الأخبار

 كلمة السيد غسان غصن في الصين  

 
 

الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب
      الأمانة العامة

كلمة السيد  / غسان غصن
الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب
في اللقاء النقابي بين الأمانة العامة وقيادة الاتحاد العام لنقابات عمال عموم الصين
الصين، في 12/2/2017


أيتها الرفيقات ... أيها الرفاق،
يسرني بداية أن أنقل لكم تحيات الأمانة العامة للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وتمنياتها لكم ولاتحادكم بدوام التقدم والنجاح وأن أتقدم بجزيل الشكر للأصدقاء الأعزاء في الاتحاد العام لنقابات عمال عموم الصين على استضافتهم الكريمة لوفد اتحادنا بعد أن أنجزنا منذ أشهر انتخابات نقابية ديمقراطية وشفافة أفرزت قيادة جديدة تتطلع إلى تعزيز التعاون مع اتحادكم المناضل بعلاقات ثنائية بين اتحادينا صادقة ومنتجة وبتنسيق كامل في المحافل الدولية لخدمة عمالنا وشعوبنا. سوف نكون أوفياء بالتعاون معكم ونرى أننا بحاجة إلى تفهمكم وتضامنكم وتواصلكم معنا لا سيما وإننا كحركة نقابية تقدمية نتفق في قراءتنا لتطور الأحداث وأسبابها وتداعياتها على العمال فنحن نشاطركم ذات الهموم نتيجة صراع النفوذ في العالم، صراع على المصالح، صراع قوى عظمى على حساب حرية وكرامة الشعوب.

أيتها الرفيقات .... أيها الرفاق،
سأعرض أمامكم ما يجري في منطقتنا العربية .. تلك المنطقة التي ازدادت التهاباً واشتعالاً جراء تفشي الإرهاب الدولي كمدخل وذريعة لتدخل استعمار سياسي واقتصادي جديد بغية السيطرة على منابع النفط والغاز وثرواتنا الطبيعية وكذلك رسم خارطة كيانات جديدة للمنطقة تتناحر وتتقاتل فيما بينها، من أجل توفير الأجواء لتنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين وإرباك سورية قلعة الممانعة والتصدي لهذا المشروع وكذلك السعي للقضاء على المقاومة الوطنية المشروعة في مواجهة الاحتلال. وفي هذا المجال لا بد لنا من التقدير العالي لموقف بلدكم العظيم في الأمم المتحدة والذي يعمل على تكون هذه المنظمة راعية للشعوب في الدفاع عن حريتها واستقلالها وفي استعماله الحازم لحق الفيتو في مجلس الامن بوجه القرارات الجائرة التي تمس سيادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها. خاصةً عندما يختبئ وراء تلك القرارات تحقيق مصالح وأهداف لدول بعينها على حساب حرية الشعوب وكرامتها.

النقابيون الأعزاء،
إن هذه الأوضاع أدت إلى ظروف اقتصادية بالغة السوء لدى العديد من بلداننا العربية، خصوصاً تدني مستوى التنمية، الأمر الذي رفع معدلات البطالة لا سيما بين الشباب والشابات المقبلين إلى سوق العمل، فضلاً عن التفاوت في الناتج العام بين بلد وآخر وأثره وانعكاساته وتداعيات الأزمات الاقتصادية الدولية على المنطقة والإقليم. أضف إلى غياب الشفافية والديمقراطية وتفشي ظاهرة الفساد وتخلف نظم التعليم وعدم وتلاؤم مخرجاته مع سوق العمل ... ومن توغل أصحاب رأس المال في الاستثمار بالاقتصاد الريعي على حساب الاقتصاد الحقيقي والتوظيف في القطاعات الإنتاجية، مما فاقم نسب البطالة ورفع منسوب العوز الفقر وزاد في معدلات الجرائم الاجتماعية ودفع باتجاه الحقد والتطرف والكراهية.

أيتها الرفيقات ..... أيها الرفاق،
من اجل حماية حقوق عمالنا واحترام تشريعات العمل نرى من الضرورة أن يتجذّر ويتعزّز التضامن النقابي العمالي على كافة المستويات الوطنية والإقليمية والدولية... وأن نسعى لتعزيز الوحدة النقابية ووحدة الطبقة العاملة لأن استحقاقات المرحلة لا يمكن مواجهتها إلا بحركة نقابية موحّدة لا بالشرذمة والتشتيت وتفريخ كيانات نقابية هشة تبعثر الوحدة النقابية ودورها وفعاليتها وأن نعمل من أجل تطوير بنية الحركة النقابية وترسيخ تضامنها وتحصين استقلاليتها وتعزيز ديمقراطيتها وتعميق ارتباطها بمصالح العمال. إننا نؤمن بأنّ بناء نقابات موحدة قوية ومتماسكة ديمقراطية ومستقلة هو الركيزة الأساس في بناء حركة نقابية فاعلة ما يمكننا من مواجهة كل التحديات ومواصلة النضال من اجل الدفاع عن حقوق عمالنا ومكتسباتهم المشروعة. وفي هذا المقام لا بد من أن نقدر عالياً احتضانكم ورعايتكم للملتقى النقابي الدولي حول «العولمة الاقتصادية والنقابات» والذي كان لاتحادنا مع الاتحاد النقابي العالمي ومنظمة الوحدة النقابية الإفريقية واتحاد نقابات رابطة الدول المستقلة شرف تأسيسه والمشاركة في كافة دوراته.

أيها الرفاق الأعزاء،
إن فقدان الأمن والاستقرار وتفشي الارهاب والنزاعات المسلحة والاستثمار فيه لتحقيق مصالح وأطماع بعض الدول النيوليبرالية، وفرض العقوبات الاقتصادية على الدول الممانعة للاحتلال والرافضة للهيمنة والاستعمار تصيب مباشرةً العمال ومحدودي الدخل والفقراء ولذلك فإننا نرى أن غياب التضامن الدولي الفعلي لمكافحة الارهاب وفض النزاعات العسكرية ومعالجة التخبط الاقتصادي والاجتماعي وإحقاق العدالة الاجتماعية، ممّا أدّى إلى مزيد من التوترات وفاقم الأزمات المعيشية التي تعاني منها الدول. فبدلاً من اعتماد سياسات تحقق الأمن الغذائي وتحارب الفقر وتهتم برأس المال البشري من خلال الاستثمار في ميادين التعليم والتدريب وتعزيز مهارات العمال والعناية بالصحة يجري الإنفاق بمليارات الدولارات على التسلح ودعم بؤر التوتر وتمويل الإرهاب.


ولعل الأرقام تكشف حجم تلك التحديات الخطيرة التي سأضيء عليها من خلال أحدث المؤشرات الصادرة عن البنك الدولي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية والمركز التجاري العالمي التابع لمنظمة التجارة العالمية ومنظمتي العمل العربية والدولية وغيرها، حيث تكشف تلك التقارير عن الكلفة الباهظة التي تكبدها العالم العربي نتيجةً لأحداث ما سمّي الربيع العربي وثماره الفوضى والتطرّف والإرهاب وأثره على الناتج المحلي الإجمالي وفي القطاع السياحي والعمالة وأسواق الأوراق المالية والاستثمار الأجنبي المباشر واللاجئين وإعادة بناء البنية التحتية المدمرة، حيث تشير جميعها إلى أن التكلفة التي تكبدها العالم العربي بفعل الربيع العربي والإرهاب بين العام 2010 حتى الآن وصلت إلى نحو 833.7 مليار دولار أمريكي، بالإضافة إلى 1.34 مليون قتيل وجريح بسبب الحروب والعمليات الإرهابية، وبلغ حجم الضرر في البنية التحتية ما يعادل 461 مليار دولار أمريكي، عدا ما لحق من أضرار وتدمير للحضارة والمواقع الأثرية التي لا تقدر بثمن، وبلغت الخسارة التراكمية الناجمة عن الناتج المحلي الإجمالي الذي كان بالإمكان تحقيقه 289 مليار دولار أمريكي، كما بلغت خسائر أسواق الأسهم والاستثمارات أكثر من 35 مليار دولار حيث خسرت الأسواق المالية 18.3 مليار دولار أمريكي وتقلص الاستثمار الأجنبي المباشر بمعدل 16.7 مليار دولار أمريكي، وبينت التقارير أن عدم استقرار المنطقة والعمليات الإرهابية تسببت في تراجع تدفق السياح بحدود 4. 103 مليون سائح عما كان متوقعاً بين 2010 و 2016، كما تسبب الإرهاب بتشريد أكثر من  14.389 مليون لاجئ، أما تكلفة اللاجئين والنازحين فبلغت 48.7 مليار دولار... وطبعاً كان عمالنا العرب من أكثر الفئات التي دفعت ثمن هذا التدهور الاقتصادي وتدمير البنية التحتية والمصانع والشركات.

رغم كل الظروف التي تعيشها بلداننا العربية ومحاولات فرض الهيمنة عليها من خلال عقوبات جائرة فإننا نتابع قضايا النمو الاقتصادي وتحسين مداخيل العمال والدفاع عن العمل اللائق وحقوق المرأة والحماية الاجتماعية وتنظيم العمل والإقلال من انتشار القطاع غير المنظم الذي لا حقوق للعمال فيه خصوصاً العمال المهاجرين.

إننا نتطلع إلى تعزيز وتطوير التعاون الثنائي بين اتحادينا وهذا يتطلب دعمكم لبرامج عملنا في تأهيل الكوادر النقابية والعمال وتثقيفهم ورفع مستوى وعيهم النقابي ولاتحادكم دور كبير في هذا المجال.

أجدد شكري وزملائي في الوفد لكم وتقديري للروح النقابية الكفاحية العالية فيكم وتقديرنا العالي من خلالكم إلى كل نقابيي وعمال عموم الصين. وللصين حكومة وشعباً كل التمنيات لكم بمزيد من التقدم والازدهار لاستمرار الصين في لعب دورها الريادي في المجتمع الدولي من أجل حماية قطاعات الإنتاج ودعم الطبقة العاملة وهي الرسالة التي نأملها منكم والتي سنحملها معنا إلى عمالنا ونقابيينا.


شكرا لاستقبالك وضيافتكم الكريمة.


أمين عام الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب

       غســان غصــن