مواقف صادرة عن الأتحاد

  كلمة أمين عام الاتحاد الدولي ورئيس الاتحاد العمالي في جنيف  

 
6/14/2016

كلمة الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب
ورئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان السيد غسان غصن
خلال انعقاد مؤتمر العمل الدولي (الدورة 105)
جنيف – 30 أيار (مايو) – 11 حزيران (يونيو) 2016

السيد رئيس المؤتمر،
سعادة المدير العام لمنظمة العمل الدولية غاي رايدر،
السيدات والسادة الوزراء ورؤساء وأعضاء الوفود المشاركة،
السيدات والسادة أعضاء المنظمات الدولية والجهات المراقبة،
أيها الحفل الكريم....

لا يسعُني في مقدِمة مناقشة تقرير سعادة المدير العام لمنظمة العمل الدولية السيد " غاي رايدر" إلا أن أُثني على الجهد الكبير الذي بذلَهُ مع فريق عمل الباحثين في مكاتب المنظمة خصوصاً تجاه المواضيع الشائكة والبالغةِ الدِقة التي تَشغل عالم العمل التي تُشكّل الحيّز الأساس في إقتصاد عالم اليوم ومستقبلِه القريب والبعيد.
بدءاً من إعلان منظمة العمل الدولية بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادِلة، ومبادرة مستقبل العمل التي اُطلِقت مُؤخراً وإدراج العمل اللائق كهدف عالمي شمولي في برنامج التنمية المستدامة للعام 2030 مروراً بسلاسل التوريد والعمل اللائق من أجل السلام والأمن والقدرة على مواجهة الكوارث، وصولاً إلى التقارير المطروحة الخاصة بالفقر والبطالة، فضلاً عن التقرير المُتعلّق بممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة من فلسطين إلى الجولان السوري وتلال شبعا ومزارع كفرشوبا في جنوب لبنان.
حيثُ يُبيّن تقرير بعثة منظمة العمل الدولية انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وفداحة مُمارساته المتمثلة بقتل العمال العرب وإهانتهم وإذلالِهِم على المعابر فضلاً عن غطرستِهِ وسرقة سماسرتِهِ جزءاً من أجور العمال واستغلال النساء والأطفال.
ما تُشكِل هذه الممارسات من وجهة نظرِنا، مظهراً من مظاهر إرهاب الدولة التي تُوازي الإرهاب الذي تمارسُه الجماعات التكفيرية التي تجتاحْ دولَنا العربية لا سيما في سوريا ولبنان ومصر والعراق حيثُ تقصف المواطنين الآمنين وتفجر بالسيارات المفخّخة والأحزمة الناسفة العمال الساعين إلى رزقِهِم والتلامذة القاصدين المدارس ودُور التعليم.
وتتمدد أذرعة خلاياها الظلامية إلى مختلف دول العالم وليس آخرَها جرائمَها الجماعية في العاصمة الفرنسية وتفجيراتِها الإرهابية في بروكسل عاصمة الإتحاد الأوروبي ما يثير الرعب والهلع في كافة أرجاء المعمورة.

السيدات والسادة ....
هذا الإرهاب ما كانَ لِينمو ويتفشى لولا مستنقعات البطالة وبُؤر الفقر التي تُولّد الكراهية والحقد والتطرف، التي أشار اليها تقرير المدير العام لافتاً الى توقّع زيادة أعداد العاطلين عن العمل الى ما يقارب 200 مليون انسان مع نهاية هذا العام، وبلوغ عدد الذين يعيشون تحت سقف الفقر مليارَيْن ونصف المليار منهم 327 مليون عاملاً وفقاً لإحصاءات منظمة العمل الدولية.
هذا ما دفعَ بالمنظمة إلى وضع الرؤية واعداد البرامج وتحديد الأهداف للعقد القادم فتناولت برنامج العمل اللائق خصوصاً في سلاسل التوريد العالمية ورصدت الاتجاهات المختلفة الإنتاجية والتجارية والاستثمارية. وحجم العمالة الغير المنظمة التي تزداد إنخراطاً في سلاسل التوريد، وضرورة تفكيك الاشتباك بين التطور الاقتصادي والتطوير الاجتماعي، ووجوب الأخذ بملاحظات المدير العام حول عمالة الأطفال والنساء وتدنّي الأجور والغرض منها تعظيم الأرباح من خلال نقل مؤسسات التوريد إلى دول العالم الثالث واستخدام اليد العاملة الرخيصة الأجر حيث بلغت نسبة العاملين فيها في القطاع الغير المنظّم 91% يعملون دون أيّ حماية اجتماعية.
وإذا كانَ صحيحاً بأنّ سلاسل التوريد قد أسهمت بإيجاد فرص عمل جديدة غيرَ أنّها أسهمت بما أسماه المدير العام في تقريرِه " السباق نحو الأسفل".
السيدات والسادة....
لقد أمسى الاقتصاد العالمي اليوم في قبضة الشركات العابرة للقارات ما أفقد الكثير من بلدان العالم السيادة على أرضها والسيطرة على اقتصادِها وهو ما أدى إلى المزيد من الاضطرابات الاجتماعية والمخاطر الأمنية، حيث بات السلم الأهلي مهدّداً في كلِ مكان.
أيها الحفل الكريم، نحن اليوم أشدَّ إلحاحاً من أيِ وقتٍ مضى للدعوة إلى حوار اجتماعي ثلاثي الأطراف هو أقصر الطرق للتصدي لمشكلاتنا الاقتصادية درئاً من انفجارٍ اجتماعي لا تُحمد عقباه.
إنّ عالماً يشيحُ النظر عن ارتفاع معدلات البطالة ويطمر الرأس عن رؤية ازدياد نِسب الفقر، عالماً لا يسعى إلى العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة، واقتصاداً ينمو على حساب التنمية الاجتماعية، وسلاسل توريدٍ تسعى إلى جنيِ الربح الوفير وتكريسِ الأموال على حساب عرق العمال وتعبِهِم، عالماً لا يقيمُ وزناً للعمل اللائق والأجر العادل ويُمارس أسوأ أشكال عمل الأطفال، عالماً دون معاييرٍ تضمن الحقوق والحريّات النقابية، هو عالمٌ لا يمكن أن يُحقّق العدل ويضمن الاستقرار ويدرك السلام الذي تسعى إليه منظمة العمل الدولية.

السيدات والسادة ...
من هنا وإنطلاقاً مما تقدّم، نحن في الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب الذي من صلبه الاتحاد العمالي العام في لبنان عقدنا العزم ورصَصْنا الصف وصوّبنا البوصَلة وحدّدنا الأهداف، فأقمنا مؤتمرنا الثالث عشر في منتصف شهر مايو المنصرم من هذا العام في مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية بحضور منظمة العمل العربية والاتحاد العالمي ومنظمة الوحدة النقابية الأفريقية ومنظمات نقابية دولية، وحضور إعلامي كثيف ليشهدوا على شفافيةِ انتخابات الأمين العام وديمقراطيتها وهي انطلاقة جديدة لعلاقاتٍ أراها رصينة وقوية مع منظماتٍ ذات أهدافٍ مشتركة وعلى رأسِها منظمة العمل الدولية والالتفاف حول هذه الأهداف الواضحةِ التوجّه في السعي من أجل العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وفقاً لمعايير ومبادئ منظمة العمل الدولية وأهدافَها السامية وانتصاراً للحقوق والحريات النقابية والحق بالتنظيم على أسس الديمقراطية والاستقلال.
والتعاون مع هذه المنظمة الواسعة الرؤية الغنية بالأفكار التي تخدم البشرية وتُحقّق العدالة والمساواة في عالمٍ تعجُّ به المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي انعكست على عالم العمل فزادَتَهُ ضيقاً وألماً، ما دفعنا لإسترجاع الدور الريادي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب من أجل تحقيق تطلّعاتِه الوطنية والقومية وتقوية تلاحُم عمالِهِ في الكفاح من أجل مواجهة الأخطار المهدِّدة لأهدافِهِم وطموحاتِهِم المستقبلية ووضع الحجر الأساس لوحدة الأمة العربية إنطلاقاً من وحدة الحركة النقابية وإيمانها المطلق بتحرّر الإنسان من الهيمنة الإمبريالية النيوليبرالية بكافة مظاهرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وتحرير الأراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان السوري وجنوب لبنان، ومواجهة القوى الظلامية الإرهابية التكفيرية الطارئة على مجتمعنا والغريبة عن حضارتِنا وأديانِنا السمحاء، دواعش الهمجية والملطّخة أياديهم بجرائم ضدّ الإنسانية. والنضال من أجل وطن تسودُهُ الحرية وينعم بالديمقراطية لتنكفِئ عنه الحروب التي تستهدف أمنَهُ واستقرارَهُ وازدهارَهُ وثرواتِهِ، فيعمّ السلام في أرضِهِ ويعود نازحيه ومهجّريه إلى بلدِهِم في سوريا والعراق واللاجئين إلى فلسطين حرّة سيّدة مستقلة.
السيدات والسادة ...
إنني ومن موقعي أميناً عاماً للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، أفتح الذراع لكل الشركاء الاجتماعيين الذين تجمعنا معهم قضايا ومبادئ وأهداف مشتركة تحت مظلّة منظمة العمل الدولية من أجل العدالة والسلام.    شكراً
أمين عام الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب
ورئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان
غســان غصــن