الأخبار

 مؤتمرات «باريس» والاستدانة المفتوحة !  

 
 


بيروت، في 16/3/2018

بيان صادر عن الاتحاد العمالي العام في لبنان

مؤتمرات «باريس» والاستدانة المفتوحة !

 تطمح الحكومة اللبنانية، ومعها القطاع الخاص للحصول على «مساعدات» بما يوازي ستة عشر مليار دولار أميركي من خلال المؤتمرات التي تنظمها بالشراكة مع الدول المدينة وذلك بناءً على مشاريع جرى تجميعها بشكل عشوائي جرى تحضيرها من حقبات زمنية متعددة ومختلفة ومن دون مناقشتها مع المعنيين بدفع تكاليفها لاحقاً أي من فئات الشعب اللبناني المختلفة وفي مقدمها الاتحاد العمالي العام الذي يعتبر الأكثر تمثيلاً لمختلف فئات الأجراء في المجتمع والذين يربو عددهم عن المليون وثلاثماية عامل وموظف وأجير ويمثلون بالتالي حوالي ثلاثة أرباع الشعب اللبناني.
 يجري ذلك كلّه والدين العام وصل حتى اللحظة إلى ما يقارب الثمانين مليار دولار أميركي منها حوالي 60% بالليرة اللبنانية و40% بالدولار الأميركي وموزعة بين المصارف اللبنانية وصناديق ودول أجنبية. والسؤال المطروح هو: «ماذا أنتجت سياسة الاستدانة من خلال المؤتمرات السابقة؟».
 الجواب واضح حيث باتت خدمة الدين العام وحدها تشكل أكثر من 35% من الموازنة العامة، عدا عن الهدر وسوء الإدارة وتوزيع المشاريع بالتحاصص السياسي والزبائني وهامش لا يزيد عن 5% فقط تحت بند الاستثمار في مشاريع بنى تحتية ومستقبلية.
 وتفتقد المشاريع التي يجري تهريبها عن عيون الشعب اللبناني إلى الشفافية كما الموازنات التي توضع تحت ضغط الوقت وضغوط الهيئات الاقتصادية التي تمانع أي مس بمصالحها وأرباحها المتعاظمة وبعيداً عن حاجات المواطنين. فتأتي خالية من معالجة قضايا أساسية مثل السياسة الإسكانية وسياسة النقل والانتقال والسياسة الصحية وسياسات الأجور والسياسة التربوية والحماية الاجتماعية فضلاً عن الإصلاحات السياسية والإدارية والحد من النهب والفساد الذي ينخر إدارات الدولة في مستوياتها كافة.

  تظهر الأرقام أنّ الأصول في المصارف زادت خلال السنوات العشرين الماضية حوالي 140 ضعفاً في حين أنّ الأجور في القطاعين الخاص والعام لم تزد خلال هذه الفترة عن ضعفين أو ثلاث وهذه الأرباح التي تحصلها المصارف ناتجة عن استدانة الدولة منها بفوائد وصلت يوماً ما إلى أكثر من 40% وهو رقم خيالي لا سابق له فضلاً عن ما يسمّى بالهندسة المالية التي أعطت بعض كبار المصارف في صفقة واحدة حوالي خمسة مليارات دولار العام الماضي وحده.

 إنّ الحكومات المتعاقبة لم تولِ قطاعات الإنتاج الأساسية التي تنتج السلع وتخلق القيمة المضافة والتصدير وتؤمن فرص عمل لأكثر من خمسة وثلاثين ألف شاب وشابة سنوياً ولا يستوعب منهم الاقتصاد أكثر من خمسة آلاف ويذهب الباقي إلى الهجرة إذا تمكن وإلاّ في صفوف البطالة.

 وهكذا ذهبت الديون إلى الأنشطة الريعية والرأسمال الكسول الريعي وغير المنتج الموظف في سندات الخزينة وفي المضاربة العقارية ويستمر تدهور الوضع الاقتصادي لدى عامة الناس وفي أساسهم العمال والموظفين.

 إنّ لبنان ليس من الدول الفقيرة، بل هو حسب العديد من خبراء الاقتصاد هو على عتبة البلدان المتقدمة بقواه وطاقاته البشرية وبموقعه الجغرافي وفي قدرة اللبنانيين المنتشرين في العالم وبهذا المعنى من العيب أن يستدين لبنان ليعزّز قواه المسلحة والأمنية في مؤتمر روما وأن يلجأ الى المزيد من الاستدانة في مؤتمر باريس (4) ليزيد من سياسة لحس المبرد.

 إنّ أمام لبنان فرصة حقيقية إذا صدقت النوايا السياسية وإذا ما جرى الاستجابة لدعوة فخامة رئيس الجمهورية بالانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج.

 والفرصة الحقيقية تتمثل بفرض الزيادة التصاعدية على الأرباح الموحدة والمداخيل التي يجب أن تصل الى 35% بدلاً من 15 و 17 % التي عارضتها الشركات المالية والمصارف وكبرى شركات الاستيراد ذات الامتيازات الحصرية.
 

 إنّ الدولة تقوم على ركائز أساسية ومنها الضريبة على المقتدرين وهو نظام رأسمالي معمول به في بلدان العالم بينما يجري عكسه في لبنان حيث أنّ خزينة الدولة تتغذى على الضريبة غير المباشرة بنسبة 80% والتي تساوي بين أفقر الفقراء وأغنى الأغنياء وتسمح بالتهرب الضريبي وبسياسة الدفترين وتسييب أملاكها البحرية والبرية والنهرية خدمةً للمتنفذين وتقسيمها بين زعماء الطوائف والمذاهب.

 إنّ مجمل الشعب اللبناني الذي يرفض أصلاً وبالمبدأ إضافة أيّ ديون جديدة على كاهله من دون استشارته من خلال قواه الحية وفي مقدمها الاتحاد العمالي العام، فإنه يرفض سياسة الاستدانة والمزيد من الاستدانة من دون الإقدام على إصلاحات جوهرية في البنية الضريبية والسياسية والإدارية.


الأمين العام                    الرئيس

سعد الدين حميدي صقـر     د. بشـارة الأسمـر