مقتطفات صحفية

 سلام يحذّر من الانهيار.. وبري لن يطلق مبادرات 

 
 

«توضيح رئاسي» لنصرالله.. وتجميد حملة عون ضد قهوجي

(السفير)


هل يعجّل تفاقم الأزمة بالحل؟لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثاني والخمسين بعد الأربعمئة على التوالي.
من الرئاسة إلى الرواتب والقروض والهبات، مروراً بالنفايات والكهرباء وباقي الأزمات، كل شيء في لبنان قابل للتأجيل، ومن بيده الحل والربط، كمجلس الوزراء، يحتاج إلى من يفك عقده، أما المفتاح فقد صار رزمة مفاتيح، وكل باب يحتاج الى صياغة مستقلة، في انتظار من يفتح أبواب التسويات الكبرى في المنطقة، لكن ليس في المدى القريب.
لم يعد خافياً على أحد أن التوليفة التي ترضي العماد ميشال عون في موضوع التعيينات العسكرية، باتت موجودة على طاولة الجميع من دون استثناء، وهي تلبي أكثر من أمر: تشريع التمديد للعماد جان قهوجي، استمرارية العميد شامل روكز، إيجاد مخرج للتمديد لمدير المخابرات العميد ادمون فاضل.. والأهم سياسياً فتح أبواب المجلس النيابي وإعادة تفعيل الحكومة وتفادي اللجوء الى خيار الشارع.
غير أن مشكلة هذه الصيغة لم تعد متصلة بالأمور التقنية ولا بالكلفة المالية، بل بالقرار السياسي الذي يؤدي الى الخروج من المأزق السياسي الحالي، وهنا تبدو المسؤوليات ضائعة استنادا الى خطاب كل مكوّن من المكوّنات الأساسية.
بري: فتح المجلس أولاً
فالرئيس نبيه بري يعتبر أن توقيع مرسوم الدورة الاستثنائية وإعادة فتح أبواب مجلس النواب هو قدس الأقداس، وبالتالي، لن يغطي أية تسوية لا تضمن هذا الأمر، وهو صال وجال سياسيا مع كل من زاروه، على مدى الأسبوعين الماضيين، مؤكدا أن مفتاح الحل بفتح المجلس أولا، «والباقي عليّ ثانيا»، في رد غير مباشر على اشتراط العماد ميشال عون عليه وضع بندي التجنيس والقانون الانتخابي على جدول الأعمال، وهو لم يتردد في القول انه يرفض أن يعلمه أحد كيف يقوم بواجباته، معتبرا أن هيئة مكتب مجلس النواب هي الممر الإلزامي لجدول أعمال الجلسات العامة وليس أي اعتبار سياسي آخر.
وبرغم توضيحات العماد عون التي تمسك فيها بعدم دستورية مجلس النواب ولكن اعتباره، كما كل ما يصدر عنه، قانونياً بحكم الأمر الواقع، فإن الرئيس بري رفض هذه الصياغة الملتبسة، ودافع عن وجهة نظره التي أعلنها عبر «السفير» في الثالث من آب الحالي برفضه التصويت لمن يقول عنه إنه غير شرعي، من موقع احترام كرامة المجلس النيابي.
وردا على مطالبته بإطلاق مبادرة ما تكسر المراوحة، قال بري، حسب زواره، انه ليس مؤهلا حاليا للقيام بأية مبادرات، مؤكدا أنه يسير بأية تسوية تحظى بموافقة الجميع وتضمن إعادة تفعيل الحكومة وفتح المجلس.
سلام: الناس تعبت من التعطيل
واللافت للانتباه أن الرئيس تمام سلام يلتقي في الكثير من مفرداته السياسية مع الرئيس بري، وهو يضيف أن الناس تعبت «وستتعب أكثر ولا يجوز المضي هكذا في التعطيل وكأن البلد بألف خير».
ويضيف أمام زواره: «أنا قلت لوزير خارجية ايران محمد جواد ظريف إن إشادتكم بالحكومة ورئيسها يجب أن تصرف في خانة الإتيان برئيس وفاقي وإلا فإن الانهيار والخراب واقع حتماً في لبنان».
ويكمل: «لن أقبل بتكرار سيناريو الجلسات الحكومية نفسها، بل سأستخدم حقي الدستوري بالدعوة الى جلسة حكومية تناقش الأولويات الضرورية مثل دفع رواتب شهر ايلول المستحقة في نهاية آب الحالي، وهي قضية تحتاج الى تغطية حكومية وتشريعية، والأمر نفسه يسري على ملف النفايات، إذ إننا نقوم حاليا بتجميع النفايات في أماكن محددة لكن عندما يبدأ موسم الشتاء سترتفع الصرخة، لذلك لا بد من قرارات تتخذ في مجلس الوزراء، واذا قررنا اعتماد المحارق يجب أن نحدد دفتر الشروط ونتخذ قرارا سياسيا في مجلس الوزراء وعند ذلك تحتاج المسألة الى حوالي ثلاثين شهرا لكي تصبح معامل الحرق جاهزة».
وأشار الى أن الصيغة المقترحة بترفيع 8 ضباط الى رتبة لواء «يمكن الطعن بها لأنها تتجاوز أحقية عشرين ضابطا برتية عميد يستحقون الترقية قبل المقترحة أسماؤهم، وهذا الأمر يهدد بنيان المؤسسة العسكرية».
وقال سلام أمام زواره انه يعوّل كثيرا على حكمة الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط من أجل صياغة مخارج تؤدي للخروج من الأزمة وإعادة تفعيل عمل الحكومة وفتح أبواب مجلس النواب، وإلا فإن الأمور ستأخذ منحى مختلفا «فأنا عندما هددت بالاستقالة، لم أكن أناور، لكن ضغط الناس من جهة والصدمة السياسية الإيجابية التي أحدثها قراري من جهة ثانية، أديا الى تراجعي عن تلك الخطوة».
«حزب الله»: سنبقى ندعم عون للرئاسة
أما «حزب الله»، وبرغم حرصه على ترتيب البيت الداخلي للحلفاء، فلم يتمكن من إحداث خرق في جدار العلاقة المتأزمة بين بري وعون، الأمر الذي بات يستوجب مداخلات تتجاوز أدوار المعاونين السياسيين في الاتجاهات كافة، ولذلك، قرر ضخ مناخات إيجابية في أكثر من اتجاه، خصوصا أنه معني بأية صياغة تلبي متطلبات الرابية وعين التينة في آن معا، وفي الوقت نفسه، تنزع فتيل العلاقة المتوترة بين الرابية واليرزة.
وكان واضحا أن موقف السيد حسن نصرالله الأخير في احتفال وادي الحجير، أحدث التباساً سياسياً، عند الحلفاء والخصوم على حد سواء، ومن هنا، بدا واضحا، أمس، تعمُد «حزب الله» الاستفادة من مناسبة استقبال السيد نصرالله وفداً تربوياً من أجل تمرير جملة سياسية واحدة: «كنا وما زلنا وسنبقى ندعم ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، وعبارة الممر الإلزامي للانتخابات لا تقدم ولا تؤخر ولا تغيّر ولا تمسّ ولا تضعف من قوة هذا التبني والالتزام» على حد تعبير نصرالله.
ولا يخفي الحزب موقفه الحريص على استمرار عمل الحكومة وكل ما يضمن الاستقرار، وأن تفتح أبواب المجلس النيابي، اليوم قبل الغد، وأن يتم تمرير صيغة التمديد لشامل روكز، لكنه أبلغ المعنيين، سواء في هذا الاتجاه أو ذاك، أن كل حرف من كل كلمة قالها السيد نصرالله في احتفال «عيد الانتصار» ستترجم «واللبيب من الإشارة يفهم».
عون: تجاوز معركة رئاسة التيار
ماذا عن العماد عون؟
معظم من التقوا «الجنرال» في الساعات الأخيرة شعروا بارتياحه، خصوصا أنه تمكن من تجاوز الاستحقاق الانتخابي الداخلي في «التيار الوطني الحر» لمصلحة جبران باسيل، بعدما أبرم تفاهماً شفهياً مع خصومه، يفترض أن يخضع لاختبار جدي في المرحلة المقبلة.
ويتمحور الاختبار حول قدرة «الجنرال» على رسم مسافة بينه وبين «أبنائه» في المؤسسة الحزبية (معايير اختيار نواب رئيس «التيار»، على سبيل المثال لا الحصر)، بما يجعلها تعمل بآلياتها الذاتية وليس بقوة دفع الرابية، كما كان يحصل في السابق، وأيضا عبر اختبار قدرة باسيل على استيعاب خصومه وتوسيع دائرة اتخاذ القرارات في «التيار» ونزع «الحصرية» عن ملف العلاقات السياسية، كما كان يحصل منذ العام 2005 حتى الآن.
أما سياسيا، فإن العماد عون أعطى موافقته على آخر صيغة حملها اليه اللواء عباس ابراهيم، صباح أمس الأول، وتقضي بتعديل قانون الدفاع الوطني بما يضمن تشريع التمديد لقائد الجيش من خلال استحداث رتبة «عماد أول» وترقية كل من يحمل رتبة لواء الى رتبة عماد (بما في ذلك قادة الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة ورئيس أركان الجيش)، وترقية حوالي 12 عميدا في الجيش الى رتبة لواء، بعد إجراء تشكيلات تؤدي الى إعادة الاعتبار للمجلس العسكري وتملأ كل الشواغر في الادارة والمعاهد وقادة الألوية الأساسية الخ..
مباركة هذه الصيغة، اعتبرها العماد عون «خطوة الى الأمام»، فضلا عن طلبه من أعضاء «تكتل التغيير»، أمس الأول، وقف الحملات السياسية التي كان هو قد أطلق شرارتها ضد قائد الجيش العماد جان قهوجي، مطالبا الآخرين بملاقاته في منتصف الطريق، وخصوصا الرئيس نبيه بري، عبر تحديد المقصود من «تشريع الضرورة» وإرسال إشارة واضحة حول كيفية تعامله مع قانوني الانتخاب والتجنيس في أول جلسة نيابية عامة يدعو اليها بعد توقيع وزراء «التكتل» مرسوم فتح الدورة الاستثنائية.
وبرغم هذه النبرة الإيجابية التي ميزت خطاب «الجنرال»، إلا أنه قال لبعض سائليه إن خيار الشارع موجود واذا أقدم رئيس الحكومة على دعوة مجلس الوزراء للانعقاد وحدد جدول أعماله بطريقة غير توافقية، «فإننا لن نتردد في النزول الى الشارع مجددا.. لكن هذه المرة لن نكون وحدنا كما في المرات السابقة».