مواقف صادرة عن الأتحاد

  كلمة رئيس الاتحاد خلال انعقاد الدورة 106 لمؤتمر العمل الدولي  

 
6/8/2017

كلمة رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر
خلال الدورة رقم 106 لمؤتمر العمل الدولي
5-16 حزيران/يونيو 2017
جنيف

إخوتي العمال ،
في 20 نيسان من العام 1944 انعقد المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في فيلادلفيا في دورته السادسة والعشرين وقرر في 12 ايار/ مايو من العام 1944 اعتماد توصية العمالة : الانتقال من الحرب الى السلم ونحن اليوم وبعد مرور 73 عاما على هذه التوصية لا زالت بلادنا تنتقل من حرب الى حرب أخرى ولا زال الاحتلال والتهجير والارهاب والتكفير يفتك ببلادنا ، ولا زالت أرض فلسطين مغتصبة ومحتلة ، فبعد مرور 17 عاما على تحرير أرضنا اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي بفعل مقاومة الأبطال من بلادنا وتضافر قوى الجيش والشعب والمقاومين الأبطال ،  لا زالت بعض من أرضنا محتلة ويرفض العدو الاسرائيلي تحرير القسم اللبناني من بلدة الغجر وتلال كفرشوبا وشبعا ، ولا زال هذا العدو يستبيح سماءنا وأرضنا ويحاول الاعتداء على ثروتنا المائية و النفطية ، ولا زالت القوى الظلامية التكفيرية تحاول العبث بأمن وطننا ، ولولا الردع الذي قامت به مقاومتنا بالتعاون مع جيشنا الباسل لكانت بلادنا في مهب الريح ،
أيها الحضور الكريم ،
إننا كقيادة للاتحاد العمالي العام ندعو مؤتمر العمل الدولي الى تضافر الدول الأعضاء ال187 و ممثلي العمال وأصحاب العمل والحكومات من هذه الدول الى التعاون من اجل القضايا التالية  :
1-  التعاون لإقرار وتنفيذ مشاريع تنموية كبرى للتنمية الاقتصادية وخاصة في الدول التي تعاني من مديونية مرتفعة تهدف  الى تشجيع  الاستثمار وتعزيز دور التنمية الريفية المناطقية في النشاط الاقتصادي
2- وضع خطة طوارئ عاجلة لمعالجة قضية تفاقم معدلات البطالة فى ضوء أحداث  المنطقة العربية والتى كانت لها تداعياتها المباشرة على فرص العمل في لبنان  بسبب توافد مئات الآلاف من النازحين ، لاسيما أن الأزمة السورية قد انعكست سلبا على جميع القطاعات في وطننا ومنها قطاع الصحة والتعليم والخدمات مايستدعي من المنظمة الكريمة تطوير خطة التصدي التي يُنفِّذها المكتب الإقليمي للدول العربية لمنظمة العمل الدولية من أجل مواجهة أزمة النازحين السوريين في لبنان بصورة ملائمة، وتعديل الاستراتيجيةً التي تستند إلى البرامج القائمة في لبنان وإضافة عناصر تؤدي الى دعم البنى التحتية اللبنانية ومعالجة مشكلات البطالة بين اللبنانيين وتجدر الإشارة الى أن مجتمعاتنا تواجه حالياً عدداً لا يحصى من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن أزمة النازحين، ومنها:زيادة عدد العمال، ما أدى إلى اشتداد حدة المنافسة على فرص العمل، فضلاً عن الضغط نحو خفض الأجور، وخاصة في الوظائف ذات الإنتاجية والدخل المنخفضين وارتفاع الطلب في الأسواق، ما شكل ضغوطاً لرفع أسعار السلع الاستهلاكية وانخفاض فرص الحصول على الخدمات العامة وتراجع جودتها، ومنها المــرافــق والبنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم وزيادة انتشار عمل الأطفال في صفوف النازحين .
3- إصدار توصيات عاجلة لتطوير التعاون بين أطراف الانتاج الثلاثة سيما وأن أحكام النظام الأساسي لهذه المنظمة  والمادة 5 من اتفاقية المشاورات الثلاثية 1976 (رقم 152) تنص على إجراء مشاورات مع المنظمات الممثلة لأصحاب العمل والعمال بشأن ردود الحكومات على الاستبيانات المتعلقة بالبنود المدرجة في جدول أعمال المؤتمر والعمل على دفع الحكومات الى عدم إقرار أي سياسة اقتصادية الا بعد التشاور فيما بين أطراف الانتاج عبر المؤسسات والمجالس الثلاثية التمثيل على ألا يكون هذا الأمر خيارا متاحا إنما شرطا جوهريا و ملزما للحكومات فلا بد لجميع الدول الأعضاء في المنظمة من اتباع سياسات تقوم على الأهداف الاستراتيجية : العمالة والحماية الاجتماعية والحوار الاجتماعي كما ينبغي أن تترافق السياسة الاقتصادية مع سياسة اجتماعية عادلة ترعى الأمن الاجتماعي للمواطنين وخاصة للذين ليس فوقهم مظلة كاملة من الضمانات الصحية والاجتماعية وضمان الشيخوخة
4- إقرار اجراءات عملية لتسهيل إدارة الاستخدام وتشجيع السلطات المختصة ومنظمات أصحاب العمل على التعاون مع المنظمات العمالية بما يضمن تطبيق معايير العمل الدولية لتعزيز أجندة العمل اللائق وتطبيق إعلان منظمة العمل الدولية بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة الذي اعتمده مؤتمر العمل الدولي في دورته ال97 جنيف – 10/6/2008 ـ
5- إنّ العمل المنزلي لا يزال منتقص القيمة ومحجوباً، وأنّ النساء والفتيات هنّ اللواتي يضطلعن به بصورة أساسية، والكثيرات منهنّ من المهاجرات أو من أفراد مجتمعات محرومة، وهنّ معرضات على وجه الخصوص للتمييز فيما يتعلق بظروف الاستخدام والعمل ولغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان ما يستدعي الدعوة الى التفعيل والتطبيق الفوري للاتفاقية رقم ١٨٩ (اتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين) تاريخ السادس عشر من حزيران/ يونيه من عام 2011.
6- إن شعار مؤتمرنا اليوم : حماية الأطفال من عمل الأطفال أثناء الصراعات والكوارث لا ينبغي له أن يكون حبرا على ورق أو توصيات تحفظ في المجلدات لا بل يستدعي من ممثلي الحكومات وأصحاب العمل الى الالتزام بالاتفاقيات ذات الصلة لا سيما أن قضية العمل الجبري وخصوصا فيما يعني عمل الأطفال يستدعي مراجعة وتطويرا للاتفاقية رقم7:  اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن الحد الأدنى للسن (العمل الجبري)، 1920 عبر إدراج بنود إضافية تلزم الدول الأعضاء على سنّ تشريعات تنص على عقوبات زجرية بحق المخالفين لاحكامها بشكل لا يحتمل التأويل وبما يتناسب مع التفعيل المجدي   لاتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن أسوا أشكال عمل الأطفال، 1999 علما أن وجود 264 مليون طفل عامل في العالم، يعمل كثير منهم بدوام كامل وفي ظروف بائسة وخطيرة أمر لا يجوز للانسانية غض النظر عنه سيما اذا ما علمنا ان أكثر من نصفهم يعمل في بيئات خطرة أو يعاني من الاستعباد وغيره من أشكال العمل الجبري والأنشطة غير المشروعة بما في ذلك تهريب المخدرات والدعارة، وكذلك التورط في النزاعات المسلحة
7- يتمنى العمال أن يستبشروا خيرا من النسخة الجديدة من تقرير "الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم – اتجاهات المرأة 2017" الذي نأمل أن تجني مجتمعاتنا الفوائد الاقتصادية الكبيرة منه نتيجة لردم الفجوات الكبيرة بين الجنسين سيما أن شعار قمة عالم العمل لهذا العام هو "المرأة في عالم العمل" وما هو إلا مناسبة لدفع الحكومات وأصحاب العمل الى إيلاء هذه القضية المركزية العناية القصوى .
8- إن هجرة اليد العاملة وتحدي الحوكمة قضية تستدعي التوقف عندها خاصة في بلادنا حيث أن هجرة الشباب أصبحت السمة الأبرز في مجتمعاتنا في ظل  الركود والانكماش اللذين يتحكمان بالسوق اللبنانية ،واللبنانيون عالقون في أتون الأزمة المعيشية الراهنة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية،لا سيما ال 23% من اللبنانيين الذين أضحوا تحت خط الفقر، وال 25 % العاطلين عن العمل ،و حملة الشهادات الذين تضطر عائلاتهم الى توديعهم للعمل في الخارج، ناهيك عن فقدان الرواتب لقيمتها الشرائية والحد الأدنى للأجور الذي أضحى مخالفا لنصوص قانون العمل والاتفاقيات الدولية من حيث كفايته لسد حاجات المواطن الأساسية ،
9- إن مسألة الصحة والسلامة المهنية تستدعي تضافر القوى العالمية من أجل وضع أسس تطبيقية لمعايير الصحة والسلامة المهنية في شتى الأعمال لا سيما البناء والمناجم والزراعة ومراعاة أحكام الاتفاقية رقم 155:   اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن السلامة والصحة المهنيتين، 1981 ، و التوصيات ذات الصلة وعلى وجه الخصوص توصيات منظمة العمل الدولية بشأن قائمة الأمراض المهنية وتسجيل الحوادث والأمراض المهنية والإخطار بها، 2002 ذات الرقم 194 و 195 و 198 التي تتعلق بشأن الإطار الترويجي للسلامة والصحة المهنيتين، 2006.
10- إن المراجعة المحتملة للتوصية رقم 71 لعام 1944 بشأن تنظيم العمال في الانتقال من الحرب إلى السلم في ظل ازدياد اهتمام المجتمع الدولي بفرص العمل والعمل اللائق في الدول الهشة والمتأثرة بالصراع هو أمر ملحّ إنما يقتضي أن تتم هذه المراجعة في إطار إقرار مبادئ تطبيقية لهذه التوصية أو نقلها من حيز التوصية الى حيز الاتفاقية الملزمة للموقعين عليها ما سيكون له أثر على تخفيف الصراعات في المناطق التي تثور فيها النزاعات المسلحة او التي يمارس فيها الارهابيون التكفيريون أنشطتهم المعادية   .
وفي النهاية أيها السادة ، إن مبادئ :
• دعم العمل اللائق والنمو المستدام والانتعاش
• إرساء أنظمة حماية اجتماعية ملائمة وحماية الأفراد
• تعزيز معايير العمل الدولية وحقوق العمّال
• تعزيز الحوار الاجتماعي والتكوين الثلاثي
• تعزيز استدامة المشاريع من أجل استحداث فرص العمل والمحافظة عليها
هي نواة لدساتير العدالة الاجتماعية والسلم والأمن الدوليين ، أدعوكم لجعلها نهجا للحياة ينتهجه العمال وأصحاب العمل والحكومات من اجل غد أفضل لجميع مجتمعاتنا .