الإرهاب وجذوره وعوامل نشوئه وأخطاره على الطبقة العاملة وسبل مواجهته
دمشق – 12/9/2015


 يشرفني أن أترأس المحور الأول في هذا الملتقى النقابي الدولي للتضامن مع عمال وشعب سوريا في مواجهة الإرهاب والحصار والتدخلات الامبريالية والعقوبات الاقتصادية التي تحاول النيل من منعة سوريا وسيادة دولتها وحرية شعبها التي أبت إلاّ أن تكون قلعة الصمود وساحة التصدي وميدان المواجهة للإرهاب التكفيري الظلامي الذي يستمدّ جذوره من الحركة الصهيونية الناشئة فكلاهما الإرهابيين والتكفيريين يسعيان إلى «أرض ميعاد» ليبسطوا عليها شرعة «الشعب المختار» أو «الأمة الناجية» - لا فرق - والتي لا تقوم إلاّ بعد تطهير هذه الأرض وغسلها بدماء مواطنيها الأطهار المسالمين الآمنين هكذا في فلسطين على يد الهاغانا عصابات بن غوريون ومائير وشارون وصولاً إلى نتانياهو وهنا في سوريا على يد أتباع قاعدة بن لادن الطالباني وأيمن الظواهري الإرهابي وحليفه أمير داعش أبو بكر البغدادي التكفيري.

 أمام هذه التحديات وما تحمله من أخطار ليس فقط على أمة أو دولة أو جماعة بل على الإنسانية جمعاء. كان هذا الملتقى بغية الدعوة إلى إقامة جبهة نقابية عمالية عالمية من أجل مواجهة هذا الإرهاب والتصدّي له وتحصين المجتمع وإشاعة الفكر التنويري ضد مفاهيم القوى الظلامية التكفيرية الإلغائية التي تسعى إلى تشتيت أمتنا وتفتيت مجتمعاتنا وجعلها فرقاً متنافرة متضاربة يقتل أبناءها على السماء ويفقدون الأرض فيستفيد منه أعداء الأمة الصهاينة الغاصبين لأرضنا والمستعمرين الجدد الناهبين لثروتها والساعين لمحو وجودها وكيانها كأمة حضارية رائدة بين الأمم.


 المحور الذي يسعدني أن أترأسه متبادلاً مع السادة المتحدثين:
- الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب - السيد رجب معتوق.
- النقابي علي الضاوي من تونس.
- النقابي Augusto Coelhopraca من البرتغال.
- النقابي Charles Adate  من فرنسا.
- النقابي Charalambos Iraklidis من قبرص.

حول دور الإرهاب وجذوره وعوامل نشوئه وأخطاره على الطبقة العاملة والشعوب وسبل مواجهته منطلقاً من مقاربة تمهيدية ومبدئية لتعريف الإرهاب وماهيته باعتبار العمل الإرهابي عملاً غير شرعي وعنيف يستهدف المواطنين المدنيين والمؤسسات العامة والخاصة ويترك خلفه ضحايا بريئة ويوقع الخراب والدمار وثير الرعب والخوف في المجتمع.

أمّا جذور الإرهاب التي بدأت منذ وطأ الإنسان الأرض وقتل قايين أخاه هابيل بسبب الطمع والكراهية والاستئثار والأنانية والحقد،

أما سبل مواجهة الإرهاب فتنطلق أولاً من بناء الإنسان المواطن حيث الإنسان في المجتمع يمثّل عصب التنمية والنهوض وتقدّم الأمم ولا يستقيم ذلك إلاّ على أسس العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي والقضاء على الفساد.

كما أنّ بناء الدولة المدنية والتي إن اختلفت معتقداتها وتفاوتت أعراقها وتعدّدت أديانها وطوائفها تقوم على احترام حرية المعتقد وصونه وحمايته بحكمها بقانون واحد يساوي بين مواطنيها في الحقوق والواجبات.

كما أنّ سبل مواجهة الإرهاب تقوم أيضاً على الوعي القومي لوجود الأمة المتميّزة السيدة - المستقلّة والحرّة التي تبقى قبلتها قضيتها المركزية تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني الغاصب لأرضها والمشتت لشعبها في رياحين الأرض الأربعة والتحرّر من قوى الاستعمار الإمبريالي المتمثّل بأذرعته العسكرية في الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيين والشرقيين وكذلك التحرّر من أذرعة الطغات الاقتصاديين في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وإقامة مؤسسات الوحدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار يتّسع لوجود كلّ القوى والأحزاب السياسية والتيارات الفكرية التي تؤمن بهذه الأهداف وتتشارك معاً من أجل تحقيقها بما يؤمّن المصلحة القومية العليا للوطن ويحقّق الرفاهية والنهضة لأبناء الأمة.

كما أنّ سبل مواجهة الإرهاب والتطرّف والتكفير وتفشي الغرائز، ما يتطلّب العمل على تعزيز ثقافة الحوار بين الأديان والمذاهب وتوعية الشباب حول ضرورة وأهمية قيام الدولة المدنية التي تحترم الأديان إلاّ أنها تفصل الدين عن الدولة.
كذلك مراجعة برامج التعليم في كافة مراحل التعليم المدرسي خصوصاً لجهة الإضاءة على التراث والقيم الحضارية التي تزخر بها أمتنا لتقتدي بها أجيالنا الجديدة.
تكريس مفاهيم وقيم الديموقراطية والتسامح وتعزيز المواطنة مفهوماً وممارسة وهذا ما تسعى إليه عن قصد القوى الظلامية – التكفيرية في العراق – مهد الحضارات وفي سوريا عظمة التاريخ والتراث خاصةً في تدمر.
فضلاً عن القضاء على كلّ أشكال التمييز وتكريس المساواة في الدستور والقوانين.
العمل على اجتثاث الفساد وذلك من خلال وضع استراتيجية تتمّ من خلالها مكافحة تفشّي هذه الظاهرة في الإدارات التنفيذية والأسلاك القضائية.
الابتعاد عن ثقافة العنف والإقصاء والتهميش وفوق كلّ ذلك تبقى قضيتنا المركزية قبلة مقاومتنا وتحرير أرضنا المغتصبة في قدس أقداسنا فلسطين.
الزملاء النقابييون،
إنّ المواجهة الفكرية والثقافية والنقابية النضالية مع التنظيمات التكفيرية – والعصابات الإرهابية تتكامل مع المواجهة الميدانية العسكرية التي يتصدّى لها مثلثنا الماسي شعب سوريا الأبي وجيشها الباسل والمقاومة اللبنانية البطولية من أجل استئصال الإرهاب من جذوره وتجفيف مصادره وتدمير نهجه الظلامي – التكفيري ودحر هذا الزحف الهمجي.
يبقى الشكر لاتحاد عمال سوريا لدعوته الكريمة هذه للمشاركة في أعمال هذا الملتقى الحضاري تاركاً للسادة المتحدثين إغناء الحوار والتضامن مع عمال سوريا وشعبها العربي الأصيل.


رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان
غســان غصــن

*******************