MOL Portal Extranet > عربى > إحصائيات
 

 بعد أن تجاوز القطاع السياحي قطوع التطوّرات الأمنيّة هذا الصيف  

 
 

واعتماد «باكيتج» لسياحة الوفود وإعادة النظر في المعارض السياحيّة؟

جوزف فرح - (الديار الاقتصادي)
19 أيلول 2016 الساعة 00:03

بغض النظر عن الازمة السياسة التي يعانيها البلد والتي ترخي بثقلها على مختلف القطاعات الاقتصادية وبغض النظر عن نجاح «موضة» المهرجانات المتنقلة بين مختلف المناطق اللبنانية، وبغض النظر عن الزيادة التي سجلت في عدد السياح الذين يقصدون لبنان، وبغض النظر عن فترات الاعياد واخرها عيد الاضحى التي تستجلب اعداداً متزايدة من هؤلاء السياح، لا بد من اعادة نظر شاملة في كيفية النهوض بالقطاع السياحي ليعود ويشكل اكثر من 22 في المئة من الدخل القومي وليعود يلعب هذا القطاع الدور الفاعل في تشغيل بقية القطاعات.
اولا، لا بد من تغيير الصورة القاتمة التي يظهر بها لبنان من خلال الاعلام الذي يركز على سيئات هذا البلد لا حسناته، من خلال تسليط الضوء على اي حادث امني عابر، او على نفاياته او على انقطاع الكهرباء والتقنين القاسي الذي يمارس بحراً و ساحلاً وجبلاً وحتى جواً، بينما يكون النور خافتاً على انجازات لبنانية يفترض ان تكون في دائرة الضوء كانتخاب مدينة جبيل افضل مدينة سياحية عربية للعام 2016، او احتلال لبنان المرتبة الاولى في المقصد السياحي للطعام في العالم، نسبة التشغيل الممتلئة في بيوت الضيافة من شهر ايار وحتى تشرين الاول، الابداع اللبناني المتجلي في عدد من المشاريع والاحداث السياحية، كافتتاح منتجع كامينسكي (بديل سمرلاند) والذي تجاوزت استثماراته الـ500 مليون دولار اميركي، حتى ان الوفد السياحي البيلاروسي الذي يزور لبنان هذه الايام والذي يضم 10 مكاتب سياحية اضافة الى ممثل لمحطة تلفزيونية شهيرة في بيلاروسيا ضمن اطار التسويق السياحي بين البلدين، ذكرت احدى المسؤولات فيه انه عندما قرر الوفد زيارة لبنان تعرض لسلسلة من الاسئلة حول الاسباب التي تدعوه لزيارة هذا البلد المضطرب امنياً وسياسياً وكثيرون طلبوا من اعضاء الوفد الغاء هذه الزيارة، ولكن بعد مرور خمسة ايام على وجود الوفد في لبنان اعترفت ان الذين طالبوا بالغاء الزيارة كانوا على خطأ لان اعضاء الوفد وجدوا بلداً سياحياً بامتياز من حيث المناخ وجمال الطبيعة وضيافة شعبه المميزة، مؤكدة ان لبنان سيكون على خارطة السياحة البيلاروسية.
واذا كانت هذه الخلاصة التي خرج بها هذا الوفد البيلاروسي فيجب التركيز على هذه الاسواق الممتدة من روسيا الى اوكرانيا الى غيرها من الدول المتواجدة في اوروبا الشرقية خصوصا ان دخل السياحة في تركيا يرتكز بشكل اساسي على هذه السياحة الاتية من هذه المنطقة.
ثانيا، لا بد من اعتماد سياسة ترتكز على العددية لا النوعية، من خلال اعتماد خطة بالتعاون مع شركة طيران الشرق الاوسط الخطوط الجوية اللبنانية من اجل تخفيض اسعار تذاكر السفر، وعبثاً حاول اتحاد النقابات السياحية خفض سعر التذكرة او دعمها للسياح الاردنيين الذين كانوا يشكلون قبل احداث سوريا اكثر من 600 الف سائح اردني كان اغلبهم يستخدمون الطرق البرية لكن لم يستجب لطلبهم الذي لم يصل الى مجلس الوزراء لاقراره رغم الدعم  من وزارة السياحة.
او باعتماد سلة سياحية متكاملة «باكيتج» تعتمد الاسعار المخفضة من اجل جذب السائح الاوروبي الذي يعتمد على مثل هذه السلات في سياحته، وقد حاول وزير السياحة ميشال فرعون ابان وصوله الى وزارة السياحة ان يقوم بهذه التجربة التي بقيت يتيمة لانه لم يتم التعاون معه كما يجب، ان مع شركات الطيران او حتى الفنادق.
ومن اجل ذلك طالب امين عام اتحاد النقابات السياحية جان بيروتي بمؤتمر يجمع القطاعات السياحية يدعو اليه وزير السياحة لوضع خطة انقاذية للقطاع السياحي، خصوصا ان موسم الصيف في فصل الصيف كان ناجحا من خلال تعميم ثقافة المهرجانات التي تعتبر المجال الارحب لطاقات وفرص في مختلف المناطق اللبنانية او من خلال نجاح السياحة الريفية، او حتى من خلال السياحة التقليدية التي سجلت نجاحاً وازدياداً في عدد السياح لكن مع استمرار المقاطعة الخليجية لاسباب باتت معروفة.
لا بد من التذكر ان سياحة الوفود ما زال لبنان يفتقر اليها وهي تؤثر بشكل ايجابي على فنادق فئتي الـ3 و4 نجوم وتحيي بعض المناطق السياحية البعيدة عن بيروت، وهذه السياحة تأتي ضمن اعتماد سياسة تسويقية وسياسة «الباكيتج» التي يجب ان تقوم بها مكاتب السفر والسياحة في لبنان وهي مؤهلة لذلك بعد ان تم اختبار نجاحها في التسويق للسياحة التركية واليونانية والقبرصية.
ثالثا: اعادة النظر في طريقة مشاركة وزارة السياحة والقطاع السياحي اللبناني في معارض السياحة والسفر العالمية خصوصا في باريس ولندن، والمانيا ودبي وغيرها، التي ما تزال ترتكز على الحضور اللبناني دون تقديم اي اغراءات لجذب السائح الاجنبي او تقديم اي «باكيتج» يسمح لهذا السائح او لمجموعة من السياح من المجيء الى لبنان، وبالتالي من المفروض بوزير السياحة ان يقيّم سياسة المشاركة في هذه المعارض السياحية ومدى نجاحها في استقطاب السياح الى لبنان.
رابعا: صحيح ان وزارة السياحة قدمت مشروع «انا» الاغتراابي لجذب المغترب اللبناني الى وطن الاباء والاجداد، لكنها لم تقم باي زيارة الى دول الاغتراب اللبناني لشرح اهمية هذا المشروع او للبحث مع المسؤولين في الانتشار عن كيفية التواصل مع عالم الاغتراب والانتشار، خصوصا ان عدد اللبنانيين المنتشرين كبير، بحيث يمكن للبنان الاعتماد عليهم دون حتى اللجوء الى السائح الاجنبي.
ان في «الحركة بركة» وهذه الحركة اشتهر بها وزير السياحة الحالي ميشال فرعون ولكن يجب ان يواكبه تحرك اخر للقطاع الخاص الذي ما يزال يعيش على امجاده الماضية، وهو غافل عن التطورات والتبدلات السياحية التي باتت تفرض تفاعلاً جديداً معها، ومن اجل ذلك تحرك فرعون باتجاه اطلاق «طريق الفينقيين» الذي تشارك فيه اكثر من 10 دول تقع على البحر الابيض المتوسط، وسلّط الضوء على السياحة الدينية فوضع مزار سيدة مغدوشة على الخارطة السياحية الدينية العالمية ولبنان مؤهل ليلعب هذا الدور، خصوصا انه يضم اكثر من الفي معلم سياحي ديني مؤهلة لتكون على هذه اللائحة، وتحرك نحو ايجاد اسواق سياحية اخرى كاسواق اوروبا الشرقية او باتجاه اسواق افريقيا في تونس والجزائر وغيرهما.
ونتيجة للحركة والمبادرة الفردية فقد ارتفع عدد السواح الى 813،955 سائحاً في نهاية تموز الماضي مقابل 079،880 سائحاً خلال الفترة ذاتها من العام السابق، وقد تصدر السياح العرب لائحة القادمين الى لبنان مشكلين حصة 31،29 في المئة من مجموع الوافدين لغاية شهر تموز الماضي، تلاهم الوافدون الاوروبيون 94،24 في المئة، والزائرون من القارة الاميركية 80،18 في المئة والسياح الاسيويون 59،7 في المئة، لكن الانفاق السياحي تراجع من 7 مليارات الى حوالى 5،4 مليارات دولار وذلك بسبب الاحجام الخليجي عن المجييء الى لبنان وهو الاكثر انفاقاً.
لذلك يطالب بيروتي بضرورة ان يدعو وزير السياحة الى عقد جتماع او طاولة مستديرة يخصص او تخصص لطرح هذه المشكلة وايجاد الحلول من اجل انقاذ القطاع السياحي الذي ما زال يقوم على المبادرة الفردية وبالتالي من المفروض ان يتم التعاون بين القطاعين العام والخاص لتحقيق الغاية المرجوة.
ان وزير السياحة يركز على دور المجتمع المدني في تنمية السياحة، الا ان هناك نقاطاً سوداء بسبب المناخ السياسي غير المستقر هذه الايام في ظل استمرار الشغور الرئاسي والشلل في المؤسسات، وبالتالي فاللبنانيون ينتظرون الاتفاق السياسي للمجيء والاستثمار في بلدهم الذي يتمتع بطاقات وفرص كبيرة على الصعيد السياحي.
اذاً يبقى العامل السياسي هو المؤثر ليس على القطاع السياحي فحسب، بل على مختلف القطاعات. فمتى يعي السياسيون ويلتفون لانقاذ الوطن واقتصاده ؟