الأخبار

 تناتش كعكة التوظيف في الضمان  

 
 

(الأخبار) - محمد وهبة

 
يطالب البعض بمناقشة نظام المياومين قبل أي أمر آخر (مروان طحطح)


هناك صراع معلن بين اللاعبين المتحكمين في ادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. عنوان الصراع الحالي هو رغبة البعض في تعيين 6 مدراء، فيما البعض الآخر يريد ان يناقش نظام المياومين ليتسنى تشغيل عدد من المستخدمين بالطرق الملتوية.


لم تُعقد جلسة مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في الاسبوع الماضي بسبب عدم توقيع 5 أعضاء الدعوة الاستثنائية التي وجّهت إلى المجلس للانعقاد، وفيما يبدو أن السبب يكمن في عدم قانونية الجلسة، يؤكد عدد من أعضاء مجلس الإدارة أن عدم التوقيع متصل بالخلافات الواقعة بين أجهزة الضمان الثلاثة (مجلس الادارة والادارة واللجنة الفنية) على ملفات التوظيف والتعيينات.


الخلاف على التوظيف في الضمان ليس أمراً طارئاً. فقد شهد الصندوق في السنوات الماضية سجالات واسعة بين إدارة الصندوق ولجنته الفنية بشأن مسألة التعاقد مع مستخدمين، وكان الأمر، كما بات معروفاً، خاضعاً للكثير من المحسوبيات والزبائنية، إلا أن المادة 54 من قانون موازنة 2004 فتحت باباً جديداً للسجال بشأن التوظيف في الضمان، لأنها أوقفت كل هذا التوظيف وأخضعته لأمرين؛ قرار في مجلس الوزارء، تليه مباريات في مجلس الخدمة المدنية.

في هذا الوقت، كانت الموارد البشرية في الصندوق تنزف بصورة دورية مع تقاعد عدد كبير من الموظفين، وكانت الحاجة إلى التوظيف تكبر لتعويض النزف المطّرد، لكن المشهد لا يكتمل من دون تأثير الزبائنية السياسية التي توسّعت رقعتها، فيما كانت كعكة التوظيف تضيق تزامناً مع تزايد عدد الأطراف الساعين إلى «نتش» حصّة من هذه الكعكة.

مفهوم قزي المتصل بـ«اللامركزية في التوظيف» بدأ يصبح واقعاً
الشغور الحاد في ملاك الضمان كان المبرر الأكبر لهذه المعادلة، أما تأثيراتها، فقد طاولت جلسات مجلس الإدارة، ففيما كان يفترض أن يُعقد المجلس بصورة استثنائية في الأسبوع الماضي، بعدما تبلّغ الأعضاء موعد هذه الجلسة قبل يوم واحد فقط، تبيّن أن الجلسة لن تُعقد بسبب عدم توقيع 5 أعضاء على الدعوة. فالقانون يفرض توقيع 5 أعضاء على الجلسة، وهو أمر يحصل في مطلع كل جلسة يدعو إليها مجلس الإدارة لا بل تحوّل إلى «عُرف» يمارسه المجلس منذ سنوات عديدة. أما سبب عدم التوقيع، كما تبلّغه رئيس الجلسة، نائب رئيس مجلس الإدارة غازي يحيى من الأعضاء الخمسة، الذين يفترض بهم التوقيع، فهو أنهم يريدون مناقشة نظام المياومين قبل أي أمر آخر. وفي المقابل، فإن المدير العام للصندوق محمد كركي وغازي يحيى كانا مصرّين على أن يناقش موضوع تعيين 6 مدراء بسبب الشغور في مراكزهم لوقت طويل، إذ ليس هناك سوى 4 مدراء في مراكزهم، من أصل 12 مديرية في ملاك الضمان.


طبعاً، لكل طرف رغباته في هذا الموضوع، فالأعضاء الذين امتنعوا عن توقيع دعوة الجلسة، ليسوا هم وحدهم في هذا الموقف، الذي يساندهم فيه رئيس اللجنة الفنية سمير عون، وهم مصرّون على إقرار نظام للمياومين يتيح التوظيف في الضمان من خلال التعاقد، ظنّاً منهم أن سلطة الوصاية ستغطّيهم في هذا المجال لتعبئة الشغور في بعض مكاتب الضمان ضمن مفهوم اللامركزية في التوظيف، الذي روّج له وزير الوصاية سجعان قزّي في أكثر من مناسبة.


أما الطرف المقابل، أي يحيى وكركي، فهما يعتقدان أن الإصرار على تعيين الشغور في مراكز المدراء، يحتلّ أولوية في الضمان، وإن كان يفتقر إلى الإجماع السياسي، إلا أنه يعالج مشكلة الشغور التي أصبح عمرها أكثر من سنة.
هذه المشكلة تضاف إلى مشاكل توظيف من نوع آخر، فما يحصل حالياً سواء بالنسبة إلى مفهوم اللامركزية في التوظيف، أو لجهة نظام المياومين، ليس سوى خط متصل بما حصل في بعض مباريات التوظيف الأخيرة، التي كانت «نظيفة» نسبياً، إلا أنها أفضت إلى الإخلال بالتوازن الطائفي بين الموظفين، وخصوصاً في الفئات الدنيا، وبالتالي لم يبق أمام السياسيين سوى التحكّم في الفئات العليا، أي مدراء المديريات ورؤساء المصالح وغيرها من المراكز العليا في الصندوق.
وفي هذا الإطار، جاءت قصّة مباريات رؤساء المصالح، ولم يفتح الباب إلا أمام 16 رئيس مصلحة، رغم أن حاجة الضمان تصل إلى 34 رئيس مصلحة، لكن بعض المتنفذين في الضمان تدخلوا ساعين إلى خرق أحد شروط المباريات المحصورة بموظفي الضمان، وهو الشرط الذي يتعلق بضرورة حصول الموظفين على إفادة عمل من إدارة الضمان تتيح لهم الاشتراك في المباريات. واللافت أن هؤلاء المتنفذين أنفسهم سعوا إلى الاستحصال على إفادات لبعض الموظفين المحسوبين عليهم الذين يعملون في الضمان بعقود خارجية وليسوا موظفين ضمن ملاك الضمان، أي إنهم موظفون لدى شركة تنجز أعمال المعلوماتية في الضمان، أو هم يعملون ضمن عقود تشغيل شبيهة إلى حد ما بأعمال «غبّ الطلب».
سعي هؤلاء إلى الحصول على حصة من التوظيفات في الضمان هو مجرّد خدمة للسياسيين الذين «يبيعون» الوظائف أو يقدّمونها رشوة للباحثين عن عمل مقابل ولائهم المطلق.


واللافت أن مفهوم قزي المتصل بـ«اللامركزية في التوظيف» بدأ يصبح واقعاً في الضمان، إذ إن مجلس إدارة الضمان وافق في جلسة سابقة على توسيع الملاك لاستيعاب باقي الناجحين في آخر مباراة أجريت لإدخال موظفين من الفئة السادسة. العدد الذي نجح هو 303 استوعب الضمان منهم 200، ثم توقف عن الأمر بحجة عدم قدرة الملاك على استيعابهم، لكن اليوم أوجدت إدارة الضمان ومجلس إدارتها ولجنتها الفنية وسلطة الوصاية مخرجاً لاستيعاب الـ103 الباقين من خلال توظيفهم في أماكن بعيدة عن أماكن إقامتهم بعد تضمين عقود التشغيل هذا البند. الأمر يثير سؤالاً بما أنه لا مادة في الضمان تمنع تعيين الموظفين في مكاتب ومراكز بعيدة عن مكان إقامتهم: لماذا انتظر الناجحون هذا الحل أكثر من سنة؟