مواقف صادرة عن الأتحاد

 افتتاح ورشة عمل الضمان الاجتماعي بالتعاون مع م.ع.د.  

 
12/5/2017

بيروت، في 5/12/2017

بيان صادر عن الاتحاد العمالي العام في لبنان

 افتتحت صباح اليوم ورشة العمل التي ينظمها الاتحاد العمالي العام في مقره بالتعاون مع منظمة العمل الدولية – المكتب الاقليمي للدول العربية في بيروت حول تعزيز مقترح قانون التقاعد والحماية الاجتماعية والتوصية رقم 202 حول أرضيات الحماية الاجتماعية في لبنان.
 وألقى رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر قال فيها:
- «الدكتور عاطف مجدلاني – رئيس لجنة الصحة النيابية،
- السيد مصطفى سعيد – مستشار الأنشطة العمالية في منظمة العمل الدولية – المكتب الإقليمي للبلدان العربية – بيروت،
- السيدة أروسولا كولكي – مسؤولة ملف الحماية الاجتماعية في منظمة العمل الدولية وفريق العمل،
- أيها الزملاء النقابيون،
منذ أن تأسس الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في مطلع ستينات القرن الماضي، بل ومنذ صدور قانون العمل اللبناني عام 1946 ومطلب الحركة النقابية لإقرار قانون للتقاعد والحماية الاجتماعية كان ولا يزال على جدول أعمالها بصورةٍ أو بأخرى.
فقانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ينص على أنّ تعويض نهاية الخدمة القائم، وأنا أضيف «البائس» هو تدبير مؤقت بانتظار إقرار قانون للتقاعد والحماية الاجتماعية.
وإذ نؤكد بعد مرور كل تلك الحقبة الزمنية الطويلة أنّ الدولة لم تقصّر فقط، بل تواطأت على الدوام مع مصالح أصحاب العمل وكان وراء هذا التواطؤ التهرب من دفع المتوجبات المستحقة عليهما للصندوق وهي مبالغ بآلاف المليارات اللبنانية فضلاً عن استخدام مدخرات العمال في فرع تعويض نهاية الخدمة في معالجة عجز الفروع الأخرى في الصندوق وعجز الخزينة.

وإذا كانت ظروف الأحداث والمحن التي مرّ بها لبنان منذ العام 1975 قد تركت أثرها البالغ في تغيير أولويات الحركة النقابية ومطالبها، فإنّ ذلك لا يعفينا كاتحاد عمالي عام وكحركة نقابية عمالية من التقصير في وضع هذا المطلب الحيوي والاستراتيجي في حياة ومستقبل العمال والضغط من أجل إقراره بكل الوسائل الديموقراطية.
السيدات والسادة،
أمّا وأنّ البلاد قد استعادت العمل بمؤسساتها الدستورية والشرعية، وأنّ الاتحاد العمالي العام قد استعاد أيضاً بعضاً من عافيته فقد انخرطنا كاتحاد عمالي عام في ورشة العمل النيابية التي تناقش المشروع المقدّم من اللجان المشتركة منذ بضعة أشهر وفي موازاة هذا العمل الجدي، واستمراراً، بل، واستكمالاً للورش العديدة التي نظمت بين الاتحاد العمالي العام ومكتب المنظمة في بيروت، أردنا تنظيم هذه الورشة المتخصصة لكي نستنير بآخر وأهمّ التجارب في أنظمة التقاعد والحماية الاجتماعية التي تتابعها منظمة العمل الدولية وخصوصاً في البلدان التي تشبه بلادنا وأوضاعنا واقتصادنا. مع العلم أننا كنّا قد خطونا خطوة جزئية في مجال الرعاية الاجتماعية بعد التقاعد حيث بات العامل يستفيد من العناية الصحية مع من هم على كاهله ابتداءً من 17/2/2017 على أمل أن نستكملها بإقرار قانون التقاعد في القريب العاجل.
ونحن بهذا السياق ورغم انشغالنا كاتحاد عام بقضايا أخرى عديدة ومهمة كالصرف التعسفي وتثبيت المياومين وملاحقة تنفيذ سلسلة الرتب والرواتب في المصالح المستقلة وموضوع تصحيح الأجور في القطاع الخاص بعد أن أنجز قرار السلسلة، سوف نعمل بكل جهد وجدية ليكون العام 2018 هو عام التقاعد والحماية الاجتماعية المرتكز على الوحدة النقابية وإرادة العمال ودعم منظمة العمل الدولية وكل القوى السياسية المناصرة للعمال.
وأخيراً، فإنّ الاتحاد العمالي العام يضع نصب عينيه أيضاً أنّ أكثر من نصف العمال هم «مكتومون» أي غير مسجلين في الضمان الاجتماعي، فضلاً عن أنّ نصف العاملين في لبنان هم في القطاع غير النظامي. وهذا يعني كل هذه الفئات لا تستفيد من القانون الجديد عند إقراره.

لذلك، فإنّ الاتحاد العمالي العام يؤكد أنّ من واجباته النقابية أولاً، والوطنية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية ثانياً، العمل على تعميم الحماية الاجتماعية على جميع اللبنانيين لأنّ ذلك هو المدخل الوحيد للاستقرار الاجتماعي ولتنمية وحفظ كرامة المواطن والوطن وتقدّم المجتمع وازدهاره. وشكراً».

 ثمّ تحدث النائب عاطف مجدلاني رئيس لجنة الصحة النيابية وأبرز ما جاء في حديثه: «انطلاقاً من أننا في المجلس النيابي حريصون على مطالب العمال المحقة وبتوجيه من رئيس المجلس الأستاذ نبيه بري نسعى الى إنجاز العمل بمشروع التقاعد بأقصى سرعة. وأضاف أنّ النظام الصحي يقسم اللبنانيين المضمونين الى أربع فئات: موظفي الدولية ويشكلون 22%، المضمونين في صندوق الضمان الاجتماعي 30%، الميسورين الذين تضمنهم شركات التأمين، 10% والباقي مكشوف من أي ضمانات سوى وزارة الصحة والمشكلات وإهانة الكرامة التي تتعرض لها هذه الفئات أمام أبواب المستشفيات.
 وتطرق مجدلاني الى أهمية إنجاز البطاقة الصحية للجميع كي يستفيدوا من الخدمات الصحية الكاملة. ثم تطرق الى مشروع قانون التقاعد الذي يناقش في اللجنة المختصة في المجلس مؤكداً أنه لا يجوز أن يبقى بلد في العالم يعمل بنظام نهاية الخدمة ويترك الأجير لمصيره بعد سن التقاعد.
 وأضاف وصل المشروع الى المجلس النيابي عام 2004 وتوصلت اللجنة المشتركة الى صيغة توافقية عام 2008 ولكن في الهيئة العامة لاقت هذه الصيغة اعتراضات مختلفة من جميع الأطراف مما دعا رئيس المجلس لسحب المشروع وإعادته الى اللجنة الفرعية لانجازه ورفعه الى اللجان المشتركة والهيئة العامة وقد حالت الظروف السياسية التي مرت بها البلاد دون الاسراع في انجاز العمل وأكمل مجدلاني بالقول: اليوم نقوم باجتماعات مكثفة في اللجنة الفرعية بحضور ومشاركة الاتحاد العمالي العام وباقي الأطراف المعنية ونحن بصدد دراستين اكتواريتين سينفذها أصحاب العمل وصندوق الضمان لأن المشروع سيغطي أكثر من خمسين عاماً للمستقبل.
 ونحن نناقش الموضوع أمامنا عدد من المشاريع قدمتها الكتل النيابية نستعين بها.

 وأضاف، استجبنا في اللجنة لمطلب الاتحاد العمالي العام أن يحدّد الحد الأدنى للتقاعد ب 80% من قيمة الحد الأدنى للأجور بدلاً من تركه لمرسوم يصدره مجلس الوزراء كما جرى تخفيض سن المستفيد من 55 الى 45 عاماً وبقيت هناك نقطة أساسية في النقاش حول مرجعية إدارة هذا المشروع ولم تنته بعد وربما ننتهي من عمل اللجنة في نهاية شهر كانون الثاني 2018».

 وتلاه ممثل منظمة العمل الدولية – مستشار الأنشطة العمالية الأستاذ مصطفى سعيد بكلمة بإسم المنظمة ومما جاء فيها:
«حضرة الدكتور بشارة الأسمر رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان؛
حضرة سعادة النائب عاطف مجدلاني رئيس لجنة الصحة النيابية؛
حضرة الدكتور محمد كركي مدير عام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في لبنان؛
حضرة ممثلي الاتحادات والنقابات؛
الصحافيون الكرام؛
السيدات والسادة، الزميلات والزملاء؛
يسعدني بداية أنأرحب بكم جميعاً وأن أشكر قيادة الاتحاد العمالي العام لمبادرتها بإطلاق هذه الورشة النقابية حول مشروع قانون التقاعد والحماية الاجتماعية وسبل تعزيز أرضيات الحماية الاجتماعية في لبنان.
السيدات والسادة،
لقد شكلت الحماية الاجتماعية القوة الدافعة وراء إنشاء منظمة العمل الدولية في عام 1919. فدعت ديباجة دستورها إلى تحسين ظروف العمل التي تنطوي على "الظلم والمشقة والحرمان مثل" تنظيم ساعات العمل، بما في ذلك وضع حد أقصى في اليوم والاسبوع" و"دفع أجور ملائمة"، و" حماية للعامل ضد المرض، والامراض المهنية والاصابات الناجمة عن عمله"، و"شروط للشيخوخة وإصابات العمل"، و"حماية مصلحة العمال عندما يعملون في بلدان غير بلدانهم".

وقد سعى إعلان فيلادلفيا في العام 1944 الى توسيع: تمديد تدابير الضمان الاجتماعي لتوفير الدخل الاساسي لجميع الذين يحتاجون الى الحماية والرعاية الطبية الشاملة، وأكد أن توفير ورعاية الطفولة وحماية الامومة هي من بين الأهداف التي ينبغي تحقيقها.
لقد عمل الإعلان ايضاً على توسيع ولاية منظمة العمل الدولية لتغطي وضع السياسات الاجتماعية والاقتصادية وإلى جعل القضاء على الفقر هدفاً شاملاً.
وها نحن في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين،ولا يزال العالم يواجه استمرار حالة تعمق الأزمات الاجتماعية التي تجعل ولاية منظمة العمل الدولية بشأن الحماية الاجتماعية أكثر أهمية وإلحاحاً من أي وقت مضى. من هنا كان إقرار منظمة لبرنامج العمل اللائق حيثتشكل الحماية الاجتماعية أحد اعمدته الاربعة وهي الاستخدام اللائق للجميع، والأجر العادل،والحماية الاجتماعية، وحق التنظيم والمفاوضة الجماعية. شروط إذا ما تحققت جميعاً في إطار من المساواة واحترام معايير العمل الدولية ستسهم في عملية النهوض الاقتصادي والاستقرار وتحقق العدالة الاجتماعية. فالعمل اللائق يجسّد تطلّعات الأفراد في حياتهم المهنية وآمالهم المعلّقة على الفرص والمداخيل، والحقوق، والاستقرار العائلي، والتطور الشخصي، والعدالة والمساواة بين الجنسين بالإضافة الى الاعتراف بدور العمال ومنظماتهم وبحقهم في التعبير عن مصالحهم والتفاوض بشأنها.
وتنطلق المنظمة في مقاربتها لموضوع الحماية الاجتماعية من أساس حقوقي فالضمان الاجتماعي هو حق من حقوق الإنسان، وهو ضرورة اقتصادية واجتماعية لتحقيق التنمية والتقدم،إلى جانب تعزيز الاستخدام التام واللائق.
كما انها تعتبر أن الحماية الاجتماعية من أهم عناصر الاستقرار المجتمعي، كونها تؤثر في حياة المواطنين بشكل مباشر، عبر ضمان حقهم بالحياة اللائقة من خلال إعادة التوزيع العادل للثروة من جهة، ولدورها الهام في تعزيز وتطوير الاقتصاد الوطني للبلدان واستقرار سوق العمل فيها من جهة اخرى. كما وأنها أداة مهمة  للقضاء على الفقر،وانعدام المساواة، وغياب الأمن الاجتماعي، والاستبعاد والتهميش الاجتماعيين وللتخفيف من أثارها الضارة.
لذا تعتمد منظمة العمل الدوليةعند تصميم تدخلاتها المتعلقة بالحماية الاجتماعية، على ثلاثة مبادئ أساسية هي:

1- النهج القائم على الحقوق والمستند إلى معايير العمل الدولية؛
2- استخدام الحوار الاجتماعي كوسيلة لتحقيق التقدم في مجال الحماية الاجتماعية؛
3- تعميم المساواة بين الجنسين وعدم التمييز.
السيدات والسادة،
تعمل منظمة العمل الدولية على تقديم الدعم لتطوير الحماية الاجتماعية عبر إدماجها في برامج التنمية الوطنية وزيادة الوعي-على الصعيدين الوطني والدولي-بأهمية العمل اللائق في خطط التنمية. فالحماية الاجتماعية استثمار في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتشكل جزءاً لا يتجزأ من عملية التنمية المستدامة.
وتؤكد المنظمة على أهمية النظر إلى الحماية الاجتماعية من منظور الاطار الواسع للسياسات الاقتصادية والاجتماعية وليس كمقاربة تقنية ضيقة تعالج بعض النتائج السلبية للسياسات الاقتصادية.
السيدات والسادة،
إن تعاون منظمة العمل الدولية مع الاتحاد العمالي العام حول موضوع الحماية الاجتماعية ليس جديداً. فقد نظم مكتبنا خلال العامين الماضيين ورشتي عمل خصصتا لنقاش هذه القضية الحيوية لجميع اللبنانيين الحريصين على استقرار البلاد وازدهار اقتصادها ونموه.
ويكتسب لقائنا اليوم أهمية استثنائية ليس لأهمية الموضوع قيد البحث فقط، بل لترافق انعقاده مع تطورات وطنية هامة وايجابية؛ ابتداءً من توافق سياسي وطني أعاد انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وانتظام عمل المؤسسات الدستورية في البلاد، وصولاً إلى إقرار قانون تصحيح الأجر لموظفي القطاع العام والمعلمين في المدارس الرسمية والخاصة، وإعادة تشكيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى استئصال قواعد الإرهاب على حدود لبنان الشرقية وغيرها من تطورات حملت وتحمل دلالات إيجابية ستسهم إذا ما احسنا الاستفادة منها في تعزيز العمل من أجل مستقبل أفضل للبنان وجميع عاملاته وعماله ومواطنيه.
إلا أنه وعلى الرغم من هذه الإيجابيات تنعقد هذه الورشة في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية غير مستقرة في لبنان؛ حيث لا تزال فئات كبيرة من العمال والموظفين تعاني من غياب الحد الادنى من شروط العمل اللائق سواء في حقها بالتنظيم ام بالمفاوضة الجماعية او لجهة الأجر العادل او الضمان

الاجتماعي او الاستقرار في العمل، كما وتعاني الحركة النقابية اللبنانية من قصور في أدائها وتشوهات في بنيتها ويسهم في هذا الواقع الصعب غياب احترام قانون العمل وضعف تطبيقه بالإضافة إلى ضرورة تطويره ليتوائم مع معايير العمل الدولية.
إن الحركة النقابية اللبنانية مطالبة اليوم بالاستفادة من النقاش الحاصل حول موضوع التقاعد والحماية الاجتماعية للعمل على تطوير رؤية وطنية شاملة ومستقبلية حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية والمالية وفي القلب منها السياسة الوطنية للحماية الاجتماعية. حيث أن إقرار قانون للتقاعد على أهميته سيبقى محدود التأثير في ظل غياب وبقاء ما يفوق من 50% من أفراد الشعب اللبناني خارج أية حماية. وفي هذا المجال، من المهم أن نؤكد أن تجربة منظمة العمل الدولية والحركة النقابية الدولية أثبتت أن غياب سياسات وطنية حول الاستخدام والحد الأدنى للأجور والصحة والسلامة المهنية والحقوق الأساسية في العمل تضعف من قدرة مؤسسات الضمان الاجتماعي على تطوير خدماته ويؤدي إلى تزايد نسبة العمال الفقراء.  
إن منظمة العمل الدولية إذ تؤكد على أن توسيع نطاق الضمان الاجتماعي يجب أن يكون نتيجة لحوار اجتماعي وتشاور ثلاثي فعلي.حوار يسعى لإيجاد حلول بناءة ومستدامة تضمن للعمال حقوقهم وحرياتهم النقابية وتمكنهم من تحقيق تطلعاتهم بحياة كريمة ولائقة وهي على أتم الاستعداد لتقديم كافة اشكال الدعم الفني والتقني لشركائها في هذا المجال.
وفي الختام لا يسعني إلا أن أشكر حسن إصغائكم مع تمنياتي لكم بالوصول إلى نتائج مثمرة في ورشتكم هذه».
هذا وتابعت الورشة أعمالها فاستمعت إلى عرض قيّم من مدير عام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي ثم مطالعة واسعة من ممثلة منظمة العمل الدولية الخبيرة المتخصصة في موضوع الحماية الاجتماعية في المنظمة حول وجهة نظر المنظمة بالمشروع المقترح وتبع ذلك مناقشات وتوصيات سوف يعلن عنها الاتحاد العمالي العام في وقت لاحق.


    الرئيس
د. بشـارة الأسمـر