلغي رحلاته، أو ربما تزيد الحجوزات، مما يضطر الشركات للقيام برحلات اضافية، لكن هذا أمر غير ملموس حالياً، أما نحن فنعتبره أمرا جيدا بشكل عام".

 
رامي: يجب أن يشعر السياسيون معنا أكثر، ولبنان بدون اقتصاد ليس بلد أبداً..

 
أما رئيس نقابة اصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان طوني رامي، فأوضح أن حركة المطاعم تراجعت في رمضان -كما هي العادة-، مضيفاً: "الافطارات اسعارها تكون أصلاً مخفّضة ومريحة للزبائن، وهناك حضور قوي للمنافسة القوية، مما يضطر الجميع الى تقديم أفضل الاسعار". كما لفت الى ان الافطارات لا تأتي بكثير من الأرباح، مؤكداً أن "المطاعم تعمل على تقديم أفضل وأجود ما لديها في هذا الشهر الفضيل".

واضاف: "من جهةٍ ثانية تقوى الحركة في المقاهي، حيث تتنوع أصناف المأكولات على السحور الى جانب الحلويات، والنراجيل التي باتت تقليداً سنوياً لدى الشعب اللبناني في الليالي الرمضانية". وقال: "إذن الحركة تخف في المطاعم وتقوى في المقاهي، أما سوق الملاهي الليلية فيشهد تدنياً خلال هذه الفترة".

وأوضح رامي أن الفصل الاول من 2015 الحالي، كان أفضل بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي الذي كان ضعيفاً. كما تمنى أن يشهد لبنان تحسناً على الصعيدين الامني والسياسي، مؤكداً أن لبنان اليوم من أفضل بلدان الشرق الاوسط على الصعيد الامني، وقال: "ويهمنا أن يكون الحديث السياسي ايضاً هادئاً أكثر مما هو عليه"، طالباً من السياسيين أن يتخاطبوا بلغة أرقى، على الأقل حتى نتمكن من تخطي هذا الصيف بنجاح. مؤكداً أن "الأمن والسياحة من جهة، والأمن والسياسة من جهة أخرى توأمان لا يتفارقان".

وتابع: "يجب أن يشعر معنا السياسيون أكثر من ذلك، فلبنان بدون اقتصاد ليس بلداً أبداً، وهو يشهد اليوم وجود دورتين اقتصاديتين، واحدة لبنانية الى جانب دورة سورية فلسطينية باتت تشكل دورة كبيرة جداً، ولا يمكن لبلد أن يبنى على دورتين اقتصاديتين، حيث أن الطاقة والكهرباء والبنى التحتية وكل المداخيل تنقسم على اثنين اليوم، فضلاً عن العمالة الأجنبية التي تحل محل العمالة اللبنانية اليوم". وقال: "يجب أن يفكر السياسي اللبناني بالاقتصاد، وليس في كتلته السياسية فقط، وعليه أن يدرك أن الشعب اللبناني متعب وبحاجة الى جرعة أوكسيجين ينبغي أن يعمل أهل السياسة على توفيرها".

 
بيروتي: مع مجيء رمضان في حزيران وصل التراجع في المؤسسات البحرية الى 55%

 
بدوره، قال نقيب أصحاب المؤسسات البحرية جان بيروتي في حديث لـ "الاقتصاد": "نحن نعيش اليوم ظروفاً استثنائية كتلك التي مرت علينا في شتاء العام 2014، حين لم تشهد جبال لبنان أي ثلوج، وما يزال الطقس لدى المؤسسات البحرية عاطلاً جداً، فضلاً عن حضور رمضان داخل المؤسسات لتشهد بذلك تراجعاً ملحوظاً ، اذ أن حزيران يشكل نسبة 30% من موسم الصيف. ومع مجيء رمضان فيه  فإن التراجع وصل الى حدود 45 الى 55% في كل  المؤسسات البحرية.

وأكد أن "هذا العام أسوأ من العام الماضي على المؤسسات البحرية.. طبعاً في الاشهر القادمة سيتحسن الطقس نسبياً لكن رمضان سيبقى حاضراً في أهم شهر من الموسم وهو شهر تموز. وهذا التحسن المرتقب لن تكون لديه القدرة على التعويض عن التراجع، لكن ربما سيعمل على تماسك الموسم".

واضاف: "طالما أن رمضان يدخل في فصل الصيف للسنة الثالثة على التوالي، وسيبقى على هذه الحال 4 سنوات أخرى، فإن وضع المؤسسات السياحية البحرية يمكن وصفه لحد ما بتراجع المداخيل والازمات المالية".

وقال "لو كان لدينا سياحية أجنبية أو لبنانية ممن يعيشون في اوروبا ودول العالم تجاه لبنان بشكل منتظم ومتوافر، ما كان ليظهر هذا الفارق، لكن الظروف السياسية التي نمر بها من غياب لرئيس الجمهورية، والتشنج السياسي ، واظهار هذه المشاكل الداخلية على الفضائيات هو سبب رئيسي لهذه الأزمة، فالكثير من الدول تعيش ما نعيشه اليوم، لكن الاظهار غير المسؤول لمشاكلنا على الاعلام هو السبب فيما نحن فيه. ولذكل فإن من حسنات رمضان أنه يفتقر الى البرامج السياسية الحوارية".

وتابع بيروتي: "اليوم نشهد عدداً غير قليل من الأزمات المتراكمة والمتكاملة والتي تشكل مجتمعة نكبة كبيرة، فالتقرير الذي صدر مؤخراً عن عدد من فنادق بيروت أكد أن لبنان هو ثالث بلد من حيث تدني نسبة الاشغال فيه بعد الأردن وسوريا، كما كشف عن تدني سعر الغرفة في فنادق الخمس نجوم، مما جعلها تحل محل الفنادق 4 نجوم، الامر الذي خلق مشكلة في السوق".

وقال: "الوضع الحالي سببه الأزمة السورية، واقفال الطريق البرية  عبر سوريا، وسياستنا غير المسؤولة اقتصادياً تجاه دول مجاورة نعتبرها أسواقاً لنا، بالاضافة الى التزامنا بمعارك شرق أوسطية أكبر من مقاسنا بكثير، وكأننا مضطرون للانخراط في أزمات غيرنا".

من جانبٍ آخر، تطرّق بيروتي في حديثه الى لقاء وزير الصحة مع اتحاد النقابات السياحية، حيث تم اطلاق بروتوكول يميز لبنان عن باقي الدول العربية فيما خص ملف سلامة الغذاء، مؤكداً ان مرحلة جديدة تبدأ وهي مرحلة تلميع وجه لبنان الغذائي. مضيفاً: "نُعتبر اليوم في لبنان على مستوى 90 من سلامة الغذاء، وسنتمكن من الوصول الى 100% قدماً". ومعلناً أن كل صاحب مؤسسة يقوم بالنشاط المطلوب ستتم مكافأته، كما ختم كلامه داعياً كل أصحاب المؤسسات للتعامل مع الموضوع بمسؤولية وإيجابية إذ أنه لم يعد مسموحا أن نبقى بدائيين.