الأخبار

 نص المؤتمر الصحافي لرئيس الاتحاد العمالي العام بالإنابة  

 
 

نص المؤتمر الصحافي لرئيس الاتحاد العمالي العام بالإنابة
السيد حسن فقيه
مقر الاتحاد – بيروت، في 9 تموز 2019

- الأخوة ممثلي وسائل الإعلام،
- الزملاء النقابيون،

بينما كانت الناس تنتظر من المجلس النيابي الكريم والحكومة اللبنانية البدء بانجازات مطمئنة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحل مشكلاتهم الملحّة على كل الصعد، فإنه للأسف كأنما كتب عليهم أن يبتلوا بنظام سياسي طائفي ومذهبي تجري تغذيته كل يوم بالخطابات والتصريحات لشدّ العصب الطائفي لهذه الفئة أو تلك ليستمرّ التشنج والانقسام المفتعل بين المواطنين الذين اعتقدوا أنّ الأمن استتب وأنّ مشاريع الحروب والتوترات باتت وراءهم بعد حروب دفعوا ثمنها أغلى ما عندهم من أرواح ودماء ودمار.

 إنّ هذا النظام كما أكدنا دائماً في الاتحاد العمالي العام هو نظام مولّد للأزمات الدورية وقبل الحديث عن أي إصلاح اقتصادي أو إداري يجب أن نبدأ بالإصلاح السياسي انطلاقاً من إقرار قانون انتخابات نيابية قائم على النسبية على الصعيد الوطني إلى اعتبار أنّ المدخل إلى الوطن والمواطنة هو دولة العدالة وسيادة القانون وتحرير القضاء ووقف التحاصص الطائفي وتفعيل وتطوير واحترام أجهزة الرقابة. فيكفي اللبنانيين خوفاً على مصير مستقبل أبنائهم في الاستقرار والعمل والعيش اللائق في وطنهم.

 وقد أتت الأحداث المؤلمة الأخيرة التي لا تزال تجرّ ذيولها وسمومها في المجتمع وتزرع المخاوف لتضاف إلى بلوى أخرى هي مشروع موازنة للعام 2019 التي أقل ما يقال فيها أنها مشروع جباية أموال ونهب علني ومقونن من جيوب الأكثر فقراً وإعفاء كبار الأثرياء وأصحاب الرساميل والمصارف ومافيات المحروقات والدواء والمواد الغذائية والمغتصبين للأملاك البحرية والنهرية والبرية من أي ضريبة حقيقية. وبغياب الحل الوحيد لإعادة التوازن إلى الموازنة العامة عن طريق فرض الضريبة التصاعدية كما في كل البلدان الرأسمالية لإعادة توزيع الثروة بشكل أقل إجحافاً، ها هي الحكومة بمشروعها تلقي كل الأعباء المالية على الفقراء وتتسامح مع كبار الشركات بمئات ملايين الدولارات من رسوم وضرائب وتترك التهرب الضريبي والتهرب من المرافق ومداخل البلاد بلا حدود وهي محميات لهذه الطائفة أو تلك أو برعاية هذا الزعيم أو ذاك.
 وفيما تعلَّق ضريبة ال 2% على المستوردات بحجة حماية الصناعة الوطنية التي يتبيّن أنها ليست سوى قيمة مضافة مقنعة تفوق الخمس نقاط على القيمة المضافة الموجودة، تسرّب أفكاراً لجس النبض حول إمكانية زيادة القيمة المضافة بنسبة 5% ورسم على صفيحة البنزين بقيمة 5 آلاف ليرة لبنانية.
 ولا يكفي الناس موجة البطالة حتى تمتنع الدولة والمصارف عن دعم الصناعة والزراعة بسبب الفوائد الخيالية بينما يجني كبار المودعين الفوائد الكبرى على سندات الخزينة.
 إنّ الاتحاد العمالي العام وإزاء كل ما تقدّم يطالب المجلس النيابي الذي مرّت سنة ونيّف على انتخابه أن يفي أعضاءه بالوعود التي أطلقت في الانتخابات بالإصلاح الحقيقي وأن يتصدى لمشروع حكومة «إلى العمل» وهو عمل ضد الناس ليس إلاّ بمنع تمرير أي قرار أو قانون أو مرسوم يطال الفئات المفقرة من عمال وموظفين ومتعاقدين ومتقاعدين في القطاعين العام والخاص وأنّ على معالي وزير العمل أن يدعو لجنة المؤشر فوراً إلى الاجتماع والبحث الجدّي في تصحيح الأجور في القطاع الخاص ورفع الحد الأدنى إلى المستوى المعيشي اللائق وأن ينصَف الناجحون في مجلس مباريات مجلس الخدمة المدنية والعاملين في المستشفيات الحكومية وسواهم من الفئات المستغلة والمظلومة التي بعضها لم يتقاضَ أجراً منذ أكثر من أربعة عشر شهراً من قبل كل الوزراء المعنيين في الحكومة.

 كذلك وبعد أن توسّم اللبنانييون خيراً بإقرار خطة الكهرباء الجديدة وبدلاً من تخفيض ساعات التقنين ها هي وزيرة الطاقة تصرّح علناً أنّ التقنين سيزداد هذا الصيف. علماً أنه يطال المناطق الريفية الفقيرة بأعلى المعدلات فيما الأغنياء ينعمون بأفضل أنواع المولدات صيفاً وشتاءً ويدفع الثمن العمال والمزارعون وذوي الدخل المحدود وحدهم ثمن هذه المهزلة المستمرة منذ حوالي أكثر من عشرين عاماً!!

 أخيراً، إنّ العمال والاتحاد العمالي العام ليسوا مسؤولين عن ما آلت إليه الأوضاع وأنّ الطبقة السياسية الحاكمة منذ أكثر من ثلاثين عاماً هي التي أودت بالبلاد إلى هذا الوضع السياسي والمالي والاقتصادي وهذه الطبقة تشكّل شركة فعلية بين أصحاب المال والسلطة التي تتواطىء مع البنك الدولي وصندوق النقد على تصفية كل ما له من قطاعاتٍ عامة من كهرباء ومياه واتصالات ونظافة وصحة لصالح القطاع الخاص بأبخس الأسعار بعد العمل الدؤوب لإفشال هذه القطاعات عن قصد وعمد كما يجري خصوصاً في قطاعي الكهرباء والمياه وسواها من الخدمات الأساسية.

 ولذلك، نؤكد أنّ الانفجار الاجتماعي والانهيار الحالي إذا ما حصل وهو قادم رغم كل التطمينات لن يسلم منه أحداً وسيغرق المركب بمن، وبما فيه بكل معنى الكلمة.

 إنّ ما يجمع اللبنانيين هي مصالحهم وقضاياهم ومصير وطنهم ومستقبل أطفالهم وذلك لن يتمّ سوى بوحدتهم الوطنية الحقيقية بعيداً عن كل أشكال التزمت والعصبية بل بتعزيز وحدتهم الوطنية وانطلاقاً من ذلك لن يكتفي الاتحاد العمالي العام بهذا التنبيه وسيقوم مع جميع المتضررين من هذه الأزمة المستفحلة والداهمة بتنظيم أوسع التحركات في المدن والمناطق لوضع حدّ لهذه السياسات الجائرة.


رئيس الاتحاد بالإنابة
حسن فقيه